زيارة رئيس الوزراء العراقي إلى واشنطن: هل تعيد تشكيل العلاقات العراقية -الأمريكية ؟

بعد انتهاء الجلسة الأولى من الحوار الاستراتيجي الذي جرى في جوان الماضي بين بغداد وواشنطن، أعلن رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي أن القوات الأمريكية

ستنسحب من البلد وتغلق جميع قواعدها وفق جدول زمني محدد. وبعدها تتالت عمليات الانسحابات الامريكية من عدة قواعد عسكرية من أجل تقليص الوجود الأمريكي في العراق . وأتت هذه الخطوة بعد سلسلة هجمات استهدفت المصالح الأمريكية في هذا البلد .
وأثار هذا القرار آنذاك ردود فعل متباينة بين مرحب ومشكك في أهدافها خاصة وان الوجود الأمريكي في هذا البلد لم يجلب معه سوى الويلات والدمار بسبب تفشي الفوضى والإرهاب . وفي زيارة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الى واشنطن جرى التباحث حول أفق العلاقات بين البلدين وفق مبدإ الند للند مؤكدا في تصريحاته للمسؤولين الأمريكيين أن العراق دولة ذات سيادة والتعامل معه يكون وفق هذا المبدإ، مشددا على ضرورة تعزيز التعاون بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما في المجال الاقتصادي.

مرحلة جديدة؟
وقال الكاظمي ، خلال اجتماعه في مبنى الكونغرس الامريكي مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، إن «آفاق التعاون بين بغداد وواشنطن لا تقتصر على الجانب الأمني والعسكري فقط، بل تتعداه إلى مجالات متعددة تتضمن تأهيل وإعمار العراق، وبناء شراكات اقتصادية مع الولايات المتحدة الامريكية» .
وأضاف أن «الحوار الإستراتيجي بين الجانبين العراقي والأمريكي خلال زيارة وفد العراق إلى واشنطن، تمخض عن عدة نقاط مهمة، من شأنها أن تؤسس لمرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين البلدين».
اما الموقف الأمريكي فجاء على لسان رئيسة مجلس النواب التي قالت ان «الولايات المتحدة الأمريكية تدعم الحكومة العراقية الحالية، وتوجهاتها الوطنية، وأن العراق بلد مستقل ومهم في منطقة صعبة، وأن هناك إجماعا على دعم استقلالية حكومة العراق وتأهيل الدولة العراقية ودعم جهود العراق في الحرب ضد داعش».

جدولة الانسحاب
ويرى الباحث والمحلل السياسي نصيف الخصاف في حديثه لـ«المغرب»انه جرى الحديث في واشنطن خلال زيارة الكاظمي على جدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق خلال مدة ثلاث سنوات مع تعزيز الروابط بين الجانبين في مواضيع التدريب والاسناد الفني والاستخباري للقوات الأمنية العراقية، هذا الاتفاق يسحب البساط من تحت أقدام ما يعرف بـ»فصائل المقاومة» لانتفاء الحاجة الفعلية لـ«مقاومة الأمريكان» لوجود اتفاق على الإنسحاب دون أعمال تستهدف معسكراتهم ومراكز تواجدهم
ويضيف بالقول :«أرى على العكس من ذلك أن تزايد الهجمات على الأهداف الأمريكية بعد هذا الاتفاق قد يعرقل تنفيذه ولا يسرعه، لأنه سيفسر على أنه يتعلق بالخلاف الأمريكي الإيراني أكثر مما يفسر على أنه فعل»مقاومة» هدفه إخراج القوات الأمريكية من العراق، التي ستخرج عن طواعية في غضون ثلاث سنوات حسب الاتفاق». اما عن موقف الكاظمي فقد قال :«لا تستطيع لا حكومة الكاظمي ولاغيرها ان تطلب انسحابا أمريكيا سريعا من العراق، بدليل ان الحكومات السابقة لم تستطع ذلك لفشلها في بناء قوات مسلحة مهنية قادرة على مواجهة التحديات الأمنية التي يواجهها العراق من قبل تنظيم داعش والمجاميع المسلحة.
لكن هناك أطراف سياسية تريد احراج الكاظمي بهذا الطلب غير الواقعي للقول بأنها تنادي بإخراج «المحتل» الذي جلبهم إلى السلطة، والذي خرجت كل قواته سنة 2011، ثم عادت بطلب من رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي عندما دخل داعش الإرهابي إلى الموصل سنة 2014.

وضع صعب
وبين محدثنا أن الأوضاع في العراق سيئة نتيجة تراكمات كبيرة من الاخفاقات والفشل والفساد الذي ينخر الدولة، والذي ازداد صعوبة بسبب الأزمة المالية التي نتجت عن انخفاض اسعار النفط الذي يشكل المورد الأساسي ان لم يكن الوحيد لرفد موازنة العراق بالمال.
وقال ان معالجات تلك الأزمات غير العادية لا تعالج بحلول «عادية» كما يجري الآن. فمحاولات إصلاح واقع الكهرباء والخدمات لن يتم بذات الآليات التي كانت ولازالت متبعة من قبل الحكومات السابقة وحتى الحالية اذا استمرت تنتهج ذات النهج (منح الوزارات أموالا دون وجود خطة صرف وخطط معالجات للازمات الحادة) ستنفق الأموال لمشاريع ذات صدى اعلامي واسع لكنها في الحقيقة هراء مثل مذكرة التفاهم مع جنرال الكتريك ومذكرة التفاهم مع سيمنز اللتين ستكلفان الدولة ما يقرب من 30 مليار دولار ولكن أزمة الكهرباء لن تنتهي لعشر سنوات قادمة بينما يمكن أن تنتهي أزمة الكهرباء خلال مدة أقصاها سنتان بكلفة لاتتجاوز سبعة مليارات دولار لاغير، لكن المشكلة – حسب محدثتنا -هي الاعتماد على ذات الأشخاص الذين خلقوا الأزمة ولم ينجحوا في تخفيفها طيلة 17 عاما من الفشل الذريع. بل هناك من يريد إدامة الأزمة لدوام عقود الفساد في هذه الوزارة وغيرها من الوزارات حسب قوله.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115