الباحث والمفكر الفلسطيني سميح شبيب لـ «المغرب»: دون تسوية القضية الفلسطينية لا يمكن للشرق الأوسط ان يهدأ

يتحدث الكاتب والمفكر الفلسطيني سميح شبيب رئيس تحرير مجلة «شؤون فلسطينية» في هذا الحديث لـ «المغرب» عن ابرز التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية والعالم العربي في هذه المرحلة

وابرز الملفات المطروحة على القمة العربية في الاردن مشيرا الى ان اطار جامعة الدول العربية بالشكل الذي كان عليه منذ عام 1946 لم يعد صالحا..وتطرق ايضا الى تأثيرات وصول الرئيس الامريكي دونالد ترامب الى الحكم على الاستراتيجية الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ..وقال ان العالم العربي بحاجة الى اعادة نظر ونهضة جديدة..

• تنطلق يوم غد القمة العربية الـ28 في عمان ..ما تطلعاتكم بشأنها وهل ستأتي بجديد ام انها ستنتهي مثل سابقاتها دون نتائج ملموسة؟
ستلتئم هذه القمة في العاصمة الاردنية عمان اليوم ، وفي اعتقادي ستأخذ في الحسبان المستجدات الدولية خاصة مجيء ترامب الى الحكم ومالذي يريده ترامب ومالذي يأخذه في عين الاعتبار خاصة فيما يتعلق بإعادة ترتيب الشرق الاوسط والقضية الفلسطينية تحديدا . ونحن نعرف ان هناك اتصالات جرت ما بين الملك عبد الله وترامب منذ ان تولى الأخير الحكم ، وهنالك حرص اردني شديد على الوصول الى تسوية ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين لأن في ذلك ما يمس وضع الاردن وخاصة فيما يتعلق بالأحداث التي تجري في سوريا وتأثيراتها على الاردن . وهناك ايضا دعوة رسمية لعبد الفتاح السيسي الرئيس المصري الى واشنطن وهناك نوع من الانتباه الشديد العربي لمجريات هذه الامور . وفي تقديري ان هذه القمة اذا التأمت فسوف تضع سقفا سياسيا لها فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وهي المبادرة العربية التي تقوم على التطبيع الشامل مع «اسرائيل» مقابل انسحاب شامل وهذا هو السقف السياسي الذي ستتحرك ضمنه القمة العربية .

• تقييمكم لهذه المرحلة الصعبة في العالم العربي وما تأثيرات ما يحصل على القضية الفلسطينية؟
لاشك ان ما حصل في العالم العربي وسمي زورا وبهتانا بـ «الربيع العربي» اثرّ سلبا على اوضاعنا بفلسطين ، اضعف حركتنا وعمقنا . وكما كان يقول دائما الشهيد ابو عمار رحمه الله ان هذه القضية لبّها فلسطيني وعمقها عربي وآفاقها دولية .بمعنى ادق كان العرب يشكلون لنا دائما السند والحاضنة والعمق ..حتى لفترات قريبة كانت هناك لجنة المتابعة العربية .. فأي قرار فلسطيني كان يعرض على لجنة المتابعة العربية التابعة لجامعة الدول العربية .الان ما حصل في سوريا ومصر أثر سلبا علينا ..هل ما يحصل سيضعفنا الى درجة الاستسلام.. الجواب قطعا لا .. سنصمد وسنواصل ..
بالنسبة للربيع العربي او لما حصل في سوريا تحديدا نجد انفسنا ضيوفا هاجرنا من بلادنا وتحت القانون وليس فوقه ولا نتدخل مع طرف ضد طرف وأملنا ورغبتنا وجهدنا ينصب على عودة النظام العربي الى قوته دون أي تفتيت.. أي مناهج ستفكك العراق ومصر وسوريا نحن ضدها .

• منذ وصول دونالد ترامب على رأس الادارة الامريكية صدرت عنه عديد المواقف بخصوص فلسطين ..ما تأثير ذلك على الاستراتيجية الامريكية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية؟
لا شك ان هناك متغيرا في الولايات المتحدة الامريكية حصل منذ وصول ترامب .. بالنسبة لنا كفلسطينيين عرب لم نعتد على مرشح بمواصفات ترامب فهو اولا رجل اعمال ومال واقتصاد استراتيجي ان جاز التعبير وهو في الاصل ليس رجل سياسة ، ويرى ان مصلحة الولايات المتحدة اولا وقبل كل شيء وان الاعتبارات السياسية تأتي في سياق المصالح الاقتصادية .. لذلك كانت تصريحات ترامب ودعايته الانتخابية تثير القلق والريبة في العالمين العربي والإسلامي .. وننظر اليها وكأنها خروج عن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية. نحن كفلسطينيين استمعنا الى هذه التصريحات بنوع من التوجس خاصة فيما يتعلق بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس وهي دوليا ارض محتلة ولا يجوز فرض سيادة دولة عالمية عليها ..وفيما يتعلق بالاستيطان هو يشجع الاستيطان ويتحدث وكأن الامور انتهت فيما يتعلق بالمفاوضات او بحقوق الشعب الفلسطيني ونحن تريثنا وقلنا علينا ان نستمع من ترامب مباشرة عما يريده لكي نتعاطى مع هذا الطرح سلبا او ايجابا .. ندرك ان الولايات المتحدة لا يقودها شخص بعينه بل هي دولة مؤسسات وبأن الملف الفلسطيني الاسرائيلي دسم ومتعدد الاطراف وبان ملفات التفاوض التي رعتها الولايات المتحدة في السابق كثيرة. وبعد ان اعتلى ترامب منصة الحكم في الولايات المتحدة قام بلفتة مفاجئة بقيامه باتصال مباشر مع الرئيس محمود عباس ودعوته اياه الى الولايات المتحدة ، في وقت جاء بعد ايام من طلب ترامب من «اسرائيل» التوقف عن الاستيطان والاكتفاء بما هو قائم ونحن لا نقبل بذلك ونحن نقول ان الاستيطان كله غير شرعي .

