وخلّف أضرارا اقتصادية جسيمة تفوق قيمتها الـ 15 مليارا دولار. وعلى وقع الغضب الشعبي العارم تتوالى زيارات المسؤولين الأجانب الى لبنان أولها كانت زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون التي حملت رسائل سياسية عديدة وفتحت الباب أيضا أمام أسئلة تتعلق بمطالب اللبنانيين الإصلاحية التي أحرجت زعماء الطوائف.
فبينما التقى الرئيس الفرنسي بجموع المحتشدين في شوارع الجميزة والأشرفية المنهارة، علا صياح البعض وهم يدعون الى ادانة المسؤولين اللبنانيين على الفساد والإهمال المتفشي. وفي جلد للذات وقعّ البعض أيضا عريضة للدعوة إلى إعادة الانتداب الفرنسي للبنان وذلك على وسائل التواصل الاجتماعي، ولئن اثارت هذه الدعوة ردود فعل متباينة واعتراض شرائح لبنانية واسعة، اعتبرها البعض رد فعل غاضب من قبل هؤلاء اللبنانيين على الكارثة التي ألمّت بعاصمتهم المنكوبة ويحمل الشعب مسؤوليتها لفساد المسؤولين الذين أبقوا على 2700 طن من مادة نيترات الامونيوم مخزنة في منشآت المرفإ بكل ما تحمله من مخاطر على أمن المواطنين دون حل لها .
ولعل دعوات هؤلاء اللبنانيين تعبر عن حالة اليأس التي وصلوا اليها جراء سياسات زعماء الطوائف الذين جعلوا الشعب اللبناني يعيش أوضاعا سيئة مع انقطاع متواصل للكهرباء وغلاء للمعيشة وانهيار للعملة الوطنية وزادهم انفجار المرفأ ألما وضيقا . والرسالة الأهم التي حملها ماكرون الى السياسيين في لبنان هي الدعوة الى «ميثاق سياسي جديد» رأى فيه البعض خطوة هامة لفك الحصار المفروض على لبنان بسبب قانون قيصر وبداية لكسر الجليد بين لبنان والغرب ، ولكن رأى البعض أنها ليست سوى شكل من أشكال التدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة ، خاصة ان الهدف من كل هذه الضغوط الأمريكية والغربية ومن ورائها «إسرائيل» هو رأس حزب الله وتفكيك سلاحه لكي لا يمثل بعد الآن أي تهديد على أمن تل ابيب. وفيما يواصل شباب لبنان نفض الغبار عن عاصمتهم الثكلى ، خرجت مظاهرات غاضبة في محيط البرلمان احتجاجا على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وما يعتبرونه «إهمالا» تسبب في كارثة المرفإ.
كما يصل اليوم ايضا أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إلى بيروت ، في زيارة تضامنية مع لبنان ولكنها جاءت متأخرة بحسب كثيرين مع دور غائب وموقف هزيل للجامعة العربية ليس فقط تجاه كارثة لبنان بل تجاه كل القضايا العربية .
ويبدو ان ماكرون كان محملا أيضا برسالة من المجموعة الأوروبية ، اكدّها أيضا وزير الخارجية الألماني الذي طالب الحكومة اللبنانية بـ»إرادة حقيقية للإصلاح»، وقال ماس في تصريحات «حتى الآن لم تنجح القيادة السياسية في لبنان في مباشرة الإصلاحات الضرورية بشدة في القطاع الاقتصادي والمالي على نحو قوي»، معربا عن استعداده لدعم لبنان في المحادثات مع صندوق النقد الدولي. كما أكد في تصريحه انه «في لبنان أطرافا فاعلة غير حكومية ممولة من الخارج، مثل «حزب الله»، والتي من الممكن أن تستغل الفراغ الحالي، وقال: «الكارثة تنطوي على مخاطر كبيرة لمزيد من زعزعة الاستقرار في لبنان».
فالمعادلة الأوربية والغربية التي يريد الغرب ان يقدمها للبنان مقابل خلاصه ومقابل خروجه من محنته الإنسانية والاقتصادية والسياسية هي « حزب الله» ...
وهذا ما يفتح الباب اليوم أمام سيناريوهات عديدة تنتظر اللبنانيين الذين دافعوا طويلا عن معادلة الجيش والمقاومة في وجه الاحتلال . ولكن ومنذ اغتيال رفيق الحريري بدأت تنطلق دعوات من قبل قادة بعض الأحزاب الى تفكيك هذا السلاح وكان رد «حزب الله «واضحا في أكثر من مناسبة بأن سلاح المقاومة سيبقى طالما الاحتلال باق في مزارع شبعا وفي فلسطين المحتلة .
زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان: بداية لكسر الجليد بين لبنان والغرب ؟
- بقلم روعة قاسم
- 09:24 08/08/2020
- 968 عدد المشاهدات
لا تزال العاصمة اللبنانية بيروت تتشح بالسواد حدادا على ضحايا الانفجار الذي أودى بما لا يقل عن 150 شهيدا ونحو 5 آلاف جريح