المحلل والكاتب السوري وليد خليفة مدير مرصد الخليج والعالم العربي لـ «المغرب»: أزمة حزب أردوغان في عجزه عن ايجاد التوازن بين إخوانيته و علمانية تركيا

• ليس هناك فرصة للحل في سوريا إلا بتوافق إقليمي ودولي

قال المحلل والكاتب السوري وليد خليفة مدير مرصد الخليج والعالم العربي ان السوريين لا يملكون أي قرار الآن في سوريا وان المعارك المستمرة منذ سبع سنوات أخرجت السوريين من حيز المبادرة ، وأصبحوا مادة مستهلكة في حروب الآخرين . واكد في حواره لـ «المغرب» أن المعارك ستنتهي حين تتفق القوى الدولية والإقليمية الموجودة في سوريا . وبالنسبة للدورين التركي والروسي في سوريا قال ان هناك تناقضا شديدا بين مصالح الروسي والتركي في سوريا والعراق ولعل تجربة الاستفتاء الكردي حول الاستقلال خير دليل على هذا التناقض بين البلدين .

• ما قراءتكم للتهديدات التركية على الحدود السورية؟
أعتقد أن التهديدات التركية باجتياح منبج وعفرين هي تكرار لتهديداتها السابقة بصدد الأوضاع في سوريا، فقد بدأت هذه التصريحات العنيفة بالخطوط الحمراء التي اطلقها أردوغان منذ صيف العام 2011 ومرورا بتهديده بالمشاركة في معارك تحرير الرقة من تنظيم داعش الارهابي، وهي إن كانت تعبر عن شيء فهي تعبير عن أزمة حزب العدالة وقدرته على إحداث توازن بين ايديولوجيته الاسلامية الاخوانية وبين قيادته لدولة علمانية هي عضو في حلف الناتو. التصادم بين قناعات الحامل الاجتماعي للحكومة التركية وهو حامل اجتماعي لا يختلف البتة عن جمهور التنظيمات المتطرفة وبين السياسة التي يجد فيها الرئيس رجب طيب أردوغان نفسه مرغما على اتباعها في عدة مستويات، أولها مستوى العلاقة مع الغرب وإسرائيل تحديدا ولملء الفراغ يقوم بحشوه بشعارات وعنف لفظي يعلم هو نفسه إنه غير قادر على تنفيذ ولو جزء صغير منه. وهنا أكرر إن المسألة السورية متوقفة على تفاهم روسي أمريكي يلزم جميع الاطراف الاقليمية على الجلوس بممثليهم السوريين على طاولة المفاوضات، ربما في سوتشي أو في مناسبة أخرى حين يكون هذا التفاهم منجزا، وحتى الآن القوة التي تدعم النفوذ الامريكي هي قوات سوريا الديمقراطية ولا يمكن أن يتنازل الأمريكي عن دعم هذه القوة قبل الوصول الى تفاهم مع منافسهم أو شريكهم الروسي في سوريا.

• اين وصلت المعارك بين النظام وهل ما زال ممكنا الحديث عن معارضة ؟
ربما السؤال هنا هل هناك قوى سورية في سوريا ، سواء المعارضة أو النظام ، أكاد أجزم أن حال المعارضة والنظام يتطابق تماما مع حال العمران والمؤسسات الخدمية في الرقة وداريا وباقي المدن والأحياء المنكوبة على طول وعرض خريطة سوريا ، المعارضة منهكة وتابعة والنظام منهك وتابع ومقيد اليدين والقدمين ، لا يملك أي من الأطراف السورية رفاهية الخيار لا في القول ولا في الفعل ، لا يملك أي سوري قرارا الآن في سوريا ، لا يوجد منتصر في هذه الحرب ، المعارك المستمرة منذ سبع سنوات أخرجت السوريين من حيز المبادرة ، أصبحوا مادة مستهلكة في حروب الآخرين وأعتقد أن المعارك ستنتهي حين يتفق الآخرين ، وأقصد القوى الدولية والإقليمية الموجودة في سوريا، وأعتقد إن اتفاق تلك القوى الآن يواجه استعصاءً مريعا ، لا يبدو أن أفق فك الاستعصاء قريب ، الاستعصاء يمتد من أفغانستان ويتعقد في إيران وتركيا ودول الخليج العربي ويدمي في سوريا وليبيا واليمن وينذر بانفجار في أكثر من مكان في العالم العربي وأفريقيا، يبدو ان قدر السوريين مرهون بحل هذا الاستعصاء ، لذلك جولات المعارك مستمرة حتى إشعار آخر.

• يجرى الحديث عن تقسيم سوريا فما مدى صحة هذا الامر وخطورته على الوضع في المنطقة؟
حقيقة الأمر إن سوريا مقسمة في الوقت الحالي ومنذ سبع سنوات، سوريا مأساة متكاملة الأركان، ترسّخ هذا التقسيم منذ أن أعلنت المحاور الرئيسية في الصراع السوري عن ولاءاتها، « موالاة ـ معارضة ـ أكراد» وطالما نحن بعيدون عن مرحلة التفاوض بين المحاور الرئيسية الثلاثة وبين بعضها البعض أولا ، كل محور من المحاور مقسّم بدوره على نفسه أيضا ، قبول كل طرف بالآخر دون شروط مسبقة، هذا يعني أننا بعيدون عن الحل ، لا يمكن توحيد البلاد حاليا، سواء انطلاقا من رغبة متخيلة للناس أو بقرار دولي ، هناك ثلاثة محاور لا يقبل أحدها بالحوار مع الآخر ، كيف يمكن لملمة البيت السوري وكل طرف يملك من السلاح والكراهية والبغض للطرف الآخر بما يكفي لتدمير قارة كاملة ؟ وأما مسألة خطورة ذلك على المنطقة ، فأعتقد إن المنطقة كلها تعاني من أزمات مطابقة للأزمة السورية ، ولا يمكن لمريض الطاعون أن يخاف من مرض السرطان.

