سوريا على أعتاب مرحلة جديدة وحاسمة

ليس ثمة خلاف حاصل على أن الأزمة السورية شائكة وشديدة التعقيد، لكن في الأيام العشرة الأخيرة انتعشت الآمال بتوصل المعنيين بمتابعة الملف السوري إلى حيث يمكن الانطلاق سريعا إلى الفصل الأخير من الحرب التي تجري على أرض سوريا،

حيث عقدت المفاوضات السورية في أستانة عاصمة كازاخستان واختتمت بسلام محققة نجاحاً كبيراً بفضل تمكًن الثلاثي الروسي- التركي- الإيراني من جمع المعارضة المسلحة «باستثناء المجموعات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة» والحكومة السورية على طاولة واحدة من أجل محاولة إيجاد فضاء مشترك للبدء بمسار سياسي من أجل حل للأزمة في سورية.

دخلت المفاوضات السياسية السورية مرحلة جديدة مع بداية اجتماعات أستانة، حيث عقدت مباحثات أكثر واقعية وتلبية للحد الأدنى من التوقعات، أفضل بكثير من المباحثات السابقة التي كانت تعقد لحلحلة الأزمة، لم يكن الهدف من تلك المفاوضات التوصل إلى حل سياسي في سوريا خلال مدة زمنية قصيرة وبعصا سحرية بل التمهيد لحل حقيقي وطويل الأمد عبر اتخاذ خطوات تدريجية وقد تحقق ذلك بالفعل، تحت ضمان تركي-روسي -إيراني يهدف إلى تحويل قرار وقف إطلاق النار في سورية إلى قرار دائم, سيقوم هذا الثلاثي خلال الأيام المقبلة باتخاذ خطوات جديدة عملية لتطبيق ما يهدف إليه اجتماع أستانة، كما تجري في الوقت نفسه تطورات مهمة ستحدد المسار العام للأزمة في سوريا.

في هذا السياق بدأت بوادر تلوح في الأفق لحل الأزمة السورية حلاً سياسياً في ضوء الحديث عن مبادرات وجهود سياسية ودبلوماسية من عدة أطراف مؤثرة وفاعلة في المنطقة، ربما يكون من أبرزها حالياً عقد جولة جديدة من مفاوضات السلام بين أطراف الصراع في سوريا، وتشكل مفاوضات السلام المقرر استضافتها في جنيف نهاية الشهر القادم برعاية روسيا بارقة أمل لتحقيق السلام والاستقرار وعلى الرغم من المرحلة الصعبة والخطرة التي تمر بها سوريا وفشل التسوية السياسية في الجولات السابقة، فان الأمل في التوصل الى مخرج من الدمار الذي تعرضت له لا يزال قائما من خلال جمع أطراف الصراع حول طاولة الحوار في جنيف بهدف انهاء معاناة السوريين وإعادة الأوضاع المستقرة الى وضعها الطبيعي.

في نفس السياق إنّ التسوية للأزمة السورية وفق الشروط والتفاهمات التركية الإيرانية، وبمباركة روسية، باتت اقرب من أي وقت مضى، فالتدخل الروسي الذي أحدث تغييراً عميقاً في أدوات الفاعلية لدول الأطراف في سوريا، يعزز توقعات مشاركة أمريكا في هذه المرحلة، خاصة أنّ وجهة نظر الرئيس الأمريكي «ترامب» مشابهة لوجهة النظر الروسية تجاه سوريا، في جميع الأحوال فإن الأطراف ستكون أكثر واقعية خلال مؤتمر جنيف القادم، كما يعتقد المهتمون بالشأن الدولي أن المرحلة القادمة ستشكّل فرصة جيدة من أجل التوصل إلى الحل والسلام في سورية ولكنها تحتاج إلى صبر ووقت طويل.

اليوم لم يعد للجماعات المسلحة القوة العسكرية التي تجعلها قادرة على الاستمرار في مواجهة النظام ،وفي الاتجاه الأخر لم يعد للجماعات المسلحة من حلفاء فاعلين ومؤثرين كتركيا أو معظم دول الخليج وإنطلاقاً من ذلك ينبغي على المعارضة السياسية أن تقرأ حقائق الوقائع وفهمها كي لا تخسر كل شيء، لأن عدم نجاح محادثات جنيف القادمة، سيجعل المعارضة تخسر كل شيء، لذلك لا بد من المشاركة في المفاوضات للتوصل الى حل للأزمة السورية.

مجملاً...... من الواضح الآن هو أنه تتوفر خطة متكاملة يتم توفير الظروف المناسبة لإنجاحها لحل الأزمة في سوريا، وأن الجميع يتعاون على تحقيق ذلك إلا أن الجهد الأكبر تقوم به روسيا عبر مبعوثها، لذلك فأنّ المشهد السوري على ابواب تطورات مفاجئة أولى البشارات هي الإعلان عن خطّة وقف العمليات القتالية، وفصل الفصائل عن «داعش» و»النصرة»، وإدخال المساعدات ، وهذا الأمور تمهد وتهيئ البيئة المناسبة لمباحثات جنيف ونجاحها.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115