الكاتب والمحلل السياسي العراقي هشام الموزاني لـ«المغرب»: «العراق الآن يمرّ بترتيبات ما بعد «داعش»الإرهابي وتأخر حسم معركة الموصل يعود إلى أسباب إنسانية»

قال الباحث والمحلل السياسي العراقي هشام الموازني في حوار لـ«المغرب» انّ التحدي الحقيقي الحائل دون حسم معركة الموصل يتمثل في الساحل الايمن للمدينة ذي الكثافة السكانية العالية . وتابع الموزاني انّ الصراع السوري والعراقي كلاهما

يحمل «ملامح متشابهة ومتشابكة»، وانّ أي تسوية محتملة للأزمة في سوريا ستلقي بظلالها على المشهد العراقي حتى لو اختلفت المحددات الجيوسياسية والعسكرية والامنية بين البلدين.

• لو تقدموا لنا تقييمكم للمشهد السياسي والأمني الراهن في العراق؟
لا يخفى على احد مدى تعقيد المشهد العراقي سياسيا واجتماعيا وأمنيا ،ان الملف الامني هو الية سياسية وانعكاس بطريقة ما للصراع حول السلطة والنفوذ والثروة والأرض، ان العراق الان يمر بترتيبات ما بعد «داعش» ونلاحظ محاولات تركيز النفوذ على الأعراق والطوائف المتصارعة للحصول على اكبر المكاسب، لا نستطيع القول انّ الصراع قد تغير نوعيا بعد «داعش» أو تغيرت الخطوط العريضة للتفاهمات والتّحالفات بل ربما يكون وجود «داعش» كتهديد وجودي قد ركّز وبشدّة تحالفات قديمة وخلق تحالفات جديدة وهذا ايضا يعني ظهور صراعات جديدة، ربما كانت الاحداث الامنية والانكسارة العسكرية ومن ثم ردة الفعل لتحرير الأراضي العراقية والتي حظيت بدعم شعبي كبير من جميع المستويات ،ربما كانت هي ايضا وسيلة للخروج من عنق الزجاجة السياسي والتوصل الى تفاهمات كبيرة ، انّ الصراع السياسي بحاجة الى مبررات وتنازلات من جميع الاطراف لحل الملفات العالقة بأصحاب السلطة والنفوذ والثروة او الارض .

• الى اين وصلت عملية تحرير الموصل ؟ وكيف ترون اوضاع المدنيين هناك؟
عسكريا تستمر عملية تحرير الموصل (فهذه المدينة هي مركز محافظة نينوى)، بالتزامن مع عمليات كبرى في معظم محافظة نينوى ،الجهد العسكري يستمر بزخم ودأب شديدين وفق خطط محكمة لا تتناسب مع مزاج السياسيين والحكومة المفرطة بالتفاؤل، هناك صعوبات كبيرة ذات بعد انساني تواجه القوات المحررة حيث عمدت «داعش» الى استخدام المدنيين كدروع بشرية مما صعّب من قدرة المناورة للقطاعات المحررة خصوصا في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. ان الجهة اليسرى من مدينة الموصل هي الجزء الاسهل بسبب قلة عدة السكان وسعة شوارعه ومناطقه. اما التحدي الحقيقي فهو في الساحل الايمن الجزء القديم من المدينة ذي الكثافة السكانية العالية والشوارع والدروب الضيقة، كما ان نزوح العوائل من مناطق الصراع اضاف اعباء كبيرة على كاهل القوات المحررة خصوصا وحدات الفرقة الذهبية (القوات الخاصة) والتي اخذت دورا اغاثيا اضافة الى دورها القتالي . حسب مصادر متعددة ان عدد النازحين الان تجاوز 140 الف مواطن في ظل ظرف امني واقتصادي متردّ مما ادى الى ضعف الخدمات المقدمة على الرغم من توفر الكثير وبجهد كبير إلا ان اعداد النازحين ازداد، وقد شابت ملف النازحين الكثير من شبهات الفساد التي سببت معاناة جديدة تضاف الى معاناة النزوح، وقد كان الموقف الحكومي المعلن قبل انطلاق العمليات العسكريّة هو محاولة ابقاء المواطنين في منازلهم من خلال تكتيكات عسكرية غاية في التعقيد . وربما نجحت هذه الرؤية بدرجة معينة ولكن بدأ ملف النزوح بالتضخم يوما بعد يوم خصوصا مع اطالة مدة العمليات العسكرية لأسباب متعددة اهمها الملف الانساني.

