الذي عانى على مدار عقود طويلة، من قمع صهيوني واغتصاب الاحتلال الإسرائيلي لبلاده. وفي ظل حالة الانقسام التي يشهدها العالم العربي بصفة عامة، والشعب الفلسطيني بصفة خاصة، هل توّحد علاقات التطبيع والصفقات المشبوهة فصائل الشعب الفلسطيني؟ خيارات كثيرة أمام فصائل المقاومة للدفاع عن فلسطين، فإما التوحد، وإلا الاستمرار في الانقسام، فالأيام القادمة قد تحمل الكثير.
وضمن سياسات الكيان التطبيعية مع دول الخليج، تكافح مبادرات شعبية فلسطينية- عربية منذ اللحظة الأولى للإعلان رسمياً عن التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، بل وقبل ذلك بكثير، لمقاومة هذا المد بشكل حاسم، لا فقط الخطوة الإماراتية الأخيرة فحسب، بل فكرة التطبيع عموماً مع «إسرائيل»،انطلاقاً من قناعة تقول بأن هذا المسار لا يصب في مصلحة القضية الفلسطينية.
في المقابل، هناك بفلسطين مقاومة على أشدها لمواجهة التطبيع مع الكيان، وهناك تحركات وفعاليات تشرف على مقاطعة (إسرائيل) لوقف استقبال الوفود الصهيونية ووقف المشاركة في نشاطات رياضية وفكرية وثقافية، بذلك أثبت أبناء الشعب الفلسطيني أن وحدتهم الوطنية بين جميع الفصائل والقوى الوطنية هي الحل الأمثل لوقف المخططات الإسرائيلية والأمريكية الرامية إلى تفتيت أبناء الوطن الواحد وتقسيم الأرض لتضييع الحق الفلسطيني في الأرض وإسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
«طعنة في ظهر للشعب الفلسطيني» رسالة أعلن من خلالها الفلسطينيون رفضهم لتطبيع العلاقات رسمياً بين «إسرائيل» والإمارات، وترافق ذلك مع حراك سياسي برز من خلال إعلان قادة كبار في منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة التحرير الوطني «فتح» التي يتزعمها الرئيس محمود عباس، عن رفضهم للاتفاق، كما نددت فصائل فلسطينية بارزة، كحركتي المقاومة الإسلامية «حماس»، والجهاد الإسلامي بالاتفاق، وأكدوا أن اتفاق الإمارات مع إسرائيل، هو تخلٍ منها عن الواجب القومي والديني والإنساني تجاه القضية الفلسطينية.
على خط مواز، يعتبر إعلان الرئيس ترامب عن تطبيع العلاقات العربية- الاسرائيلية مسألة خطيرة، لها أبعادها وتداعياتها الكبرى، ستتضح خلال الفترة القادمة .وهذه الخطوة تؤكد الانحياز التام للكيان الصهيوني الإرهابي، وإرضاء كامل لجماعات الضغط اليهودية ومحاولة لتنفيذ أحد وعوده الانتخابية بعد أن اهتزت مكانته سياسياً داخل البيت الأبيض، وفي الوقت نفسه فإن هذا الإعلان الأمريكي سيحول القدس وساحات الأقصى والأرض الفلسطينية إلى ساحات غضب شعبي عارم وجارف تحت أقدام الصهاينة المحتلين، وهذا سيشعل دون أدنى شك الأجواء لا في القدس فحسب وإنما في معظم الدول العربية، بل قد يشجع هذه الدول على نسيان خلافاتها الداخلية، والانضمام إلى العمليات القتالية ضدّ «إسرائيل».
وهنا لابد أن نقر، إن مقاومة التطبيع مع «إسرائيل» تتطلب توفر الإرادة السياسية و قرارات فعلية تبدأ من الحكومات العربية وبشكل خاص البرلمانات العربية، التي تتحمل المسؤولية في مواجهة التطبيع وهذا يتطلب من القوى الشعبية بكافة أشكالها الضغط على النظام السياسي في الوطن العربي بوقف كافة أشكال التطبيع مع «إسرائيل» من خلال سلسلة من الإجراءات العملية التي تبدأ برفض كل أشكال التطبيع و إلغاء كافة الاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي.
إن الجانبين العربي والفلسطيني يدركان أن « إسرائيل» منفردة هي المستفيد الوحيد من الاتفاقيات والتطبيع ،وأن الأوضاع الاقتصادية والمديونية والتضخم وغياب التضامن العربي المشترك جرّاء نتائج التطبيع مع «إسرائيل» لذلك يجب على النظام العربي الرسمي أن يدرك أن ما يحدث من فوضى وإرهاب صناعة «إسرائيلية» بامتياز، فالذي يحدث في سورية و العراق وليبيا واليمن ومصر من قتل وتدمير هي من سياساتها الإرهابية ، وهي صاحبة اليد الطولي في دعم الجماعات الإرهابية التكفيرية في أرجاء الوطن العربي، و انطلاقاً من ذلك فإن وقف كل أشكال التطبيع مع «إسرائيل» يشكل حماية للأمن الوطني والأمن القومي العربي.
نحتاج الآن بناء جبهة من الجماهير الشعبية العربية وانتخابات برلمانية من شخصيات وطنية ترفض كافة أشكال التطبيع مع العدو «الإسرائيلي»، وأن تتكاتف جميع جهود الشعب الفلسطيني لإعادة الوحدة الوطنية ورأب الصدع والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات، فتكاتف فصائل المقاومة في فلسطين بمثابة سدّ منيع في مواجهة تنفيذ مخططات الكيان الإسرائيلي المشؤومة.