• كيف يمكن انقاذ سوريا وهل يمكن الحديث عن تسوية سياسية مع تعدد المتدخلين الخارجيين والاقليميين واللاعبين الدوليين في هذا البلد؟
لا أجد أن ثمة فرصة للحل إلا بتوافق إقليمي ودولي ، حل يُفرَض على الأطراف الإقليمية ، أكثر السياسيين السوريين توازنا في طرحهم يقولون بضرورة تقارب روسي أمريكي أوروبي على مخرجات الحل في سوريا ، لم يعد من عاقل في سوريا يراهن على غير هذا التقارب ، أما دور السوريين في انقاذ بلدهم فلا أعتقد أن دورهم يتجاوز مسألة فك الارتباط مع الدول الإقليمية التي تتناقض مصالحها مع مصالح السوريين ، وهنا أقصد ما أقول إن كانوا ينوون بناء وطن جديد، أما الدول العظمى ورغم علاتها فهي الشرّ الذي لا بد منه.

• هناك مخاوف في الغرب من عودة الدواعش من سوريا والعراق، فكيف يمكن التعامل مع عودة الارهابيين وخطورتها؟ وهل لديكم انباء بخصوص هروب المقاتلين الدواعش ومن يؤمن لهم العبور وما هي طرق العودة؟
أعتقد أن المخاوف التي يكررها الغرب حول عودة الإرهابيين من سوريا والعراق هي مخاوف للاستهلاك الإعلامي ، أعتقد أن الغرب لا يتحمل مسؤولية الأزمات التي يساهم في انتاجها وتأجيجها ومن أخطر هذه الأزمات هي أزمة التطرف، أكاد أن أجزم أن الجزء الأكبر من التطرف الإسلامي هو نتاج تعامل الشمال مع قضايا الجنوب وأيضا نتاج تعامل الشمال مع الأكثرية المهمشة في ضواحي المدن الغربية.
الغرب قادر على هضم كافة أشكال التطرف والعنصرية وإعادة تدويرها لصالحه وهذا ما حصل في حالة داعش وأخواتها، ولا أعتقد أن الغرب كان أو سيكون عاجزا أمام بضعة مئات أو آلاف المتطرفين الانتحاريين .
تبخرت داعش التي شغلت الناس لثلاث سنوات وأنهت حياة الآلاف أو ربما المئات من الآلاف من البشر وكانت الأرقام تشير إلى وجود مئات الآلاف من الجهاديين في صفوف هذا التنظيم، السؤال : إلى أين ذهبوا؟ بالتأكيد من يملك سماء المنطقة والمطارات والطائرات يعرف أين أختفى كل هؤلاء.

• وهل صحيح ان ليبيا ربما تكون وجهتهم القادمة؟
منذ أيام تابعت خبرا مفاده أن خفر السواحل اليونانية أوقفت باخرة نقل مليئة تحمل أطنانا من المتفجرات متوجهة من تركيا إلى مدينة مصراتة الليبية، ليبيا مليئة بالجهاديين وحدودها مفتوحة على دول تعتبر منابع للجهاديين. ، أعتقد أن ليبيا أثبتت وبفضل سياسات الدول الداعمة لثورتها، ثورة فيفري، إنها مرتع لهؤلاء الجهاديين، أما الجهاديون الذين غادروا سوريا والعراق فأعتقد أن قرار توجيههم إلى بقعة ما في العالم متوقف على ممولي هذا التنظيم وداعميه وهم معروفون، إن تعطلت مصالحهم في ليبيا أو مهددة بالتعطل فسيرسلونهم هناك، رغم إن هناك مؤشرات تقول بأن الجهاديين توجهوا إلى إيران، هذا ما أتوقعه .

• هل هناك صفقة روسية تركية في سوريا؟
يعرف الروسي أن الصفقات مع تركيا هي صفقات لحظية ، عابرة، مؤقتة ، فتركيا دولة عضو في حلف الناتو، الحلف الذي أدار معركة إسقاط الاتحاد السوفياتي، وتركيا بحكومتها الحالية هي القوة الوحيدة التي تصدت للتدخل العسكري الروسي في سوريا واشتبكت معها، وإن تغير الموقف التركي المعلن من الوجود العسكري الروسي ومشاركة الحكومة التركية في لقاءات الاستانة كشريك وضامن وذهابه للمشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في سوتشي في أواخر هذا الشهر، إلا إن كل ذلك وحتى أكثر من ذلك ومنها صفقة شراء الصواريخ الروسية لا تمنح أي صفقة ممكنة بين تركيا وروسيا مصداقية وأعتقد إن الطرفين يمارسان التقية السياسية في علاقتهما ولا نرى إلا ما يريدون إظهاره لنا فيما في الحقيقة هناك تناقض شديد بين مصالح الروسي والتركي في سوريا والعراق ولعل تجربة الاستفتاء الكردي حول الاستقلال خير دليل على هذا التناقض بين البلدين .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115