مثقفون وأكاديميون وديبلوماسيون تونسيون وعرب يعلنون عن رفض التطبيع ويؤكدون على التمسك بالحق الفلسطيني

أكد مثقفون وأكاديميون ودبلوماسيون تونسيون وعرب على تمسكهم بالحق الفلسطيني الذي لا يسقط بالتقادم. وذلك في ندوة علمية نظمتها «التنسيقية التونسية الفلسطينية»

ومنتدى ابن رشد للدراسات وسفارة دولة فلسطين لدى الجمهورية التونسية، بمشاركة أحزاب ومنظمات من المجتمع المدني ومفكرين ومؤرخين . وفي هذا السياق، قال المؤرخ عبد الجليل التميمي مدير مركز «التميمي» للبحث العلمي والمعلومات بأن «رسالة التونسيين والتونسيات هي أننا موجودون على الساحة بالفكر والعمل دفاعا عن فلسطين»، مشيرا إلى إن «هناك حقائق يندى لها الجبين من بعض الدول العربية، ورغم ذلك نؤكد أن رؤيتنا وتفكيرنا لن يتغيرا تجاه فلسطين». وأعرب التميمي عن أمله بأن «يسعى التونسي الى ابلاغ رسالته للجميع»، وقال : «اجتمعنا اليوم لنقول للعالم إن هذه القضية تبقى ثابتة لدينا وهي قناعة لا يمكن ان تتغير».
كمال بن يونس الإعلامي ورئيس مركز ابن رشد للدراسات وممثل التنسيقية التونسية الفلسطينية للإعلام قال ان هذه التظاهرة ليست اجتماعا تقليديا بقدر ما هي محاولة لمواكبة حدث دولي سياسي عربي إقليمي له أبعاد اقتصادية وجيو استراتيجية ثقافية وربما انتخابية بالنسبة لترامب ونتيناهو . وتابع :«لا يمكن ان نفهم ما يحصل في حاضرنا من مخاطر دون الرجوع الى فهم أسبابها للخروج بآفاق وتوصيات نرتكز عليها لمجابهة هذه الأخطار وحماية الحق الفلسطيني».

مجابهة استراتيجية التجهيل والتفقير
وبيّن سفير دولة فلسطين في تونس هايل الفاهوم انه من الأهمية بمكان اكتشاف الوقائع الحقيقية في اطار التوازنات الإقليمية والدولية والأدوار المختلفة للأطراف لنتوسع فيها لاحقا في اطار استراتيجية نشر وعي كامل في مجتمعاتنا المغيبة عن كافة الحقائق الموضعية».
وأضاف : «لدينا في مجتمعاتنا طاقات كامنة هائلة لم نكتشفها في داخلها في اطار ما مورس علينا من استراتيجيات تجهيلنا بكافة حقائقنا الموضوعية الخاصة بماضينا وحاضرنا وتصورنا لمستقبلنا . فنحن نجهل كافة الوقائع ويزورها الآخر في اطار المرجعيات التي فرضها على عقولنا إضافة الى استراتيجيات التفقير والإحباط والتقسيم والافساد وصناعة الأعداء الوهميين فهذه المعادلة في غاية التعقيد ، اذا لم نعد لهذه التفاصيل في اطار قراءتها وتطويرها في مراكز موضوعية صامتة لا تعتمد على الظاهرة الصوتية والخطاب العالي الفارغ من المحتوى، انما في اطار العمل الهادئ لوصول الى تلك الحقائق والاستناد لتحصينا أمام هذه الفيروسات التي زرعت في مجتمعاتنا منذ عقود».
وقال :«ما وقع علينا خلال 70 سنة كشعب فلسطيني اقليميا ودوليا لو وقع على قارة مثل القارة الاوروبية -بكل عظمتها وحضارتها وقوتها- لتفتت وذابت وتبخرت من الجغرافيا الإنسانية».

كما أكد هائل الفاهوم على ضرورة توحيد فكرنا لمواجهة ما نتعرض له، وتطوير إمكانياتنا العربية استنادا إلى أن الحق الفلسطيني هو مرجعية الحقوق البشرية.
من جانبه، دعا الوزير السابق أحمد ونيس إلى مواجهة التقاء اليمين الإسرائيلي واليمين الأمريكي، مؤكدا أن من ينصر الحق في وقت الشدة ينال العزة والشرف. وركز على البعد الاتستراتيجيي للمتغيرات الحاصلة في المنطقة مؤكدا على ان هناك عالما جديدا يبنى .ومحاولة توريط دول المنطقة في مزيد من الحروب بالوكالة .
من جهته، قال الرئيس السابق للمجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر إن هناك استراتيجية لتقسيم الصف العربي وتغييب القضية الفلسطينية، مشيدا بقرار الرئيس محمود عباس والمتمثل في قطع العلاقات مع الجانب الإسرائيلي.
اما سامية المالكي وهي ناشطة في عدة جمعيات ومراكز دراسات عالمية حذرت من خطورة الدعاية الجديدة التي بدأت تنتشر لدى البعض واعتبار القضية شأنا داخليا فلسطينيا وان الأولى لكل دولة الانشغال بمشاكلها . مشيرة الى ان مقولة ان الفلسطينيين طبعوا فيها مغالطة كبيرة من أجل تسريع وتيرة التطبيع وتبريره .
وقالت ان هناك جزءا من الاعلام يسوق لهذه المغالطات . لذلك -حسب المالكي- يجب تكثيف الجهود لدحض كل هذه المغالطات لأن الأفكار تنتشر ثم تترسخ ثم تلبس لباس الحقيقة .