• هل تتوقعون تغيرا في سياسة امريكا تجاه العراق مع قرب تولي ترامب مقاليد الحكم ؟
لا اعتقد ان وصول دونالد ترامب الى سدة الحكم سيغير كثيرا في الاستراتيجية الامريكية في المنطقة والعالم، ومرد ذلك ان الولايات المتحدة دولة مؤسسات عريقة وقوية وفاعلة لا تتغير رؤيتها بتغير الرئيس، نحن العرب ننظر الى الشأن الامريكي بالعين العربية وتراثنا الطويل من الدكتاتوريات التي ما ان تتبدل حتى يتبدل كل شيء في الوطن. ربما يكون ترامب شخصية فضّة وصارمة في بعض الملفات وسيغير الكثير من التكتيكات ووسائل الضغط في المنطقة العربية والإقليم الشرق اوسطي ولكن لا اظن ان هناك تغييرا نوعيا في مجمل السياسة الامريكية ربما التصعيد ضد ايران وقبلها الصين سيكون هو الملف الابرز والأوضح في تغيير التكتيكات.

• مع الحديث عن تسوية محتملة في الملف السوري برأيكم هل سيؤثر ذلك على الوضع العراقي ؟
ان الصراع السوري والعراقي كلاهمـــا يحمل ملامح متشابهة ومتشابكة ، وابرز تمظهراته هي داعش (او مايسمى الدولة الاســلامية في العراق والشام)، ان المناطق الحدودية بين البلدين بالأغلب تحت سيـــطرة «داعش» الارهابي من جهتي الحدود إلا في مناطق معينة تحت سيطرة كردية. ان الجهد العسكري العراقي ينصب على طرد «داعش» وتدميرها كأولوية. ولكن نلاحظ ان الملف السوري لا يعطي الان اهمية كبرى لمحاربة «داعش» مقارنة بمحاربة النصرة بل وحتى الجيش الحر وبقية الفصائل.
لذلك فان التسوية السورية لها محدداتها وتشترك مع العراق في رؤية مترابطة تنص على تامين ضفتي الحدود ولكن تختلف المعطيات بين البلدين نتيجة اختلاف المحددات الجيوسياسية والعسكرية والامنية في تفسير طريقة التامين. فحلحلة الملف السوري تساهم في قطع الامدادات عن دواعش العراق اذا تفرغت الحكومة السورية بدرجة اكبر لمعركة الرقة او على الاقل توجيه ضربات تفقد التنظيم قدرته على التحشيد او التكتيك والتحرك بأريحية في البادية السورية خصوصا (حيث صرح قائد التحالف الدولي ان الحرب ضد «داعش» يمكن ان تستمر لمدة عامين خصوصا في الصحراء السورية المحاذية للعراق»).
ويبقى الاهم ان التسوية السورية بالمجمل ستساعد العراق من خلال وجود جار قادر على تحييد القوى الارهابية في الجزء الغربي من الحدود العراقية .

• لو تقيموا لنا الدور التركي في العراق وتأثيره على المنطقة ؟
فقدت تركيا الكثير من قدرتها في التأثير بالأحداث الدائرة لتصبح هي بحد ذاتها هدفا للمجموعات الارهابية ، لا ننفي ان تركيا دولة اقليمية ذات قوة عسكرية عالمية وعضو في حلف شمال الاطلسي ولها من المصالح والأهداف ما لايمكن ان تتركه وتسير بهدوء مبتعدة . ان تعاطي الولايات المتحدة والحكومة العراقية مع ملف «داعش» المشترك وقدرة القوات العراقية بمختلف مسمياتها على تحقيق انتصارات مهمة وسريعة، والتعاطي السياسي المحنك غير العاطفي الذي استخدمته حكومة حيدر العبادي ساهم وبشدة في تحييد الدور التركي بل جعله في خانة الاعتداء ,,, ربما كانت الذريعة الاهم لدى الاتراك للتدخل تنقسم باتجاهين اولهما وجود «داعش» في الموصل مما يسبب تهديدا امنيا جديا قريبا منها وهذا تم تقزيمه من خلال الانجازات العسكرية المشتركة للقوات العراقية واذرعها وقوات التحالف، والاتجاه الثاني البعد الطائفي في محاولة لسحب الصراع السياسي الى ارضية طائفية من خلال الدعاوى لحماية السنة من عمليات انتقامية تقوم بها القوات المحررة وخصوصا الحشد الشعبي. وتم تحييد هذا الاتجاه بشهادات من الامم المتحدة بالتعامل الانساني للقوات المحررة ،وتصريح قوات التحالف (بان القوات العراقية مصدر الهام في التعامل الانساني) يبدو ان الاتراك عليهم ادراك حجم تدخلهم الذي اصبح محكوما بالتوافقات الدولية والاقليمية خصوصا في العراق وسوريا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115