ترامب وبايدن... أيهما المفضل لتركيا؟

تحدد نتيجة الانتخابات الأمريكية مستوى العلاقات بين تركيا وأمريكا في المرحلة المقبلة والتي بات يغلب عليها

التوتر والتأزم على أرضية مضطربة سمتها العامة تراجع مستوى الثقة بين الشريكين الاستراتيجيين خاصة بعد تعنت الرئيس التركي أردوغان، واستمراره في سياسته الاستفزازية التي ينتهجها في المنطقة، والتي تسببت في الصراعات الداخلية في بعض دول الإقليم مثل سورية والعراق، والمواقف تجاه ليبيا، وأزمة أرمينيا وأذربيجان، والقضية القبرصية وشرق المتوسط.
واشنطن ليست راضية عن توجهات السياسة الخارجية التركية في السنوات الأخيرة، وخصوصاً بعد قضية القس الأمريكي أندرو برانسون، والعملية العسكرية التركية في شمال شرق سورية ضد الوحدات الكردية المسلحة، بالإضافة إلى العلاقات المتنامية مع روسيا، والتي وصلت الى حد تنفيذ مشاريع طاقة عملاقة وشراء منظومة إس400 الدفاعية، كل ذلك أوصل واشنطن وأنقرة إلى حدود القطيعة، مع تهديدات بفرض عقوبات على الأخيرة في إطار قانون كاتسا (مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات).
وقد «فرمل» الرئيس ترامب، بسبب العلاقة الشخصية التي تربطه بالرئيس التركي، مسار العقوبات على أنقرة، ونسق معها في أكثر من محطة، وخصوصاً ما يتعلق بالملف السوري، فضلاً عن أنه أعطى الحق لتركيا في شراء المنظومة الروسية محملاً إدارة أوباما مسؤولية ذلك.
وتمر هذه العلاقات بمرحلة حساسة إذ يعلو التذمر من قبل تركيا حول كيفية إدارة بايدن لهذه العلاقات، الذي قام بمهاجمة الرئيس التركي، ودعا إلى التعاون مع المعارضة التركية لإسقاطه، كما انتقد بايدن خلال عمليته الانتخابية مواقف عدة، منها معارضة العمليات العسكرية التركية في سورية، ووصف الاتفاق بين ترامب وأردوغان في إعطاء تركيا منطقة آمنة، على أنه خيانة للأكراد ولحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، ولم يرضَ بايدن عن سياسة تركيا وأنشطتها المتبعة بالتنقيب عن الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، وشدد على التعاون مع الدول المتحالفة في شرق المتوسط وضرورة عزل تركيا، وأقر بضرورة الاعتراف الأمريكي بالإبادة الجماعية للأرمن.
ويبدو من كل ما سبق أن أنقرة تفضل بقاء ترامب في البيت الأبيض، وأن وصول بايدن للرئاسة ينذر بأزمة متوقعة للعلاقات بين البلدين، وقد يكون ذلك صحيحاً لكنه ليس دقيقاً بالكامل.
في الواقع لا يوجد اختلاف بين الرئيس الأمريكي الحالي ترامب والمرشح بايدن في ما يتعلق بتقويض السياسة التركية التي أصبحت تهدد المصالح الأمريكية، فمن المعروف أن الرئيس الأمريكي ترامب في حال فوزه بفترة ثانية لن يكون أكثر جرأة من الفترة الأولى تجاه حسمه للملفات، وبالنسبة للمرشح الديمقراطي بايدن، فقد أعلن بصورة واضحة عن إستراتيجيته لمواجهة تركيا، وتغيير النظام السياسي الحاكم هناك، حتى إن البعض أطلق عليه اسم مرشح المعارضة التركية.
من يتابع الأحداث، وخاصةً تلك المحسوبة على «البيت الأبيض»، سيجد الكثير من الدلالات التي تشير إلى إنه لا توجد ثمة اختلافات كبيرة بين ترامب وبايدن حول إدارة العلاقات مع تركيا، فكليهما سيسعى إلى انتهاج سياسة أكثر مواجهة مع أنقرة على عكس ما كانت عليه سياسة الولايات المتحدة سابقاً.
وأختم مقالي بالتساؤل التالي : هل ينتهي التحالف التقليدي بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا في ظل الأوضاع الراهنة؟ إن التحالف بين أنقرة وواشنطن يقوم دائماً وبغض النظر عن أي شيء على المصالح المشتركة، وبالتالي فإن بقاء شهر العسل بين أمريكا وتركيا ، لن ينتهي قريباً طالما بقيت هذه الدول على علاقة جيدة مع إسرائيل ولا أظن إن هذا التحالف سيتلاشى طالما بقيت هذه المنطقة المصدر الأساس للطاقة والاقتصاد والنفط، لذلك فأن العلاقات مرشحة للبقاء على حالها، توترات وأزمات وتأرجح على أرضية من تراجع الثقة، وتعويل على المصالح المشتركة خاصة أن تركيا تعتبر الحليف الرئيسي لها في المنطقة وبينها وبين أمريكا اتفاقيات عسكرية وثيقة.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115