الأحزاب السياسية في فلسطين .. الواقع والتحديات

لا تشكل الأحزاب السياسية ركنا ًمن أركان النظام السياسي فحسْب، وإنما تعتبر أيضاً جزءاً من المنظومة الاجتماعية

التي تسهم فيها مؤسسات المجتمع المدني الأخرى، كالمؤسسات الأهلية والنقابات المهنية والجمعيات الخيرية، والقطاعات النسوية والعمالية والطلابية وغيرها. فالأحزاب تتبنى البرامج والمواقف السياسية، وتمارس السياسة بأشكالها المختلفة، وتضم في صفوفها عضوية المواطنين من الشرائح المتنوعة. وهي أيضاً تقوم على هياكل إدارية متعددة وتتشكل من مستويات تنظيمية مختلفة.

فلسطينياً، مارس الشعب الفلسطيني التعددية السياسية والحزبية في وقت مبكر من القرن الماضي، وعبْر مراحل سياسية متتالية، إلا أن هذه التعددية كانت في ظل النضال الوطني ضد الاستعمار والاحتلال من ناحية، وفي غياب سيادة وطنية وسلطة سياسية فلسطينية من ناحية ثانية. أما بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية فقد بدأت مرحلة سياسية تختلف عن المراحل السابقة، حيث نشأت سلطة سياسية فلسطينية معينة، وإن لم تكن ذات سيادة كاملة، وأصبح المجلس التشريعي الفلسطيني صاحب صلاحية سنّ التشريعات الوطنية.
وفلسطين كغيرها من الدول تحتضن العديد من الاحزاب السياسية منها :

• حركة التحريرالوطني الفلسطيني(فتح)- حركة المقاومة الإسلامية(حماس)- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين - حركة الجهاد الاسلامي - التجمع الوطنى من اجل العدالة والديمقراطية (وعد)- الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني(فدا) - جبهة التحرير الفلسطينية - الجبهة العربية الفلسطينية - المبادرة الوطنية الفلسطينية - حزب الشعب الفلسطيني -جبهة النضال الشعبي الفلسطيني- منظمة الصاعقة - الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ( القيادة العامة) - الطريق الثالث (فلسطين)
التنظيم القانوني للأحزاب السياسية الفلسطينية:

التنظيم القانوني للأحزاب السياسية في فلسطين هو من المسائل الشائكة من الناحية القانونية والسياسية، حيث يلحظ عدم التنظيم القانوني الكافي للمسألة بسبب:

- وجود إحتلال إسرائيلي، وغياب سيادة فلسطينية حقيقية، وما يترتب على ذلك من خشية كثير من القوى والفصائل العمل ضمن قالب الحزب السياسي لما لذلك من استحقاقات تتعلّق بعلنية العضوية وكشف مصادر التمويل وغيرها.

- وجود امتدادات لأغلب التنظيمات الفلسطينية خارج فلسطين، سواء امتدادات على مستوى القاعدة أم على مستوى القيادة، ومن شأن سن قانون أحزاب سياسية تعقيد الأوضاع الداخلية والهيكليات التنظيمية لهذه التنظيمات. فأي قانون أحزاب سيكون له تطبيق في نطاق مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية فقط.

- وجود منظّمة التحرير الفلسطينية ووجود فصائل معترف بها في المنظمة، وجزء من هذه الفصائل ترى نفسها أكبر من أن تسجل نفسها لدى السلطة الوطنية الفلسطينية.

ينص القانون الأساسي الفلسطيني في المادة (5) على أن نظام الحكم في فلسطين نظام ديمقراطي نيابي يعتمد على التعددية السياسية والحزبية، وينص في المادة ( 26 )، وفي تناوله للحقوق والحريات العامة، على أن للفلسطينيين حق المشاركة في الحياة السياسية أفرادا وجماعات، ولهم على وجه الحق بتشكيل الأحزاب السياسية والانضمام إليها وفق القانون. ورغم عدم إقرار أي قانون للأحزاب السياسية الفلسطينية حتى اليوم، إلا أنه من الناحية الواقعية، واستنادا إلى القرار الرئاسي رقم ( 1) لسنة 1994 بشأن استمرار العمل بالتشريعات التي كانت سارية قبل 5 جوان 1967 ، يمكن القول بأن قانون الأحزاب السياسية الأردني رقم ( 15 ) لسنة 1955 يعتبر سارياً في الضفة الغربية، وكذلك النصوص المتعلقة بالأحزاب في التشريعات التي كانت سارية في قطاع غزة.

