القضية الفلسطينية: في ثنايا القانون الدولي

قبل البدء بالحديث عن القانون الدولي في دعمه للقضية الفلسطينية هناك ملاحظتان هامتان يجب الإشارة إليهما، وهما:الأولى:

بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وسطوع نجمها على الساحة الدولية واعتمادها من قبل الأمم المتحدة ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني، أبدت المنظمة تفهما أكبر لدور القانون الدولي المعاصر.

الثانية: اختلفت مقاربة منظمة التحرير الفلسطينية للقانون الدولي في بداية التسعينات عند توقيع اتفاقية أوسلو، فبعد اعتماده أداة لاكتساب شرعية على المستوى الدولي، لم يكن هناك اهتمام كاف بالقانون الدولي في سياق المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية.كما هو معلوم أحيلت المسالة الفلسطينية لهيئة الأمم المتحدة في (افريل) عام 1947م، وعقدت أول دورة خاصة للجمعية العامة لدى هيئة الأمم المتحدة من اجل مناقشة القضية الفلسطينية، فاتخذت قرارا في 15 (ماي)1947 بتشكيل لجنة خاصة لدراسة الوضع محليا وصياغة توصيات تهدف إلى استقرار الموقف في فلسطين.

وامتنع آنذاك الاتحاد السوفيتي عن التصويت على مشروع هذا القرار، لأنه لم يتضمن إشارة إلى مسالة منح الاستقلال والسيادة الوطنية لفلسطين.

واقترحت اللجنة الخاصة لدى الأمم المتحدة إحدى صيغتين لحل المسالة الفلسطينية: تقسيم فلسطين إلى دولتين وطنيتين مستقلتين (عربية ويهودية) أو تأسيس دولة فيدرالية واحدة. وفي 29 تشرين الثاني (نوفمبر)1947م، اتخذت الجمعية العامة القرار 181/2 الذي نص على إنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، وتقسيمها إلى دولتين، مع الحفاظ على اتحاد اقتصادي بينهما وتحويل القدس بضواحيها إلى وحدة إقليمية مستقلة ذات طابع دولي خاص.

وفي 15 ماي 1948 أعلن عن قيام كيان ‘’إسرائيل’’. وكانت عدة دول عربية رافضة لقرار التقسيم قد أعلنت الحرب عام 1948 - 1949, وتمكنت إسرائيل من إلحاق 6,6 ألاف كيلومتر مربع من الأراضي التي خصصت للدولة العربية وكذلك القسم الغربي من القدس. واضطرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى النظر خصيصا في هذا الجانب من المسالة الفلسطينية، واتخاذ القرار رقم 194/ 3سنة 1948, وهو القرار الذي أكد على حق الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم، والى حياة الوئام مع جيرانهم، أو الحصول على التعويض اللازم من أموالهم المضيعة.

وفي 22 نوفمبر 1967 اتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم (242) الذي كان يراد له أن يغدو أساسا لتسوية النزاع في الشرق الأوسط.وفي عام 1969 اعترفت الجمعية العامة في قرارها رقم (2535) ب بالجوانب السياسية للقضية الفلسطينية.وتجدر الإشارة بان المادة (55) من ميثاق الأمم المتحدة تعتبر تقرير المصير واحدا من أسس العلاقات السلمية الودية بين الأمم. والأكثر من ذلك أن الميثاق يشير إلى المبررات الشرعية لاستخدام الشعوب التابعة كل الوسائل، بما فيها قوة السلاح، لإحقاق حقها المشروع في تقرير المصير.في عام 1973 اقر مجلس الأمن بالإجماع المشروع السوفيتي- الأمريكي المشترك للقرار 338 الذي تضمن، بالإضافة إلى أحكام وقف إطلاق النار، دعوة إلى الأطراف المتنازعة للشروع فورا في مفاوضات تحت إشراف مناسب لإحلال السلام الوطيد العادل في الشرق الأوسط.

وأثناء عمل الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة 1974 اتخذ قرار تقدمت بمشروعه (72) دولة من بلدان عدم الانحياز والدول الاشتراكية وجاء فيه أن الجمعية العامة اعتقادا منها بان الشعب الفلسطيني هو الجانب الرئيسي في المسالة الفلسطينية، قد دعت منظمة التحرير الفلسطينية بوصفها ممثلا للشعب الفلسطيني إلى المشاركة في مناقشة المسالة الفلسطينية في الجلسات العامة للجمعية العامة.

أما في الدورة العادية الثلاثين 1975 فقد قررت الجمعية العامة دعوة منظمة التحرير الفلسطينية للمشاركة في المؤتمرات على قدم المساواة مع سائر المشاركين فيها.وفي عام 1975 تشكلت بناء على قرار من الجمعية العامة لجنة حقوق الشعب الفلسطيني( لجنة إلى 23) التي وضعت برنامجا تفصيليا لتطبيق حق الفلسطينيين في تقرير المصير.إن القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة في 1974-1976م، تشكل أساسا متينا من القانون الدولي لحل القضية الفلسطينية حلا عادلا. ومع أن قرارات هيئة الأمم المتحدة كثيرة بخصوص القضية الفلسطينية، فقد ذكرنا بعض القرارات فقط للذكر لا للحصر.

وعلى ضوء ما ذكر أعلاه ، ارتبطت القضية الفلسطينية بالأمم المتحدة من خلال القرارات التي اتخذتها هيئاتها ووكالاتها المختلفة ، ومن خلال الدور الجوهري والمقدر لوكالة غوث اللاجئين «أونروا» التي تجسد المسؤولية الدولية تجاه محنة اللاجئين الفلسطينيين ، ضحايا النكبة التي وقعت عام 1948.ونحن كفلسطينيين نطمح ونسعى إلى دور أكبر وأكثر حضوراً وفعالية للأمم المتحدة في العمل من أجل تحقيق سلام عادل وشامل في منطقتنا ، يضمن الحقوق الوطنية الثابتة والمشروعة للشعب الفلسطيني كما حددتها قرارات الشرعية الدولية ممثلة في هيئة الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي الإنساني .

إذن، يعترف القانون الدولي المعاصر من خلال أحكامه بان القضية الفلسطينية هي الأساسية في النزاع العربي - الإسرائيلي وبان منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني الذي يتمتع بالحق الكامل في تمثيل هذا الشعب والمساهمة على قدم المساواة وبصورة مستقلة - وفقا للقانون الدولي في كل المؤتمرات والنشاطات الدولية التي تتلخص أهدافها في ضمان احترام حقوق الشعب الفلسطيني وممارسته هذه الحقوق.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115