و تواصلت في لشبونة (جانفي 2017) و مدريد (أفريل 2017). وهي قمة تعنى بالأسباب بمشاكل الهجرة و ترمي إلى تقييم الإجراءات المتخذة و قدرتها على تنظيم عمليات الهجرة و اللجوء والحد من المسالك العشوائية للمهاجرين في البحر الأبيض المتوسط.
وشارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لأول مرة في مثل هذه اللقاءات صحبة زعماء إيطاليا وإسبانيا والبرتغال واليونان وقبرص ومالطة. والتأمت هذه القمة بعد يومين من فاجعة غرق 100 مهاجر قرب السواحل الليبية بالرغم من الإجراءات الصارمة المتخذة من قبل الهيئات الأوروبية والإيطالية الرامية إلى الحد من الهجرة غير المنظمة.
حصيلة 2017
اعتمدت القمة حصيلة 2017 من إجراءات و اتفاقات لتقييم الوضع الراهن. و استقر الرأي على أن الوضع في تحسن نسبي. إذ تقلص عدد المهاجرين إلى إيطاليا عبر البحر بنسبة 35% مقارنة بعام 2016. و سجلت وزارة الداخلية الإيطالية قدوم 119000 مهاجر فقط. وهو تحسن ملحوظ. في نفس الاتجاه سجل اليونان قدوم 28800 مهاجر عبر تركيا بعد دخول الاتفاق مع الجانب التركي حيز التنفيذ وهي نسبة قياسية تمثل سدس عدد المهاجرين عام 2016 و بعيدا عن المليون مهاجر عام 2015. في المقابل ارتفع عدد المهاجرين على السواحل الإسبانية بصفة ملحوظة مسجلا 23 ألف حالة مقارنة ب 6000 عام 2016.
وبالرغم من الاتفاق بين إيطاليا وليبيا واستخدام القوات البحرية الإيطالية لمراقبة الحدود الليبية، إضافة إلى القوات الأوروبية في برنامج «صوفيا» ، فإن عدد الوفيات غرقا في البحر المتوسط سجل عدد 3116 حالة في حين ارتفع عام 2016 إلى 5000 شخص غرقوا إثر تحطم زوارقهم خلال رحلتهم نحو الحدود الجنوبية لأوروبا. وتعتبر أوروبا أن عدد الوفيات غرقا في استقرار (معدل قتيل على 40 مهاجرا).
مشاكل قائمة بين الأوروبيين
اعتبرت اليونان وإيطاليا أن على باقي الدول الأوروبية الأعضاء في الإتحاد الأوروبي القيام بدورها في تقبل أعداد من المهاجرين و نددت بموقف المجر و بولونيا والجمهورية التشيكية التي ترفض قطعا استقبال أي مهاجر. و كان وزير المالية الإيطالي بيار كارلو بادوان قد أعلن يوم 8 جانفي أن «إيطاليا لا يمكنها تحمل العبء عوضا عن الجميع على المستويات المالية و السياسية» مطالبا بروكسل بالضغط على باقي الدول الأوروبية من أجل أكثر «تضامنا» في مسالة إدارة الهجرة خاصة أن المفوضية العليا للاجئين طالبت الدول الأوروبية باستقبال 10 آلاف شخص قادمين من مراكز الفرز في ليبيا وفي مقدمتهم النساء عام 2018.
وطالبت اليونان بإدراج الأفغان والعراقيين في عدد المهاجرين الذين وجب ترحيلهم بحكم تحسن الأوضاع في البلدين المذكورين. واعتبر باولو جانتيلوني رئيس الوزراء الإيطالي أن «هنالك تحسن في الأداء وجب تدعيمه». أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فطالب البلدان الأوروبية «بتحسين إدارة ضوابط التضامن» لسد الثغرات غير المنطقية لمعاهدة دابلين حول الهجرة التي تفرض على البلدان المستقبلة إدارة موجات المهاجرين و لا تفرض قيودا على باقي البلدان الأوروبية الأعضاء وهو ما أثقل كاهل إيطاليا و اليونان بالخصوص. ويبقى المهاجرون المحتجزون في حالة مزرية لبقائهم في مراكز إيواء ومحتجزات و سجون لا تليق بالظروف الدنيا للاستقبال. و الأعداد المسجلة اليوم (50 ألف في اليونان وأكثر من 200 ألف في إيطاليا) تبقى مؤهلة للارتفاع.
موضوع الهجرة واللجوء هو المسألة السياسية الحساسة الأولى التي تعترض حكام الدول الأوروبية الجنوبية التي تجهز نفسها للانتخابات الأوروبية عام 2019. وشرعت مختلف البلدان الأوروبية على غرار فرنسا و إيطاليا في سن قوانين جديدة للهجرة. أما ألمانيا التي استقبلت أكثر من مليون لاجئ فهي أيضا سوف تغير سياستها على ضوء الاتفاق الحاصل بين المستشارة أنجيلا ميركل وحزب الاشتراكيين الديمقراطيين لتشكيل ائتلاف حكومي جديد بين اليمين واليسار على غرار ما كانت عليه حكومة تصريف الأعمال الحالية . وإن قامت مختلف الدول الأوروبية بالتنسيق مع دول جنوب المتوسط (ليبيا وتونس الجزائر والمغرب) من جهة ودول الساحل الإفريقي من جهة أخرى فإن مقاومة مسالك الهجرة غير الشرعية واللجوء سوف تتطلب جهودا ووقتا طويلا قبل أن تستقر الأوضاع في حوض البحر الأبيض المتوسط.