دونالد ترامب بشأن القدس، والذي مثل سابقة خطيرة وانقلابا على الشرعية الدولية وعلى الدستور الامريكي القائم على مبدإ احترام حق تقرير المصير للشعوب ..
وكانت المعركة اول امس على اشدها بعد تصويت الجمعية العامة للامم المتحدة بالأغلبية الساحقة بشان قرار يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره . وقال المراقب الدائم لدولة فلسطين في الامم المتحدة السفير رياض منصور ان الجمعية العامة صوتت باغلبية 176 دولة لصالح القرار فيما صوتت 7 دول ضده وامتناع اربع دول هي الكاميرون وهندوراس وتوغو وتونغا.
ومارست الولايات المتحدة ضغوطا كبيرة طيلة اليومين الماضيين من اجل منع التصويت وهددت امس بقطع المساعدات الأمريكية عن أي دولة تصوت، لصالح مشروع القرار التركي اليمني في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين قراره باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وصوتت 128 دولة لصالح قرار يدين اعتبار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل.
معركة شاملة
يقول استاذ العلوم السياسية والقانون العام ومنسق الهيئة التونسية الفلسطينية للاخوة والشراكة د. ابراهيم الرفاعي لـ«المغرب» ان هذه المعركة القانونية هي من الاهمية بمكان باعتبارها احد ميادين المواجهة التي ينبغي ان تكون شاملة لكل المستويات والادوات المشروعة وبشكل متكامل مدروس مبني على الفعل وليس على رد الفعل . ويضيف بان لا مناص من خوض المعركة القانونية سواء عبر الاجهزة المختلفة للأمم المتحدة بما في ذلك مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة والجهاز القضائي ممثلا بمحكمة العدل الدولية وبقية الهيئات واللجان بالإضافة الى توسيع دائرة المواجهة القانونية لتشمل المحكمة الجنائية الدولية والهيئات القضائية والخاصة بحقوق الانسان في المستوى العالمي والاقليمي ، ومنها محكمة العدل الاوروبية والمحكمة الاوروبية لحقوق الانسان . وقال ان الاتجاه ينبغي ان يتركز على ان تكون القدس هي العاصمة لدولة فلسطين. باعتبار ان كافة قرارات الشرعية الدولية تعتبر ان القدس المحتلة عام 1967 تخضع للاحتلال وان السيادة فلسطينية عليها وان كافة اجراءات الاحتلال باطلة وهذا ما ينسحب على اعلان ترامب الذي يخرج عن الشرعية الدولية.»
وفيما يخص القدس الغربية المحتلة عام 48 19 فانها تخضع لإدارة دولية خاصة طبقا لقرارات الشرعية الدولية ومنها قرار التقسيم الصادر عام 1947 رقم 181 . ويوضح محدثنا ان الادارة الامريكية تعد قطعة من ارض في القدس الغربية لتكون مقرا لسفارتها هناك، مشددا على ان هذه الارض هي ملك لوقف اسلامي وللاجئين الفلسطينيين وهو ما يشكل عدوانا مضاعفا على الحقوق الفلسطينية في مضمون قرار ترامب .
الصهيونية العالمية
وفيما يتعلق بالتهديدات الامريكية للدول المصوتة لصالح مشروع القرار اجاب بالقول:« ان الادارة الامريكية تمعن في خضوعها للوبيات الصهيونية التي باتت تشتغل علنا من فوق خشبة المسرح بابتزازها وتصرفاتها المختلفة السابقة لاعلان ترامب واللاحقة له . والتي تدلل جميعا على اصرار هذه اللوبيات على اخضاع كل المنطقة العربية لترتيبات صهيونية في مستوى الاقليم، لن تترك من خلالها بلدا عربيا واحدا بمنأى عن الترتيبات. ويضيف ان هذه الدوائر تعمل منذ مجيء شارون الى السلطة في «اسرائيل» المدعومة على نهج «اسرائيل التوراتية». ولهذا النهج شقان الاول منهما يتعلق بفلسطين المحتلة عام 48 والتي ستصبح لليهود فقط دون بقية مواطنيهم من مسيحيين ومسلمين واقصاء لحق العودة للاجئين الفلسطينيين طبقا للقرار 194 ، والقرارات الاممية الاخرى ذات الصلة. وفي هذه الدائرة تعمل « اسرائيل» على الفرصة السانحة والظروف المناسبة لعملية « ترانسفير» بمعناها السياسي وقد تذهب للتنفيذ المادي لهذه الاستراتيجية «. او تعلق الامر بفلسطين المحتلة عام 67 التي تصبح من خلال هذا المفهوم الضفة الغربية والقدس تحت مسمى يهودا والسامرة. لتكون المفاوضات على شكل « هبة» وليس « حقا» . لذا يعتبر محدثنا انه ليس غريبا انه منذ مجيء شارون فقط وقع استبدال مبدأ الارض مقابل السلام ..بمبدأ الامن مقابل السلام من طرف « اسرائيل» ..وليس غريبا ان يمتد هذا المفهوم التوراتي الى الشق الثاني المتعلق بمجموع الاقليم العربي . لجهة طرح «حدودك يا اسرائيل من الفرات الى النيل ومن مشارق الارض ومغاربها واين تطأ بطون اقدامكم» . وهذا يقدم غطاء دينيا للمشروع الامريكي الذي حملته الادارة الامريكية منذ جورج بوش الابن على الاقل . وكانت قد اعلنت عنه كونداليزا رايس من مشروع « الشرق الاوسط الكبير» والذي تعتبر «استراتيجية الفوضى الهدامة» الذي تشهدها المنطقة احدى اهم آليات تنفيذه بفاعلية كبرى منذ هزيمة «اسرائيل» في حرب جويلية 2006 ..
