«الإصلاح» في العراق...ادواته وكيفية تحقيقه

نصيف الخصاف
كاتب عراقي
لم يبين لنا أحد السياسيين العراقيين الذين يتبارون في عدد مرات إستخدامهم لمفردة «الإصلاح»

ماهو مفهومه للإصلاح؟ وماذا يشمل؟ وكيفية تحقيقه؟ وماهي أدواته؟ سيما وإن وتيرة تكرار هذه المفردة، إزدادت منذ اندلاع إنتفاضة تشرين المطالبة بالإصلاح التي حاول بعض السياسيين إستغلالها للمطالبة بـ»الإصلاح» دون أن يعلن عن ماهية «الإصلاح» الذي يدعو له، وما زلنا –وسنبقى - نسمع المفردة بوتيرة متسارعة وصخب مدوي، دون أن يكلف أحد الداعين له نفسه بشرح نظرته لـ»الإصلاح» وبرنامج حزبه وفعالياته السياسية والإجتماعية والإقتصادية من أجل تحقيقه.

شخصيا، بدأت أشك في معنى المفردة: هل يمكن أن يكون لها معنيان؟ معنى يفهمه السياسي المشارك في: السلطة والفشل والفساد ويدعو له. ومعنى آخر أفهمه أنا – ومثلي كثير - يتضمن الخلاص من كل ما يمت لهذه الطبقة السياسية ونتاجها بصلة؟

بعض الداعين إلى «الإصلاح» من السياسيين، يعتقدون ان الإصلاح يمكن أن يتم من خلال تأسيس «مجلس السياسات الإستراتيجية»، الذي يراد من خلاله تكريس وجود ذات الطبقة السياسية، التي أنتجت النظام الذي بات يحتاج بسبب ممارساتها للإصلاح، ليكون وجودها أزليا في نظامنا «الديمقراطي». ويراه آخر إنه يتم عبر زيادة عدد وزراء هذا الحزب أو ذاك وزيرا إضافيا. ويرى آخرون أنه يتم من خلال منح مناصب ترضية برواتب خيالية لبعض السياسيين كي لا يثيرون إزعاجا. وربما يرى البعض إنه يكمن بإستمرار سكوت الأحزاب والكتل عن فساد بعضها، كي لا تثير حفيظة بعضها، فينكشف المستور؟

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

أشك في أن أحدا من دعاة الإصلاح من السياسيين قد يفهم ذلك، بمن فيهم إعلاميو الأحزاب والببغاوات الإعلامية التي لا تجيد شيئا عدا قدرتها على تملق كبار قادة الفشل والخراب وتكرار مصطلحاتهم الفارغة، والتي تزداد إبتذالا كل يوم.

هل يمكن أن نتصور ـ مثلا - إن دعاة الإصلاح من السياسيين، يقصدون ويهدفون الى «مغادرة الطائفية السياسية» وإختيار رئيس مجلس وزراء مسيحي، ورئيس جمهورية صابئي، ورئيس مجلس نواب يزيدي أو آثوري أو شبكي، تطبيقا لمبدأ المساواة بين المواطنين، الذي كفله الدستور؟ هل يمكن أن يقصدوا فصل الدين عن السياسة؟ هل يمكن أن يدعوا إلى عدم التدخل في حياة الناس ولباسهم وأذواقهم لأنها من الحريات الشخصية المكفولة دستوريا؟ هل يمكن أن يدعوا – حقيقة - الى انتخابات «نزيهة» بقانون انتخابات منصف ومفوضية مستقلة فعلا؟ هل لدى أحد منهم رؤية لتطوير القطاع الصناعي أو الزراعي أو الصحي أو التربوي أو الخدمي؟ هل ثمة من يدعو إلى تطبيق الدستور، فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة وحظر تكوين ميليشيات مسلحة؟ هل هناك من بينهم من يرى ضرورة حل الأحزاب الطائفية والعرقية، لأنها أصلا مخالفة للدستور؟

الإصلاح ـ يا سادة ـ يتطلب أولا الكشف عن السبب الذي أدى إلى أن يكون النظام السياسي برمته بحاجة إلى إصلاح، وما هي أدوات التخريب التي أدت إلى هذا الخراب، ومن هم «المخربون». عندها يمكن أن نبدأ بخطوات الإصلاح الذي لا بد أن يقوم به أشخاص آخرون من غير المشتركين بالخراب. اشخاص لم يتلوثوا بعد بالفساد، ولا بالطائفية ولا بالعنصرية، بمثل هؤلاء يمكن أن يحدث الإصلاح، الذي يطال كل ما تعرض للخراب قبل وبعد 2003.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115