الكاتب والباحث العراقي ثائر عبطان حسن لـ «المغرب»: هنالك تنافس إيراني - أمريكي محموم بين تيارين داخل الحكومة العراقية

• « داعش» الإرهابي انتهى في صلاح الدين والأنبار ونينوى
قدم الباحث والكاتب العراقي ثائر عبطان حسن في هذا الحديث لـ«المغرب» ابرز ملامح

المشهد في العراق الذي يخوض ابناؤه حربا ضروسا ضد داعش واخواتها معتبرا ان الوضع الأمني في بغداد العاصمة لا يزال هشا ، والخدمات متردية جدا ،والوضع الاقتصادي في انكماش تام ، . وفيما يتعلق بالحرب ضد الارهاب فاشار الى ان الجيش العراقي نجح في تحقيق انتصارات كبيرة على « داعش»الارهابي في صلاح الدين والأنبار ومن بعدها نينوى وهي تلفظ انفاسها الأخيرة هناك. واكد ان هنالك تنازع ادارات وإرادات خفي وتنافس إيراني - أمريكي محموم بين تيارين داخل الحكومة العراقية وأحزابها الحاكمة...وحذر محدثنا من تصاعد ازمة النازحين معتبران ان هنالك قضايا فساد متورطة بها عديد المنظمات الدولية الحقوقية وقال ان ضحايا عدد الأوبئة تجاوز مئات الآلاف من المنكوبين ..

• كيف هو المشهد الْيَوْمَ في العراق ؟
من الناحية السياسية ، فان جميع الأحزاب السياسية ، وهي جميعها في السلطة طبعا ، لكن بنِسَب تمثيل متفاوتة ، منهمكة وبشكلٍ محموم في التحضير للإنتخابات القادمة التي ستقام في خريف عام 2018، والسبب في رأيي لهذهِ التحضيرات المبكرة يعود لإدراك هذه الأحزاب سواء كانت عربية أم كردية ، سنيّة أو شيعية ، لمعرفتها بأن جماهيرها ستتخلى عنها بسبب افلاسها ، وعدم مصداقيتها علاوة على فسادها جميعا دون استثناء . فالوضع الأمني في بغداد العاصمة لا يزال هشا ، والخدمات متردية جدا ،والوضع الاقتصادي في انكماش تام ، مع تزايد غير مسبوق في معدلات البطالة .

• الى أين وصلت جهود مكافحة الإرهاب وبالأخص مع استراتيجية ترامب الجديدة ؟
رئيس الوزراء حيدر العبادي ، ومنذ تسلمّه المنصب سَخَّر جهود حكومتهِ على جميع الصُعُد لمكافحة الاٍرهاب ، واسهم فعليا في بناء الجيش والشرطة بشكل مهني قدر استطاعتهِ ، وسنّ القوانين الشرعية لدمج قوات الحشد الشعبي للقوات الأمنية النظامية للدولة مما اسهم فعلا في تنسيق الجهود وتوحيدها ، وهذا بدوره أعطى زخما كبيرا لهذهِ القوات في تحقيق الانتصارات الكبيرة على « داعش» الارهابي في صلاح الدين والأنبار ومن بعدها نينوى حيث تلفظ « داعش» انفاسها الأخيرة هناك.

لكن ، وفِي ظل استراتيجية ترامب الحالية ، يوجد تنازع ادارات وإرادات خفي وتنافس إيراني - أمريكي محموم بين تيارين داخل الحكومة العراقية وأحزابها الحاكمة ، الأول يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي ،والمدعوم كليا بتشكيلات الجيش العراقي والشرطة الإتحادية النظاميين ، وتأييد شعبي من القوى السنيّة والشيعية وبعض الأحزاب الكردية ، علاوة على تأييد ضمني من المرجعية الدينية العليا المتمثّلة بالسيد علي السيستاني ، وهو( العبادي ) يحاول جاهدا ، النأي بنفسهِ عن التوصيات والضغوطات الإيرانية من جهة ، وعن وصفهِ بالتبعية للسياسات الأمريكية الداعمة لتوجهه ( كونهِ لا يأتمر بأوامرهِ من إيران ) من جهة إخرى ، بالرغم من فشل السياسات الأمريكية التي دمّرت ما دمّرت من العراق وأعاثت الفساد فيه . التيار الثاني ويقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي المدعوم كلياً من طهران وهو الأقوى طبعاً ، عبر وجود العديد من الفصائل والمنظمات المسلّحة تسليحا متطوراً وحديثا وبإنضباطية وإخلاص عاليين ، كمنظمة بدر بقيادة هادي العامري، وحركة النجباء ، وعصائب أهل الحق ، والنجباء ، وحزب الله ،والقائمة تطول ..

ايران تحاول جاهدة أن تُعبّد طريقها البري عبر العراق ، سوريا ، ومن ثم لبنان ، للوصول الى شواطئ البحر الأبيض المتوسط، ، وهذا ما تحقق لها في المعارك الأخيرة وتلاقي قوات الحشد الشعبي المدعومة منها مع القوات السورية النظامية في منطقة « النتف»، وإدارة ترامب التي حاولت وتحاول قطع هذا الطريق وإنشاء موطئ قدم لها في هذه المنطقة لإفشال المخطط الأيراني ، والغلبة للأقوى على الأرض ، ولا يزال الصراع قائما حتى لحظة كتابة هَذِهِ السطور .

