يتساءلون عن أهداف هذه التحركات، وماذا يريد الرئيس اردوغان من الصومال؟ على اعتبار أن العديد من الدول الأفريقية كانت مستعمرات سابقة للإمبراطورية العثمانية والتي يأمل أردوغان في استعادتها من خلال سياسة توصف بأنها «العثمانية الجديدة».
في هذا الصدد يريد اردوغان أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد اذ تحتل مدينة مقديشو موقعاً استراتيجياً مهماً على خليج عدن ومدخل البحر الأحمر من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى كما تمثل نقطة اتصال عالمي بين شعوب عالم المحيط الهندي وافريقيا الشرقية وتطل على ممرات مائية ذات أهمية تجارية وعسكرية هامة، وهي غنية بالثروات النفطية، التي يحصل عليها الرئيس التركي من خلال حليفه الصومالي عبدالله فرماجو وهذا هدف اقتصادي، أما الأهمية الجيوسياسية للصومال، وعليها اتخذتها تركيا رافعة إستراتيجية لتوجهاتها في المنطقة وتوسيع علاقاتها ونفوذها مع القارة الإفريقية.
وبنمط مماثل، من أجل تحقيق ذلك خططت أنقرة منذ العام 2011 لتجعل من الصومال شريكاً استراتيجياً، فقدّمت الدعم اللامشروط له في مواجهة المجاعة التي ضربت البلاد، كما قامت ببناء مطار في الصومال وبالقرب منه أضخم قاعدة عسكرية لها خارج تركيا، وذلك في مُقابل حضور تركي استراتيجي في القرن الأفريقي، والاستفادة من نفط وغاز وثروات لم تستخرج بعد من سواحل الصومال.
من ناحيته، اتجه تنظيم القاعدة في الصومال خلال السنوات الماضية للتنقيب عن النفط في قرى الصومال المختلفة، ولكن تركيا استطاعت عبر الشركات الخاصة بها في الصومال والاتفاقيات التي أبرمتها مع الحكومة الصومالية أن تنقب بشكل أسرع وأدق عن النفط الصومالي، ما أثار غضب تلك الجماعات التي فجرت القاعدة العسكرية التركية في الصومال ترسكوم في العاصمة مقديشو، وكانت العملية هي الأولى من نوعها ضد الأتراك في الصومال، ويرجع ذلك الى خلافات نفطية بين الأتراك و الإرهابيين في الصومال، خاصة أن الطرفين يبحثان عن النفط في تلك المنطقة .
وتوجد الآن في مقديشو أكبر قاعدة لتركيا خارج أراضيها، وعلى الرغم من أن الهدف المعلن من القاعدة هو المساعدة في تدريب القوات الصومالية، فإن وسائل إعلام تركية أقرت بنفسها بأن موقع القاعدة يعطي أنقرة أهمية إستراتيجية في القرن الأفريقي، مشيرة إلى أن القاعدة يمكن أن تكون مدخلًا لتسويق السلاح التركي هناك.
بالتالي يستثمر أردوغان الثروات النفطية في الصومال وغيرها من الدول للإنفاق على أحلامه التوسعية عدما فشلت تركيا في الانضمام للاتحاد الأوروبي، فهو يستخدم فائض القوة السياسية والعسكرية والاقتصادية التي تتمتع بها تركيا، ويعمل أردوغان على توظيفها ولكن بشكل غير قانوني ليصل إلى أهدافه غير المشروعة في المنطقة.
مجملاً.. تعتبر الصومال هي البوابة الجديدة للرئيس التركي في القارة الأفريقية حيث تزعم تركيا أنها شريك إستراتيجي لمقديشو، لكن في الحقيقة أن حقول النفط والسيطرة على الثروات الهيدروكربونية الصومالية، بالإضافة إلى اختراق أفريقيا هي الدافع الرئيسي لتقارب أردوغان مع نظام عبدالله فرماجو في الصومال لدعم الاقتصاد التركي.