إذ أكد في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد بين قيادة «هيئة تحرير الشام» وقيادات فصائل أخرى لمناقشة الأوضاع في إدلب، «إن إدلب بخير ونحن أمام مسار طويل من الهدن ووقف إطلاق النار قد يستمر لعدة سنوات ... فالتقطوا أنفاسكم».
لكن يبدو لنا أن ما يستحق السخرية هو نظرة الجولاني إلى التطورات الأخيرة في ادلب بمنظور تفاؤلي خاصة وأنه مقتنع أن أي خطر حقيقي لن يقترب منه قبل « ثلاث أو أربع سنوات « حيث سيتمكن خلالها من تكريس «سمعته ونفوذ الجهاديين»، ومن زيادة ثرواته المالية التي تمكنه من الاستعداد لأية حرب مقبلة. والعمل على تفتيت الدول وشرذمتها إلى دويلات طائفية وأثنية وخلق حالة من اللاستقرار السياسي والمادي لغرس الثقافة الإخوانية هناك.
وكعادة الجولاني والتنظيمات المتطرفة وأتباعها، متخبطين في تصريحاتهم الإعلامية، إنتصارات وهمية واعترافات متناقضة مصحوبة بالتوتر والإحباط، الذين أصبحوا على شفى حفرة من إنهيار قدرتهم وقوتهم، ووجدوا أنفسهم عاجزون عن مواجهة واختراق الجيش السوري، وباتوا في موقف يبحثون فيه لأنفسهم عن مخرج من المأزق الذين تورطوا فيه لأنهم فشلوا تماماً في تحقيق أهدافهم وأطماع داعميهم .
على خط مواز، ومنذ بداية معركة ادلب وحتى لحظات كتابة هذا المقال تسير معركة استعادة إدلب وفق الخطّة المرسومة من قبل القيادة العسكرية السورية وحلفائها، وسط حشد عسكري لم تشهده محافظات الشمال منذ بدء الأزمة، إذ تنهال صفعات الهزائم على وجوه التنظيمات الإرهابية التكفيرية بقبضات الجيش السوري على كافة المحاور القتالية في إدلب، الذي دخل في عمق ما يسمى بإمارة القوقاز، وحرر فيها عدة مناطق مهمة على رأسها بلدة وتل خطرة الاستراتيجي وبلدة أبو جريف غرب بلدة أبو الظهور التي يسيطر عليها الجيش ويعتبرها نقطة ارتكاز ودعم لوجستي وعسكري له، فكان تحرير هذه المناطق صفعة قوية بعثرت ساسة الغرب وسماسرة أمريكا لتتخبط الأخيرة بهذا الانتصار والصمود.
مع إستكمال المرحلة الأولى في معركة تحرير ادلب والتي بدأت منذ عدة أسابيع والاستعداد للمرحلة النهائية والحاسمة، يمكنني القول، أن ثمة هناك مساراً جديدا ستدخله سورية باتجاه إنهاء وجود التنظيمات المتطرفة في البلاد، بعد أن ظلت تهيمن على مساحات شاسعة من سورية، والمؤكد أن الانتصار في معركة إدلب التي تعتبر معقل تنظيم جبهة النصرة سيشكل البداية الحقيقية لطرد مقاتليه من محافظة إدلب والمنطقة بأكملها، وهو الهدف الاستراتيجي للجيش السوري والذي يواصل استعداداته اللوجستية والتكتيكية لإنهاء هذا التنظيم ومن ورائه، والمضي قدماً لاستكمال تحرير المدينة وريفها.
مجملاً... يخوض أبطال سوريا معركة شرسة، ليجعلوا من أنفسهم سوراً لحماية سوريا وأهلها، وكل من يراهن على وطنية أبناء الجيش السوري هو واهم، فهم يسطرون اليوم صفحة جديدة مليئة بالعز ليضربوا بيد من حديد كل من يسعى للنيل من أمن سوريا، هذا التقدم الكبير للجيش السوري وحلفاؤه في ادلب ما هو إلا خطوة واحدة في مسيرة اجتثاث الإرهاب وطرد المتطرفين من سوريا، لذلك فإن الأيام القادمة ستشهد مزيداً من الإنتصارات الحاسمة في إدلب خاصة مع إعلان الجيش السوري بدء بتنفيذ الخيارات الإستراتيجية للرد على التنظيمات المتطرفة بعد أن اكتملت الاستعدادات النهائية للدخول في مرحلة كسر العظم في إدلب والمناطق الأخرى.
وباختصار شديد، نقول للجولاني وأعوانه من الإرهابيين بملء الفم: « خاب سعيكم»، وأن في سورية دولة قوية وجيش عظيم، يمتلك رجالا وأسلحة وتكنولوجيا حديثة، جعلته في صدارة جيوش المنطقة، ويستطيع أن يصل إليكم في قواعدكم التي تختبئون بها في أي مكان من سوريا والمنطقة بأكملها، لذلك ستشهد ادلب أياماً مقبلة مليئة بالتطورات والإنتصارات، وسيرتفع علم سورية عالياً فوق أرض إدلب وسيمزق الشعب السوري تلك الرايات السوداء للغرباء الذين حالوا اختطاف مدينة ادلب، وإن الصفعة المؤلمة التي ستتلقاها هذه المجموعات ستترك تأثيراتها المباشرة على الأزمة السورية وستعمل على تغيير الكثير من المواقف في الساحتين الإقليمية والدولية.