من مدينة الموصل القديمة من قبضة هذا التنظيم في معارك الموصل القديمة.
يأتي ذلك فيما تشهد المنطقة تحولات كبرى من شأنها ان تؤثر على معادلات القوى والأحلاف القائمة ..وتسير هذه التغيرات نحو تقزيم دور الجماعات الارهابية واستئصال نفوذها وتجفيف منابعها ..فهل يمكن اليوم الحديث عن مرحلة ما بعد داعش الارهابي؟
يقول الكاتب والباحث العراقي ناصيف جاسم حسين ان المناطق المتبقية في المدينة القديمة من الجانب الايمن من الموصل هي الأحياء التالية حسب آخر بيان للقوات المشتركة العراقية ،الفاروق الثانية، منطقة حضرة السادة والاحمدية راس الكور وضمنها الخاتونية وعبد خوب والشهوان الميدان وضمنها النبي جرجيس وجامع النوري والحدباء والقليعات والإمام ابراهيم باب الجديد وبضمنه منطقة الساعة باب الطوب وضمنها سوق النجفي والسوق الصغير والجسر القديم الحديدي السرجخانة ،وكل هذه الأحياء تنحصر بمساحة أبعداها 850م × 1700م، وربما يتم تحريرها بعد يوم أو يومين.
ويضيف بالقول :» تبقى مدينة تلعفر جنوب غرب الموصل، وهي ستكون محور العمليات بعد الإنتهاء تماما من تحرير وتنظيف الجانب الايمن من المتفجرات التي زرعها التنظيم في البيوت والشوارع والمركبات وكل شيء.
وهذا لا يعني إنتهاء داعش عسكريا تماما لكن نستطيع القول إن التنظيم قد قصم ظهره،. بقيت مناطق قليلة تحت سيطرته، ستحرر بوقت قصير نسبيا، مثل الحويجة في كركوك، وراوة وعنه، والقائم غرب الأنبار
الإنتصارات على داعش في سوريا والعراق، بدأت حين وصل العالم إلى نتيجة مؤكدة إن منح قوى الإرهاب حواضن وملاجئ آمنة سينعكس سلبا على أمن السلام العالمي وأمن المجتمعات مهما بعدت شقة المسافة بينها».
وكذلك تزامنت هذه المتغيرات على الأرض حينما تغيرت تحالفات تركيا بعد المحاولة الإنقلابية، وعملها مع الشريك الروسي لوضع صيغة حل مرضية في سوريا. الأمر الذي لايزال يشكل عائقا أمام القضاء على التنظيمات الإرهابية الأخرى مثل جبهة النصرة في سوريا، هو إن بعض الأطراف الإقليمية مثل، إسرائيل ترى في إستمرار هذا الصراع فرصة لتدمير بلدان المنطقة وجعلها دائما في حالة دفاع عن النفس. لا أعتقد بإحتمال نهاية سريعة للإرهاب في المنطقة وإن كانت الإنتصارات العسكرية في العراق وسوريا قد توحي بإحتمال تحقيق ذلك. ويرى الباحث العراقي ان الإرهاب صنيعة مخابراتية لدول إقليمية من بينها إسرائيل، ولا ينتهي إلا بقرار سياسي يأتي نتيجة تفاهمات سياسية على مستوى عالي، وإحتمال حصول ذلك أمر بعيد في المستقبل المنظور على الاقل. هدف الإرهاب هو إبقاء المنطقة خاضعة للإحتمالات كافة، إحتمال التدخل العسكري، إحتمال الحرب، إحتمال التقسيم، أو إحتمال السلام، وتحقيق اي من هذه الإحتمالات رهن بوصول القوى المؤثرة في هذه الصراعات الى تفاهمات توصل إلى نتيجة سلمية مرضية لجميع الأطراف أو تقاطعات توصل إلى سيناريوهات أكثر دراماتيكية.
وعن المشهد السياسي في العراق والحرب ضد الفساد اجاب: «الوضع السياسي في العراق أفضل مما قبل أربع سنوات، لكن لايزال الخطاب الطائفي هو الطاغي على الساحة، وهناك من يدعو إلى مؤتمر لـ«القوى السنية» في بغداد، بعد عقد مثيله في أنفرة وبروكسل، رغم إن القوى والشخصيات المشاركة فيه، ترفع منذ بعض الوقت شعارات «المدنية» و»العلمانية» لكن سلوكها وخطابها يشي بتوجهاتها الحقيقية، وهذه مشكلة حقيقية، فثمة من يريد إستغفال الناس البسطاء للإيهام بأنه مؤمن بتغيير السلوك والخطاب الطائفي يما يسعى بكل جهده لتأكيد النهج الطائفي- العرقي في تقاسم السلطة والمال والنفوذ، لا يمكن من كان سببا في الفوضى أن يسعى جادا لإقامة «نظام»، هذا من طبيعة الاشياء.
واضاف :«على الدول التي تسعى لإحداث تغيير يصب في صالح العراق وشعبه ووحدته وتماسكه، عدم الإصغاء إلى الشخصيات السياسية التي تسيدت المشهد السياسي منذ 13 عاما، فقد كان نتيجة ذلك، صراعات طائفية وقومية وحروب وفساد وفشل على كل المستويات، على الدول المؤثرة في المشهد العراقي مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، أن تستجلي آراء المواطنين العراقيين البسطاء وليس «زعماء الطوائف» إن كانت تسعى فعلا لصالح إستقرار العراق.»
وأوضح ان الوضع الإنساني متأزم جدا، وليس هناك معسكرات إيواء تستقبل نازحين جددا، وهي مكتظة اساسا بالنازحين الذين لم يعودوا الى مناطقهم المحررة المدمرة التي تفتقر الى البنى التحتية التي دمرتها الحرب. واضاف ان إمكانية الحكومة على تحسين الوضع محدودة بسبب قلة الموارد وإستمرار الحرب التي تستنزف الموارد المتاحة، وبسبب سوء الإدارة، وإنتشار ظاهرة الفساد التي باتت تهدد كل مسعى لتحسين الحال، فثمة متهمون بسرقة أموال تقدر بمئات الملايين كانت مخصصة لإيواء النازحين من المسؤولين الكبار في الحكومة، وهذه من المشاكل الكبرى التي تواجه رئيس الوزراء الذي يعلن أن معركته مع الفاسدين ستكون بعد القضاء على داعش.