القيادي في الجهاد الإسلامي «أكرم العجوري» في دمشق حدثاً عابراً، بل كانت محطة كبيرةً استوقفت كل أحرار العالم، ونبَّهت على الخطر الحقيقي الذي يمثّله الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين، وبالتالي فإن هذه الحادثة لن توهن من عزائم الشعب الفلسطيني، فقد سبق أن إغتال الصهاينة قادة من حركة المقاومة الفلسطينية ولم تتوقَّف المقاومة بل تصاعدت.
في إطار ذلك فإن دم الشهيد أبو العطا، لن يضعف من الجهاد والمقاومة كما يتوهّم الاحتلال، بل سيرون بأعينهم أن النار ستزداد قوة وإشتعالاً. إن استهداف إسرائيل «أكرم العجوري» في دمشق تزامنا مع اغتيال بهاء أبو العطا أثار عدة تساؤلات، أهمها : لماذا تم استهدافهم في نفس الوقت؟. في هذا السياق تتهم إسرائيل الإرهابية العجوري بأنه يلعب دور المنسق الرئيسي بين الحرس الثوري الإيراني والجناح العسكري للجهاد الإسلامي المعروف باسم «سرايا القدس»، كما يعتبر الشخصية الأقوى داخل حركة الجهاد الإسلامي جراء نفوذه الممتد على القيادات في قطاع غزة وهو شخصية مقربة جدا من العديد من مراكز القرار في المنطقة، وفي المقابل يعتبر أبو العطا من أهم المشاركين في التخطيط لهجمات ضد إسرائيل، وأشرف على صنع الأسلحة، وتحسين قدرات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، وينظر اليه في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كعنصر تصعيد. في هذا الإطار ومنذ الإعلان عن جريمة الاغتيال، تعيش إسرائيل حالة متنامية من القلق والخشية غير مسبوقتين، فإسرائيل متيقنة من أن الرد آت لا محالة، ومفتقرة في الوقت نفسه إلى معلومات حسية تقودها إلى تحديد مكان الرد وزمانه وحجمه وأسلوبه، الأمر الذي يطلق العنان لتقديرات وتنبؤات استخبارات واسعة، وهي في أغلبها تقديرات تشاؤمية مقلقة.
انسجاماً مع متطلبات العقيدة الصهيونية المتعطشة لسفك الدم وإزهاق أرواح الأبرياء من المدنيين العزل وإمعاناً في تنويع وتطوير الوسائل والأدوات الصهيونية لطرد الشعب الفلسطيني من أرضه، نحن اليوم أمام تحد كبير يتطلب التغيير في الإستراتيجيات والأداوت لأنه لم يعد بالإمكان بالطريقة القديمة أن نصل إلى نتائج ملموسة، فإسرائيل لن تقبل العملية السياسية وكل المبادرات التي تبذل من هنا وهناك للوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، فالخيار الأفضل حالياً للتعامل مع الاحتلال هو العودة إلى الكفاح والمقاومة بكل أشكالهما، وكسر حال الصمت لمواجهة العملية الاستيطانية والتهويد المستمر للقدس.
في سياق متصل إن حالة اللامبالاة العربية حيال ما يجري في غزة، تعد بمثابة ضوء أخضر للاحتلال للاستمرار في مخططاته التي تستهدف الإنسان والأرض والمقدسات، فالأوضاع الراهنة يجب أن تجعل الفلسطينيين يعيدون تقييم أولويات المرحلة المقبلة، فقرار الانتفاضة في الساحة الفلسطينية موجود، ولكن هناك قوى تعمل بكل جهد من أجل عدم تطور احتجاج الشعب إلى انتفاضة وتعزيز الانقسام الداخلي وقمع المقاومة، لذلك أرى أن أمام هذا التردي الخطير، يجب أن يكون هناك انتفاضة جديدة تضع الحدود أمام مخططات الاحتلال التي جعلت الفلسطينيين يعيشون في كآبة ومآسي، وضرورة السماح للمقاوم بحمل السلاح من أجل تعزيز وحدوث هذه الانتفاضة، وخلق معادلة صراع جديدة مع الاحتلال يتم بموجبها الحصول على كامل حقوق الشعب الفلسطيني مما سبق يمكنني القول إن إسرائيل تلعب بالنار وأن جيش الاحتلال يتحمل نتيجة ما يرتكبه الآن، وإن للمقاومة الحق في الدفاع عن نفسها وشعبها، فالحرب القادمة بين إسرائيل والمقاومة ستكون مختلفة تماماً، وستؤلم إسرائيل أكثر مما حصل في حرب لبنان الثانية، وستغير هذه الحرب الكثير من النظريات والعقائد العسكرية في العالم، لن نفاجئ إسرائيل في حجم ترسانة صواريخها وتنوعها فحسب، بل ستفاجئها أيضاً بأسلوبها وجاهزيتها القتالية على كافة المستويات. وأخيراً أختم مقالي بالقول: إن حادثة اغتيال قائد سرايا القدس «أبو العطا « تعد جريمة وتجسيد لإرهاب الصهيونية، ونذير ببداية النهاية للطغاة، كما إن أمريكا شريكة في المسؤولية عن هذه الجريمة وما سبقها من جرائم، فالاحتلال يرتكب مجازره بسلاح أمريكا، ومال أمريكا، وتأييد أمريكا، وباختصار شديد، يجب على العرب أن يصحوا من سكرتهم، وان يخرجوا من كهفهم الذي ناموا فيه طويلاً، ليؤدوا ما عليهم نحو الشعب الفلسطيني، فقضية فلسطين قضية الأمة كلها، وأن مدينة القدس والمسجد الأقصى لن نستعيدهما إلا بالمقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها المقاومة المسلحة.