القدس الكبرى
ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هو اي قدس هي التي تريدها اسرائيل وتريدها الادارة الامريكية المتصهينة عاصمة لها ..هل هي القدس المحتلة عام 48 و67 ام هي القدس الكبرى التي مع التوسيع المستمر للاستيطان باتت محاذية للبحر الميت على الحدود مع الاردن ..ومحاصرة بالاستيطان من جميع الجهات.
وتهود بأشكال مختلفة وباساليب مختلفة ؟ وكان آخر ما اعلن عنه هو بناء كنيس يهودي تحت الحرم القدسي يعيد محاكاة الرواية التوراتية والتلمودية فضلا عن المشاريع الاخرى المتعددة الهادفة الى تهويد القدس .
ويضيف محدثنا :«اذن فان المطلوب اسرائيليا هو ان تكون القدس الكبرى هي عاصمة دولة الاحتلال بما يمنع قيام اية دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا ..وديمغوغرافيا ..فضلا عن تقطيع وعزل قطاع غزة عن الضفة الغربية والمشاريع المتعلقة به».
ويوضح الرفاعي ان القدس الكبرى هي المنشودة اسرائيليا وامريكيا عاصمة لاسرائيل التوراتية طبقا للوصف السابق . وهذا ما يطابق ما كان قد اعلن عنه كبار الصحفيين الامريكيين زمن بوش الابن وقبيل احتلال العراق 2003 . وما معناه ان هناك خطأ جيولوجيا في هذه المنطقة يجعل من الثروة متركزة بيد شعوب متخلفة ولا يمكن اصلاح الخطإ الجيولوجي – على حد زعم هؤلاء –بحل جيولوجي بل بإعادة قراءة التاريخ الذي يعيد الاعتبار للطبقة التوراتية اولا وبعدها الصليبية. لتكون الطبقة الاخيرة العربية والاسلامية هي الطبقة المحتلة من قبل الاولى والثانية.
ان هذا التصور الذي جاء مع المحافظين الجدد والصهيونية المسيحية يبرر لهم « صهينة المنطقة» والهيمنة على ثرواتها كاملة تحت شعار انهم يعودون كمحررين لهذه المنطقة .. وهو الشعار ذاته الذي حملته الحروب الصليبية كافة .
128 دولة صوتت ضدّ قرار ترامب
صوتت 128 دولة لصالح قرار يدين اعتبار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة لإسرائيل. وفي الجمعية العامة، عارضت 9 دول القرار بشأن القدس وامتنعت 35 دولة عن التصويت، لصالح القرار الذي استبقته واشنطن بالتهديد. وبدأت الجمعية العامة للأمم المتحدة، المؤلفة من 193 دولة، جلسة طارئة امس بناء على طلب من اليمن وتركيا، للتصويت على مشروع قرار يرفض اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قد أعلن أن الدول العربية ستطلب من الجمعية العامة تمرير قرار مُلزم لكل مؤسسات الأمم المتحدة، يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وذلك استناداً على بند الاتحاد من أجل السلم. من جانبها حذرت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي مسبقاً من أنها ستخبر الرئيس الأميركي بقائمة الدول التي ستصوت لصالح القرار.
وزير خارجية فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
القدس هي مفتاح الحرب والسلم في الشرق الاوسط.
اكد رياض المالكي وزير خارجية فلسطين ان القدس هي مفتاح الحرب والسلم في منطقة الشرق الاوسط. وقال المالكي، في كلمته مساء امس امام الجلسة الطارئة للجمعية العامة للامم المتحدة لمناقشة مشروع قرار لالغاء قرار الرئيس الامريكى دونالد ترامب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل:» ان القرار الامريكي يؤجج المشاعر الدينية
ويخدم مصالح اسرائيل». واضاف ان كل الاطر الدولية اجمعت على حق الفلسطينيين في القدس، وقال «اننا متمسكون بمساعى تطبيق السلام».
من جانبه ، حذر مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة من تداعيات قرار ترامب على السلم في المنطقة معتبرا ان قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يهدد السلم ويزعزع الاستقرار بالشرق الأوسط. ودعا الجمعية العامة الى انصاف القدس والرجوع الى الشرعية الدولية والقوانين الدولية ..من جهتها، دعت روسيا، إلى إعادة فتح طرق الحوار المباشر بين الفلسطينيين والإسرائييليين، مع الالتزام بقرارات المجتمع الدولي. جاء ذلك على لسان المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحفي عقدته بالعاصمة موسكو امس الخميس.
وأشارت زاخاروفا، أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، تسبب بموجة احتجاجات واسعة في فلسطين. ولفتت إلى أن الوضع الإنساني في قطاع غزة، وصل إلى «مرحلة مقلقة»، فيما حذّرت من أن عدد القتلى والجرحى في المنطقة يزداد يوميا. وأفادت بأن «رفض الولايات المتحدة لقرار إعادة وضعية القدس إلى سابق عهدها، في مجلس الأمن (استخدام الفيتو)، إنما يفاقم الوضع أكثر فقط». وذكرت أن أفضل وسيلة لإنهاء الأزمة المتصاعدة في المنطقة، تتمثل في إحياء الحوار المباشر مجددا، بين الفلسطينيين والاسرائيليين.