في وقت مبكر، وبعد بدْء أعمال المجلس التشريعي بوقت قصير، أعد ديوان الفتوى والتشريع مشروع قانون بخصوص الاحزاب السياسية، واحاله الى مجلس الوزراء في 26 /5 /1996، وقد قبل المجلس التشريعي مشروع القانون بالمناقشة العامة في 10 /11 /1997، وبعد مراجعة موسعة لمشروع القانون، من خلال الكثير من الحوارات والمناقشات وإبداء الملاحظات من قبل القانونيين والسياسيين والفصائل الفلسطينية، أعدت اللجنة السياسية في المجلس التشريعي نسخة معدلة من المشروع في 11 /2 /1998م، على أن يتم تقديمها للقراءة الأولى في المجلس ضمن مدة أقصاها أسبوعان، إلا أن ذلك لم يتم منذ ذلك الحين وحتى اليوم. يُذكر أيضاً أن وزارة الداخلية كانت قد أعدت مشروعا ًآخر في 3 /6 /1996م وهو يختلف تماماً في الكثير من مضامينه، إلا أنه لم يدخل في أجندة المجلس التشريعي. وهكذا يمكن القول، إن هناك العديد من التغيرات الهامة والتعديلات الجذرية التي طرأت على المسودة الأولى من المشروع وصولاً إلى النسخة التي يمكن بناء النقاش عليها، وهي النسخة المعتمدة من اللجنة السياسية في المجلس التشريعي بتاريخ 11 /2 /1998.

الاحزاب السياسية وفق القوانين الفلسطينية:
للفلسطينيين الحق في تأليف الأحزاب السياسية الديمقراطية، ولكل فلسطيني الحق بالانتماء لأي حزب وفقاً لأحكام القانون النظام الداخلي لذلك الحزب، وتعمل الأحزاب السياسية التي تؤسس طبقاً لأحكام هذا القانون في تحقيق التقدم السياسي والرقي الاجتماعي والديمقراطي على أساس ترسيخ الوحدة الوطنية والتقدم الحضاري الشعبي.

معيقات اقرار قانون الاحزاب الفلسطيني:
طرح موضوع اقرار قانون متعلق بالاحزاب السياسي رسميا منذ سنة 1997 وذلك لاستقبال الدولة الفلسطينية الموعود بانها ستكون كذلك اواخر سنة 1999 وبداية سنة 2000، وفق ما نصت عليه الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين حيث تنتهي المرحلة الانتقالية، ونتيجة لتلكؤ الطرف الإسرائيلي تم التأجيل الى غاية سبتمبر 2000، وهو امر لم يتم الى الآن، لم تعلن الدولة الفلسطينية المستقلة، مما نتج عنه عدم امكانية صدور العديد من التشريعات، التي لا يمكن ان تطبق في الحالة الفلسطينية الا بوجود دولة سيدة ومستقلة استقلالاً تاماً.
وبعد تاريخ 4 ماي 1999 كان يجب دخول سلطات الاحتلال الإسرائيلي ومنظمة التحرير الفلسطينية عن طريق دائرة شؤون المفاوضات وبزعامة السيد الرئيس ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حركة فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ، مفاوضات المرحلة النهائية التي كان من ابرز آثارها المحتملة الإعلان عن قيام دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس «الشرقية»، متمتعة بسيادة داخلية وخارجية وحدود مستقلة مع جيرانها دون تدخل الجانب الإسرائيلي وغيرها من النتائج، وذلك لإعتبار مايو 1999 إنتهاء لمدة محددة مسبقاً، تتولى فيها سلطة الحكم الذاتي إدارة الأراضي التي استلمتها «حررت» من إسرائيل، وبداية التأسيس الدستوري، والقانوني، والإداري، والهيكلي، المؤسساتي... للدولة والاستعداد لها.

بقي قانون الأحزاب السياسية الفلسطينية لسنة 1998، في إطار مشروع القانون، ويعتبر الاحتلال الإسرائيلي وعدم تنفيذه لاتفاقاته مع الجانب الفلسطيني والانتفاضة الفلسطينية لسنة 2000، وما سبقها من عدم استقرار أمني وسياسي، بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة إلى العديد من المسائل الأمنية المتعلقة بالأحزاب او الفصائل الفلسطينية، لاعتبارها في الغالب حركات سرية بعيدة عن أعين الاحتلال، وما يؤديه القانون من كشف عناصرها، وتمويلها وغيره من المسائل، عوامل أدت إلى عدم إصدار قانون الاحزاب.

ومشروع قانون الأحزاب السياسية بصيغته النهائية لسنة 1998، لم يكن هو الوحيد المتعلق بالأحزاب السياسية، حيث كان هناك سنة 1996 اقتراح مشروع قانون ينظم عمل وتسيير وتأسيس الأحزاب السياسية من طرف وزارة الداخلية، إلا أنه لم يلق الإهتمام في ذلك الوقت، ولما تحتاجه مسألة الأحزاب والنصوص القانونية المتعلقة بها بحاجة إلى استقرار على مستوى جميع الصعد السياسية، والأمنية، والاجتماعية، والسياسية، والاقتصادية كذلك، هذا إلى جانب اجتهادات العديد من مراكز الدراسات الفلسطينية ورجال القانون والسياسة في وضع العديد من مقترحات تتمثل في مسودات لمشاريع قوانين للأحزاب. وبالتالي تتلخص الأسباب التي حالت دون صدور قانون ينظم النشاط الحزبي في فلسطين، إلى سببين رئيسيين، أولهما خارجي يتمثل مصدره في دولة الاحتلال الإسرائيلي، وثانيهما فلسطيني داخلي متعلق بالأحزاب أو الفصائل الفلسطينية، ورفضها ومعارضتها لإصدار قانون متعلق بالأحزاب السياسية في ظل وجود إحتلال لما قد يعرضها ذلك إلى الخطر.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115