الحكومة الاسرائيلية الحالية هي حكومة مستوطنين واذا توقفت عن الاستيطان لساعة واحدة تنهار .. لذلك أرى ان هناك مستجدات في القضية الفلسطينية ستحصل بعد لقاء ترامب - محمود عباس ..وهناك نوع من المصلحة الوطنية الامريكية تقتضي ان يوازن ترامب بين مصالحه في الشرق الاوسط وبين العرب ولبّ القضايا وكلها وهي القضية الفلسطينية المحورية .. لانه دون تسوية للقضية الفلسطينية لا يمكن للشرق الاوسط ان يهدأ ولا يمكن للأزمة السورية او العراقية او المصرية ان تجد حلا لها.. نحن نتطلع الى المستقبل بعين مشرقة ..بتفاؤل وهذا حق تاريخي لنا وحق شخصي وقانوني، لذلك نحن في حالة صراع مع كل من يقف ضد مصالحنا الوطنية واستقلالنا الوطني وسنستمر في ذلك ...

• نعود الى منظمة التحرير الفلسطينية ووضعها ما بين الماضي والحاضر وكيف تنعكس الصراعات الداخلية على هذه المنظمة العريقة وما المطلوب لإعادة الزخم ؟
رأيي الشخصي ان النظام العربي بات بحاجة الى اعادة نظر يعني ما حصل في زمن معين لم يعد صالحا الآن .هناك مستجدات اقليمية ودولية عميقة وخطيرة ،النظام العربي الذي كان قائما لم يعد قائما ، واطار جامعة الدول العربية بالشكل الذي كان عليه منذ عام 1946 لم يعد صالحا . الامور تحتاج لإعادة نظر وبلورة رؤية جديدة وهذه الرؤية لا توجد لها ملامح حتى الان . القضية تحتاج الى جهود وقوى سياسية ناهضة ورؤيا شابة وهذه الامور تحتاج الى جهود وبحث معمق .

• الانقسام بين فتح وحماس عمق الجرح الفلسطيني هل هناك من آفاق للحل؟
الانشقاق الجيو- سياسي الفلسطيني هو صناعة اسرائيلية في الاساس لان هذه الصناعة -التي ادت الى هذا الانشقاق الجيو- سياسي العميق- ترمي الى حرمان الفلسطيني من حق تقرير مصيره . واذا نظرنا الى كافة التجارب السياسية في العالم نجد ان أي شعب منشق على نفسه لا يستطيع ان يقرر مصيره بنفسه اذن يجب ان نتوحد . نحن كمنظمة تحرير فلسطينية وكحركات سياسية وديمقراطية في هذه المنظمة، بذلنا من الجهود ما هو كثير وقلنا انه لا يمكن حل هذا الانشقاق عن طريق العمل المسلح. وكنا دائما عندما نصل الى اتفاق ما معين مع حركة حماس كانت تتجاوزه بوضوح وصراحة .. ومن خلال تجربتي الشخصية ولقائي مع قادة حماس والتحاور طويلا بان بالكاشف بان قادة حماس عقائديا وتاريخيا ليسوا اعضاء في منظمة التحرير هم اخوان مسلمين ولا يرون في منظمة التحرير اطارا يستطيعون العمل فيه . وثالثا ان القرار ليس بيدهم هو بأيدي غيرهم وقيادة حركة الاخوان المسلمين في العالم ..

وهل يوجد في الافق أي نوع من المصالحة.. الجواب لا للأسف الشديد، الان سندخل مرحلة الانتخابات وأولها الانتخابات البلدية والقروية والمجالس المحلية . حماس عارضت الانتخابات وستُجرى الانتخابات فقط في الضفة الغربية وتؤجل في غزة . وتقديري ان هناك في غزة نوع من المشروع الاقليمي -الاسرائيلي لإيجاد نوع من الكيان السياسي في قطاع غزة ونحن سننظر اذا حصل ذلك على انه اقليم متمرد ..

• اذنا يبدو اننا مقبلون على مرحلة أشد تعقيدا؟
نحن في حالة صراع ..نحن كفلسطينيين منذ اوائل القرن الماضي ما زلنا في حالة صراع وكما كان يقول ياسر عرفات رحمه الله نحن طائر الفينيق وهو الذي كان يسقط في النار ثم يعود وينهض ثانية. فهذا الصراع ليس بقليل وطويل الامد وعلينا ان نستمر به حتى نيل حقوقنا الوطنية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115