• ماذا عن الوضع الإنساني للنازحين والصعوبات التي تواجههم ؟
الوضع الإنساني للنازحين ، لا يمكن حتى لبلاغة الكلمات وصفه ، فهو سيّء ، وكارثي ، ومقيت لحد التقزّز ، وانا هنا لا أسطّر لكم ما تتناقله وكالات الأنباء المحلية والعربية والدولية ، بل عن شهود عيان ، نخبة من المثقفين والباحثين والأكاديميين العراقين ممن تطوعوا بالذهاب الى هناك ، أطباء ، حقوقيون ، وناشطون في مجال حقوق الإنسان ، وكنت على تواصل معهم ، ورووا قُصصاً تقشعّرُ لها الأبدان والنفوس ، في معسكرات النازحين في القيّارة ، وحمام العليل ، وبعض أجزاء الموصل.

ففي مخيم القيارة مثلاً والمُسمى « ايكستنشن « من قبل المنظمات الدولية والذي يضم ستة معسكرات ، تنتشر وبشكلٍ مُرعِب الأمراض الجلدية ، أغلبها حالات الجرب ، وحبة بغداد، وحالات إسهال شديد لدى الأطفال بسبب نقل المياه المنقولة لهم بصهاريج كانت مخصصة أصلاً لنقل المشتقات النفطية مما يؤدي بهم لحالات من الجفاف نتيجتها الموت المُحتّم، أضِف الى ذلك حالات شلل الأطفال المتصاعدة بسبب عدم إجراء التلقيح الوقائي خلال سنتين من حكم « داعش» الارهابي وبوجود مراكز صحية حكومية فقيرة تستقبل ضحايا الأوبئة لساعة واحدة في الْيَوْمَ لأعداد غفيرة تجاوزت مئات الآلاف من المنكوبين مستشفى القيّارة صغير ، ولا يستوعب الأعداد الهائلة من المصابين لكافة الأمراض ، بما فيها، المصابون ، والكسور الناتجة عن السقوط أثر الهروب من « داعش « وقد تمت معالجتها بشكل بدائي وسريع أدّى الى شلل العديد من النازحين ، بوجود إصابات وطلقات أسلحة نارية لا تزال ترقد في عظام الكثيرين من كبار السن والنساء والأطفال ، في كل مخيم ، والذي يحوي عشرات المعسكرات ، وكل معسكر يحتوي على الآلاف من النازحين ، توجد هنالك حمامات مشتركة يُعبأ ماؤها من خلال صهاريج بلاستيكية ، رائحتها في غاية القرف ، والخيم بلا مكيف للهواء أو مروحة أو أي شيء يحرّك الهواء في ظل درجة حرارة تتجاوز 45 درجة مئوية حتى أضحت المخيمات أفرانا لشواء الكرامة الإنسانية بحق .

الوضع النفسي في مخيمات النازحين ، هو الأسوأ . فاليأس هو سيد الموقف على الإطلاق . فالناس هناك تخلصوا من فكرة الإحتشام الإجتماعية الصعبة ، فبإمكان رجل ستيني ذو هيبة أن يتحمّل العدو مُسرعاً وراء شاحنة لتوزيع المياه أو الأغذية من شدّة الجوع والعطش له ولأبنائه ، أو حتى تحمّل الإهانات من سائقي تلك الشاحنات من كلمات نابية تصل حد امتهان كرامتهِ المُقدّسة امام أبنائهِ وأحفاده.

هنالك ، عوائل للدواعش ضمن النازحين ، ينظر لهم الأغلبية بكرهٍ مقيت ، وغالبا ما يتم الإخبار عنهم ليتم سوقهم من قبل أفراد الحشد الشعبي الى معسكرات خاصة للتحقيق معهم ، تتلقف أخبارهم وكالات عربية لتشي بالقول بأنهم ضحايا إضطهاد وممارسات الحشد الشعبي في التنكيل بالنازحين لأسباب مذهبية وطائفية بالرغم من رفعهم الرايات السود حتى في تلك المُخيمات .

وأخيراً ،وليس آخراً ، فإن المنظمات الدولية المتمثّلة بالصليب الأحمر ، ومنظمة حقوق الانسان ، والهلال الأحمر العراقي ، وأطباء بلا حدود ، جميعها منظمات منخورة بالفساد ، وتعمل على غسيل الأموال ، وتتاجر بقضية النازحين ، وما حصل من تسمم المئات من النازحين في مخيم «خازر» لهو المثال الصارخ لإثبات قولنا هذا.. وللحديث بقيّة
وفِي الآخر ، فإن من يُساعد النازحين وبحق ، هم عامة الناس ، هنالك تبرعات ، وحملات من فقراء الجماهير ، تهب ما تملك ، رغم فقرهُم الشديد ، لتخفيف الحيف عن هؤلاء المنكوبين ، بوحيٍ من إنسانيتهم ، ومن حلُمهُم بأن الله سيكون يوماً ما معهم ، بلا أدنى شك.

• واين وصل الاصلاح الحكومي المعلن ؟
فيما يخص الإصلاح الحكومي ، يكفي القول بحسب رأي الأغلبية من الناس ، بأن الحكومة تحتاج لإصلاح نفسها من الفساد
المستشري بكل مفاصلها ، ولا يمكن لها ان تُصلِح أحوال الناس . . .

• وكيف اثرت ازمة قطر على الوضع العراقي؟
اما عن أزمة «قطر» فتلك فبركة أمريكية ، العراق ليس معنياً بها وعليه إصلاح أوضاعه الداخلية وإصلاح علاقاتهِ الخارجية مع جيرانهِ من «الأخوة الأعداء» لحين انجلاء هَذِهِ الأزمة ليتسنى له اتخاذ القرارات المناسبة بما يتلاءم مع مصالح الشعب العراقي المهموم .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115