أنقرة تدرب 5 آلاف مقاتل سوري «عملية درع الفرات» والدور التركي في سوريا

تم الاعلان امس عن قيام اكاديمية الشرطة التركية بالإشراف على تدريب 5 آلاف و631 مقاتلا سوريا للعمل كشرطيين بالمناطق المحررة في إطار ما يسمى بعملية «درع الفرات» شمالي سوريا، بحسب مصادر أمنية تركية. ويأتي هذا الاعلان ليطرح تساؤلات عديدة حول ماهية هؤلاء العناصر وانتماءاتهم خاصة في ظل انخراط تركيا منذ بدء الأزمة السورية قبل

سبع سنوات بتسهيل وصول ومرور المقاتلين الاجانب للقتال ضد النظام السوري.. وبحسب ما تم تداوله فان 20 في المئة من إجمالي هؤلاء السوريين شاركوا في التدريبات تحت إشراف شرطة العمليات الخاصة التركية.
وانطلقت التدريبات في ديسمبر الماضي، وبدأ هؤلاء المقاتلون مهامهم في مدن «الباب» و«أعزاز» و«جرابلس» و«جوبان باي». كـ«قوات خاصة».

التدخل التركي العسكري
بدأ التدخل الرسمي العسكري المعلن في سوريا تحت مسمى «عملية درع الفرات» في سنة 2015 تحت تعلة محاربة داعش الارهابي، وهو في جزء كبير منه محاولة تركية لإحكام القبضة على المناطق الحدودية السورية ، خشية من وقوعها تحت سيطرة الاكراد بعد دحر داعش الارهابي ..وشاركت في العملية آنذاك كتائب عسكرية تابعة لفصائل المعارضة السورية وخاصة الجيش الحر، مثل «فيلق الشام» و«لواء السلطان مراد» و«الفرقة 13». وقد ادانت دمشق حينها ما اسمته «الانتهاك الصارخ لأراضيها معتبرة ان محاربة الارهاب يجب ان تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية».. في حين اعلنت تركيا ان العملية هي رد على قصف داعش للبلدات التركية الحدودية والتفجيرات الارهابية التي استهدفت اراضيها.

داعش وتركيا
قبل ثلاث سنوات لم تكن الاراضي التركية هدفا لداعش الارهابي .. فالدور التركي الجلي في تسهيل مرور آلاف المقاتلين الاجانب عبر الحدود التركية الى سوريا من اجل محاربة النظام كان محمودا في نظر عناصر هذا التنظيم الارهابي .وكان الموقف التركي من داعش ورفض انقرة الانضمام الى التحالف الدولي ضد داعش في عام 2014 ، سببّ انتقادات غربية واسعة لتركيا مع اتهامها بدعم داعش الارهابي اثناء حصاره منطقة كوباني «عين العرب» بسبب استهداف هذا التنظيم الارهابي وحدات حماية الشعب الكردي ..وهي من الفصائل الكردية التي تعتبرها تركيا خطرا على امنها القومي..
وانطلق الصراع بين انقرة وداعش الارهابي تحديدا عندما فتحت تركيا قاعدة انجرليك الجوية للولايات المتحدة من اجل استخدامها في محاربة داعش وايضا عندما شنت تركيا حملة اعتقالات واسعة لعناصر داعشية على اراضيها بحلول عام 2013، وذلك في اطار لعبة التحالفات والتموقع داخل سوريا والمنطقة .. وفي 23 جويلية 2015، اتهمت تركيا التنظيم الارهابي بالوقوف وراء تفجيرات سروج وأنقرة والريحانية. وقامت قوات الجو التركية بقصف العديد من المواقع التابعة للتكفيريين.

توسع النفوذ التركي
يرى بعض المراقبين ان ما تقوم به تركيا من تدريب مجموعات مسلحة سورية مثل الجيش الحر وجبهة النصرة وغيرها من التنظيمات التي يصنف بعضها «كجماعات ارهابية» ، يأتي في اطار فرض النفوذ التركي في سوريا وخاصة في المناطق القريبة منها ... في هذا السياق يرى الباحث السوري زيد سفوك لـ «المغرب» ان ما تقوم به تركيا هو احتلال واضح. فسوريا – بحسب قوله -لم تعد لها سيادة وباتت مقسمة ضمن جغرافية واحدة مما يوضح ان من يسيطر على تلك المناطق من السوريين قد باعوا الارض والشعب لتركيا مقابل المال السياسي والمناصب المؤقتة لإدارة تلك المناطق . وذلك في سبيل حفاظ تركيا على مصالحها والإشراف على دعم الاسلام المتشدد والمتطرف وتحريكه لهم في الوقت المناسب لخوض معركة ضد الكرد» .

وبتابع محدثنا بالقول :«من هنا تتضح خيوط اللعبة بأن هناك تفاهما بين ايران وتركيا وروسيا لخلط الاوراق وتعطيل المشروع الامريكي السعودي في سوريا «. ويضيف بالقول :«سوريا تسير الى المزيد من الدمار في ظل تضارب مصالح القوى العظمى ووجود اجندات عسكرية خارجية داخل الاراضي السورية» .
اما الباحث والكاتب الكردي صلاح بدر الدين فيقول لـ «المغرب» :«لقد اختلط الحابل بالنابل في سوريا لأن الفاعلين الآن على الساحة هم الأجانب والقوى الإقليمية والدولية ولم يعد للسوريين أي دور لا أهل «الثورة» ولا أهل «النظام». وقال ان الخطورة تكمن في مساهمة البعض -عن وعي أو بدونه - في دعم القوى الإقليمية وبعض دول الخليج والقوى العظمى أيضا والخاسر هو الشعب السوري فقط وبلده المدمر.

في 29 مارس الماضي أعلن الجيش التركي رسميًا أن عملية درع الفرات «قد أنجزت بنجاح». ومن ذلك الحين وتركيا تستكمل خططها للسيطرة على مناطق جديدة في سوريا ..وسبق ان سيطرت على الريف الشمالي الممتد من جرابلس الى اعزاز بتعلة محاربة الارهاب...ويواصل الجيش التركي أنشطته العسكرية في ولاية هطاي الحدودية جنوبي البلاد، في إطار انتشاره بمحافظة إدلب السورية وفقا لاتفاق «مناطق خفض التوتر».

ويشار الى انه تم التوصل اليه بين القوى المؤيدة للأطراف المتنازعة في الحرب السورية بهدف تهدئة القتال ويضم منطقة إدلب، التي تهيمن عليها قوات معارضة، بالإضافة إلى أجزاء من محافظات اللاذقية وحلب وحماة. صحيح ان هذا الاتفاق قد ادى الى تخفيض مستوى التوتر بشكل لافت خلال الأشهر الماضية ، الا انه – في جزء كبير منه - يمهد الطريق نحو الاقتسام الفعلي للمناطق السورية بين القوى الاقليمية خاصة ( تركيا وايران) والدولية ( روسيا والولايات المتحدة ) الفاعلة والمؤثرة في المشهد السوري..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115