السمة الاهم لعلاقات الانظمة العربية فيما بينها منذ استقلال هذه الدول وحتى اليوم ...واذا عدنا الى الذاكرة العربية القريبة نجد امثلة عديدة من خلافات الانظمة و التي اتخذ بعضها طابعا عقائديا ..الخلاف البعثي العراقي – السوري ، مثلا يرجعه البعض إلى أسس مذهبية فقد هيمن انتماء القيادتين إلى السنة و العلويين على كل نفس وحدوي تقدمي بعثي علماني .
كما أن حصار الانظمة العربية لبعضها البعض و اعتدائها على بعضها البعض ليس أمرا جديدا.. فهي منقسمة أشد ما يكون الإنقسام، عوض التواجد في خندق واحد ضد المؤامرة الصهونية التي انطلقت قبل الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين و اغتصاب الحقوق الفلسطينية والعربية.. و لعل من المفارقات ان هذه الازمات لم تعد تحل بأياد محلية بل بات أي تصدع او خلاف تتم المسارعة إلى تدويله ..في هذا السياق تأتي دعوة روسيا الى التوسط لحل الازمة الخليجية «ان طلب منها ذلك»وذلك بعد دخول أمريكا وأوروبا وتركيا على خط الوساطة.
ولعلنا لا نجانب الصواب إذا اعتبرنا ان مصير المنطقة وشعوبها بات بيد القوى الكبرى. لكن المفارقة هي ان تنكب الدول العربية على محاصرة شعوبها ..عوضا عن البحث عن نقاط التقاء المصالح الاستراتيجية والحيوية ...
في خضم الازمة الخليجية الاخيرة وكذلك الحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن والاقتتال السوري والأزمة الليبية وغيرها من الملفات الساخنة ، يجد الفلسطينيون انفسهم يواجهون فرادى مخططات اسرائيل لتهويد القدس وتحقيق حلمها المزعوم بوضع يدها على المقدسات الاسلامية والمسيحية. لكن ذلك لم يحل دون أن يحقق المقدسيون – رغم غياب الدعم العربي – انتصارا هاما على الاحتلال من خلال إرغامه على رفع كافة التدابير التي كان قد وضعها على مداخل المسجد الاقصى ...ولعل ما ساهم في دفع الاحتلال الاسرائيلي الى التمادي في اتخاذ اجراءات غير مسبوقة تستهدف حرمة المسجد الاقصى هو الصمت العربي الرسمي وكذا تهافت عديد الأطراف سواء بشكل معلن أوغير معلن على التطبيع مع الصهيونية.
فرحة المقدسيين بالنصر -في مواجهة كل محاولات التهويد والسيطرة على المسجد الاقصى – هي الشمعة الوحيدة التي تضيء ظلامنا العربي ..فحرب الاقصى هي المعركة المشروعة في المنطقة في خضم فوضى المعارك وتعدد عناوينها السياسوية والطائفية والتي لن تؤدي الا الى مزيد التقسيم.