عن أي من إنجازاتها التي تهم المواطن العربي وتنير له طريق الأمل؟ وإذا لم تعد على قيد الحياة، فلم تنفق الدول العربية ملايين الدولارات من أموال العرب سنوياً على شيء وجوده لعدمه؟
في هذا الأمر رصد المراقبون العديد من المؤشرات التي تشير إلى أنه بمجرد إخراج سورية من جامعة الدول العربية أصبحت الجامعة في حكم الميت الذي ينتظر إجراءات الدفن، فتعليق عضوية سورية في جامعة الدول في نوفمبر 2011 كان بمثابة نقطة تحول في تاريخ الجامعة، والصدمة التي اعتبرها مراقبون خطوة تخلو من الدبلوماسية، وذلك بعد محاولات مضنية للحل في سورية.
على خلفية التطبيع بين الإمارات والكيان الصهيوني فتحت زعيمة حزب العمال في الجزائر لويزة حنون النار على الجامعة العربية، وقالت «أنه لم يعد ينفع الجزائر البقاء في عضوية الجامعة العربية، وأضافت «هذا سيفرض على الوفد الجزائري التنازل عن الموقف الجزائري الثابت لمستويات لا تشرفنا»، وأنه « لا معنى للوحدة العربية على حساب المبادئ على حساب القضية الفلسطينية، مؤكدة «نحن نريد وحدة مع الشعوب المقاومة».
على خط مواز، أكد محمد العماري الناطق باسم قيادة حزب جبهة التحرير الوطني إن الاتفاق الإماراتي «الإسرائيلي» «غدر مكتمل الأوصاف وخيانة بكل ما تحمله الكلمة من مضامين».،واعتبره طعنة غدر في ظهر القضية الفلسطينية و استمرار في مسار خيانة بعض الدول وبعض المؤسسات منها جامعة الدول العربية التي لم تجرؤ على مجرد الاجتماع والتنديد بهذا القرار.
ما يثير الشفقة على هذه الجامعة ويخلق الإستياء في نفوس الشعوب العربية هي المواقف القوية والداعمة من قبل دول أمريكا اللاتينية شعوباً وحكاماً لأهل فلسطين وغزة بينما تتقازم المواقف لزعماء العرب ويغوص بعضها في وحل دعم وتأييد وخدمة عدو العرب الأول «الكيان الصهيوني» وبشكل مكشوف ومن دون إستحياء أو ضمير والدم الفلسطيني يروي أرضها و«إسرائيل» تفعل كل ما تريد في أرض فلسطين المحتلة والعرب يتفرجون ولا يدينون أو يشجبون كما كانوا يفعلون سابقاً، يكاد ينحصر نشاطهم في ندوات ورحلات وتصريحات خجولة وبيانات ضعيفة.
أقول هنا إنه علينا اليوم تغيير المعادلة في المنطقة لأننا نقف أمام حقيقة واقعية وهي ما يحصل اليوم من تطبيع بعض الدول العربية مع «إسرائيل» هو محاولة فرض سياسة أمر الواقع الإسرائيلي على المنطقة، وإن ما يحاك للمنطقة أكبر بكثير من مسألة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، و عندما نرى من هم الذين يطالبون بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية نعرف ما يدبر ضد سورية والجزائر وغيرها من دول المقاومة كمقدمة لإدخال المنطقة في بيت الطاعة «الإسرائيلية» وإنهاء القضية الفلسطينية والمقاومة في لبنان.
وهنا اعتقد في وجود رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الجزائرية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن الجزائر المؤثرة في الإقليم، هي الجزائر التي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة كما توجد رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سوريا في كل الأوقات وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازناً جديداً في المنطقة وأن يحدث تغييراً مهماً في معادلة إدارة الصراعات، وعاملاً أساسياً في قيادة الدفة العربية مع نهوض سورية من جديد ، وإنطلاقاً من ذلك تبقى الجزائر دوماً الأقرب إلى سورية، والأقدر على فهم ما يجري فيها، انطلاقا من تجربتها التاريخية في النضال من أجل التحرر وحماية وإستقلالية القرار السياسي والوطني فيها.
إن أجيالنا القادمة لا تحتاج بكل تأكيد إلى جامعة الدول العربية في شكلها ووضعها الراكد الحالي، بل جامعة دول تكون قادرة على إيقاف بعض الدول العربية عن الخلافات وإدارة الصراعات والعنف والقتل الحاصل والممول عربياً، نظراً لوضع العرب المنهار الناتج عن الصراع العربي - العربي والتدخل الخارجي وخصوصاً الإقليمي في شؤون بعض دول المنطقة.