منبر: هل تحقق قضية خاشقجي ... رفاهية تركيا ؟

تواجه تركيا ظرفاً صعباً داخلياً وخارجياً يضع قدرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم على المحك، فداخلياً عرفت البلاد

إحتجاجات كبيرة وتعاني بسبب الأزمة الإقتصادية العالمية والأزمة الراهنة تراجعاً إقتصادياً كبيراً ، أما خارجياً فعلاقتها بجوارها صعبة جداً، مع العراق وسوريا ومع مصر والدول الخليجية ومع إيران بسبب الخلاف حول سوريا.

في إطار ذلك إن الرئيس أردوغان لديه طموحاته إذ يسعى إلى إعادة تقييم موقع تركيا الإقليمي وترميم صورته المتهالكة في الداخل والخارج من بوابة استغلال قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي كحافز لتغيير ميزان القوى داخل السعودية واستعادة النفوذ في الشرق الأوسط، وربما ذلك ما يفسر حماسة السلطات التركية منذ البداية في اتهام السعودية بعملية القتل، من خلال تجنيد وسائل الإعلام التركية للتنديد بهذه العملية عن طريق بث تقارير إخبارية حول كيفية تصفية النظام السعودي لخاشقجي.

في هذا السياق، يبدو أن أردوغان يريد أن يقدم نفسه مرة أخرى كحليف موثوق لحلف الناتو، كما يأمل في تحسين اقتصاد تركيا بعد أن تهاوت العملة المحلية إذ خسرت الليرة التركية 40% من قيمتها، وارتفعت معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً، إضافة إلى ضرورة سداد ديونها الكبيرة في أقصر وقت ممكن، من خلال الحصول على تعويضات اقتصادية واستثمارية وتنازلات استراتيجية من السعودية. بطبيعة الحال ستستفيد تركيا من أزمة اغتيال الخاشقجي بأقصى درجة ممكنة لأنه سيزيد من الضغط على السلطات السعودية، واعتبار حادثة القتل عملية إرهابية تعتبر تشويها للوجود الدبلوماسي السعودي دولياً، فبذلك تعتبر جميع السفارات السعودية غير آمنة في مختلف دول العالم، هذا ما يؤجج الغضب الدولي تجاه السعودية من شأنه تخفيف الضغط على تركيا وحلفائها وهو ما يحدث الآن بالفعل، بذلك سيكون المحور التركي هو المنتصر على المحور السعودي في حين أن تركيا والسعودية عضوان في حلف «الناتو».

في هذا الإطار إن الخاسر الأكبر من اغتيال خاشقجي هي السعودية، وقد تكون هذه الحادثة بداية لنهاية مشروع سعودي، وتبقى تركيا الرابح الأكبر لأن عملية الاغتيال تمت على أرضها وهذه القضية ستكون السبب في بلورة تاريخ جديد يُغيّر معالم مهمة وأساسية في المنطقة ستشكل مفاجآت كبيرة غير متوقعة. كما سيكون لقضية خاشقجي تأثيرات سلبية كبيرة على مشروع تأسيس حلف عربي إسرائيلي أمريكي ضد إيران، وسيكون من الصعب تسويق فكرة هذا التحالف بعد الضغوطات التي تتعرض لها السعودية على خلفية القضية، فهناك تخوف كبير من الجانب الإسرائيلي مما قد تؤول إليه السياسة السعودية تجاهها من بعد بن سلمان بسبب أزمة مقتل خاشقجي.

هذا ويعود عداء أردوغان للدول العربية إلى فترة اندلاع الربيع العربي عام 2011، حيث افترض أنه سوف يؤدى إلى حكومات يقودها الإسلاميون، لكن أحلامه انهارت بعد القضاء على داعش وأخواتها. في هذا الإطار يعيش مشروع أردوغان حالة من القلق والإنفعال وخيبات الأمل نتيجة إجهاض أحلامه وحلفائه بقوة الصمود السوري وحلفائه من محور المقاومة، فلقد تعهد أردوغان للإسرائيليين بإسقاط سورية وتعهد بتزعم العالم الإسلامي عبر جماعة الاخوان المسلمين وإنهاء المقاومة، لكن الميدان لم يساعد أردوغان وأدواته فسقطوا قبل أن يحققوا ذلك.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115