الحرب على الغاز
الدبلوماسي التونسي السابق في ليبيا والباحث في العلاقات الدولية بشير جويني
سلّط في مداخلته الضوء على دور غاز شرق المتوسط كمفتاح للسلم والحرب في المنطقة . مشيرا الى ان الطاقة كانت مدار حروب وغزو وصراعات مركزها الشرق الأوسط وما زالت. وأشار الى ان اكتشافات الغار تتوالى قبالة سواحل لبنان و«دولة» الاحتلال الإسرائيلي وان بحر الغاز الكامن في قعر المتوسط أصبح محركا للقوتين العسكرية والدبلوماسية في الإقليم. وتساءل الجويني عما اذا كان غاز المتوسط سيفجر الحرب ؟
وقال ان كل المحطات السابقة مرتبطة بأحداث كبيرة في الصراع على الغاز .وقال ان قضية فلسطين في قلب هذه الصراعات والأحداث في المنطقة . ولها دلالات مهمة في علاقة بفلسطين .

مخاطر صناعة الأعداء
أستاذ القانون والباحث في العلاقات الدولية إبراهيم الرفاعي تطرق في مداخلته الى البيان الثلاثي الأمريكي الاماراتي الصهيوني معتبرا انه يندرج في اطار المشروع الصهيوني . وقال ان البيان التطبيعي حلقة من سلسلة لها ما يسبقها وما يتبعها. وهذه الحلقة انما تزيد من الأزمات في العالم العربي وخلق الأعداء الوهميين مثل ايران وتركيا وإذا سقطنا بالفخ بالنسبة للإمارات سيكون الشعب الاماراتي عدوا وبذلك نخلق عدوا عربيا -عربيا وإسلاميا -إسلاميا و فلسطينيا -فلسطينيا. وهناك استثمار في البنية العميقة للمنطقة بإعادة صناعة الأعداء. ويضيف :«فاليوم تصنع الفتنة الكبرى بتطويراتها وأذرعها المختلفة ومن بينها هذا البيان الثلاثي الذي لا اعتبره تطبيعا وانما تتبيعا . وشدد الرفاعي على أنه لا يجب ان نسقط في فخ العداء ويجب التمييز بين الشعب الاماراتي المؤيد للحقوق الفلسطينية وبين السلط الرسمية المطبعة مع إسرائيل لمصالحها الشخصية» .
هاني مبارك الباحث والأكاديمي قال انه يجب ان نطرح ونبحث في أبعاد الخطوة الخطيرة التي أقدمت عليها الامارات وكيفية التصدي لمثل هذه الخطوات مستقبلا ولوضع حد لها، خاصة أننا إزاء إمكانية لحاق بعض الدول العربية بهذا الركب. وشدد على أهمية البحث في الآليات لوضع حد لهذا التدهور في علاقة مع القضية الفلسطينية وهذا الانبطاح العربي غير العادي. وتابع: «الآن نتساءل لماذا الامارات الآن وبعد غد سنقول لماذا البحرين الآن. والسؤال الأهم هو ما الذي يدفع بعض الدول العربية الى التطبيع مع «إسرائيل» وما الذي ستكسبه هذا ان صح ان لدينا دولا عربية. وشخصيا اعتبر ان لدينا سلط أقيمت من قبل المستعمر من أجل إدارة شؤونه بعد رحيل النظام الاستعماري. فلا بد من الرحيل المادي والبقاء معنويا عبر سلط بنيت على مقاس معين من أجل استمرار مصالح المستعمر».

أهم التوصيات
الأكاديمي التونسي المتخصص في الدراسات الصهيونية علي منجور قال ان «أهم توصية لإيقاف التطبيع ومواجهته هي الوعي، والوعي في البلدان الإسلامية عند القادة والشعب لا يأتي الا بالتثقيف ويجب معرفة ما هي إشكاليات اليوم والبحث في تاريخ الصهيونية التي أسست دولة الاحتلال في عملية خطيرة جدا»، مشددا على «ضرورة أن تكون هناك دراسات متواصلة لتكوين الوعي لدى الناشئة أيضا وتثبيت ثقافة المقاومة بالوعي والمعرفة التي تضع شعوب المنطقة على السكة الصحيحة».

وقد أكد المشاركون في التظاهرة العلمية على مجموعة من التوصيات أهمها

بان تكون تونس مركزا للتوثيق الفلسطيني ومركزا ينطلق منه مجددا الدعم للتعريف بالقضية الفلسطينية بكل اللغات. ودعوة الدول الى مناهضة التطبيع الرياضي والثقافي والفني وغيره . وحثّ المجتمع المدني ليلعب دورا مهما لدعم حقوق الشعب الفلسطيني . والتمسك بمرجعيات القمم العربية منها المبادرة العربية لسنة 2002 واعتبار ان الخطوات المنفردة لا تخدم جهود السلام والقضية الفلسطينية . كما تمّ التركيز على دور الاعلام في مزيد التعريف بالقضية الفلسطينية لدى الناشئة باعتبار ان الجهل بتاريخ الاحتلال الصهيوني وجرائمه والتطبيع النفسي معه وقبوله كوجود طبيعي في المنطقة سيكون مقدمة لكل أنواع التطبيع الأخرى الأكثر خطورة .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115