أشغال الجلسة العامة للأسبوع الثاني على التوالي من أجل المصادقة على القروض. وقد صادقت الجلسة العامة يوم أمس على 3 مشاريع اتفاقيات ذات صبغة اقتصادية تتعلق بقروض خارجية.
استأنف مجلس نواب الشعب أشغاله يوم امس من خلال عقد جلسة عامة لاستكمال جدول الأعمال، حيث ناقش نواب الشعب مشروع قانون يتعلق بالموافقة على البروتوكول المالي وملحقه المبرمين على التوالي في 28 ديسمبر 2017 و 31 جانفي 2018، بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة الجمهورية الفرنسية والمتعلقتين ببرنامج الدعم المخصص لفائدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة والصناعات الصغرى والمتوسطة التونسية. مشروع القانون يأتي في إطار التعاون الاقتصادي والمالي التونسي الفرنسي، حيث أسندت الحكومة الفرنسية إلى تونس بمقتضى البروتوكول المالي المبرم بين البلدين، اعتمادات مالية بــ 15 مليون أورو تتكون من قرض بــ 12 مليون أورو وهبة بــ 3 مليون أورو وذلك لانجاز المشاريع الاستثمارية التي تندرج ضمن أولويات التنمية الاقتصادية لتونس لاسيما تلك المتعلقة بمساندة تطوير المؤسسات والصناعات الصغرى والمتوسطة.
المطالبة بتقليص المديونية
وعبر نواب الشعب خلال النقاش العام عن تخوفاتهم من ارتفاع عدد القروض المصادق عليها، والتمشي الذي تنتهجه وزارة المالية، حيث بين النائب عن كتلة حركة النهضة سليم بسباس أن هذا الخوف من الممكن أن يختفي فور العمل على مزيد من الشفافية بخصوص المشاريع التنموية المنتظر انجازها من خلال هذه القرورض. النقاش العام لم يدم طويلا، إذ أجمع نواب الشعب على ضرورة توجيه مثل هذه القروض إلى الاستثمار والبحث عن مشاريع جديدة خاصة في الجهات الداخلية.
وفي رده على تساؤلات النواب، قال وزير المالية رضا شلغوم أن الحكومة تخطط لخفض عجز الميزانية إلى 3 % خلال سنة 2020 و 2.4% في سنة 2021 و2 %في غضون سنة 2022، وذلك طبقا لمقتضيات القانون الأساسي الجديد لميزانية الدولة. وأكد شلغوم أن الحكومة تواصل العمل على إيجاد الحلول اللازمة للتقليص من المديونية موضحا أن الاقتراض لا يعد خيارا بالنسبة لتونس بل ضرورة لتجاوز الصعوبات المالية والاقتصادية. كما أضاف شلغوم أن الحكومة ملتزمة بان لا يتجاوز عجز الميزانية 3.9% خلال السنة الحالية رغم الزيادات في الأجور، لكن هذا غير كاف على حد تعبيره لان ارتفاع المديونية يعود في جزء منه إلى تراجع سعر صرف الدينار نظرا لان استخلاص القروض يتم بالعملة الصعبة. وفي الأخير تمت المصادقة على مشروع القانون برمته بـ97 نعم 8 احتفاظ و9 رفض.
وفي الجزء الثاني من أشغال الجلسة العامة، تمت مناقشة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الإحالة لفائدة الدولة للقرض الرقاعي المصدر من قبل البنك المركزي التونسي في شكل اكتتاب خاص من قبل البنك الوطني القطري، موضوع الاتفاقات المبرمة بين البنك المركزي التونسي وجمع من مؤسسات مالية أجنبية بتاريخ 18 أفريل 2017. ويأتي مشروع القانون على إثر إصدار البنك المركزي التونسي بتاريخ 17 أفريل 2012 سندات خزينة بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي في شكل اكتتاب خاص لفائدة دولة قطر تسدد على 5 سنوات وبنسبة فائدة 2.5 بالمائة سنويا، كما تحصل البنك المركزي على وديعة بمبلغ 500 مليون دولار تسدد في نوفمبر 2018. وبمناسبة انعقاد المؤتمر الدولي لدعم الاقتصاد والاستثمار بتونس 2020، أعلن الجانب القطري عن تقديم مساعدة لتونس بمبلغ 1250 مليون دولار أمريكي منها إعادة تمويل القرض والهبة بمبلغ 1000 مليون دولار أمريكي، وتم الاتفاق على أن يقوم بنك قطر الوطني باكتتاب هذا الإصدار بالكامل بنفس تاريخ حلول أجل القرض الأولي أي 18 أفريل 2017.
وغاب النقاش العام باستثناء البعض القليل الذي تحدث عن ضرورة دفع الاستثمار في مختلف الجهات، حيث قال وزير المالية رضا شلغوم أن نسبة الفائدة تعتبر نسب تفاضلية نظرا إلى تصنيف تونس الائتماني، معتبرا أن تونس ملتزمة بإرجاع القروض خلال هذه السنة حيث في حالة سدادها مع تحسن الوضع الاقتصادي فإنه من الممكن التقليص في المديونية بداية من السنوات القادمة. وتمت المصادقة على مشروع القانون برمته بـ100 نعم 9 احتفاظ و5 رفض.
البحث عن موارد إضافية
وفي الأخير، نظرت الجلسة العامة في مشروع قانون يتعلق بالموافقة على اتفاقية القرض المبرمة بتاريخ 13 جانفي 2019 بين الجمهورية التونسية والمملكة العربية السعودية لتمويل برنامج دعم ميزانية الدولة، بقيمة 500 مليون دولار أمريكي بنسبة فائدة 2.5% على 7 سنوات للسداد منها سنتان إمهال. مشروع القانون يأتي في إطار تعبئة موارد ميزانية الدولة المصادق عليها بقانون المالية لسنة 2019، حث تتم بتاريخ 13 جانفي 2019 إبرام اتفاقية قرض بين تونس والمملكة العربية السعودية تتعلق بقرض.
واعتبر نواب الشعب أن القرض المذكور لا يكفي لإيجاد الحلول الضرورية، بل يجب البحث عن موارد أخرى حسب ما بينه النائب عن كتلة الائتلاف الوطني لطفي النابلي، الذي أضاف أنه يجب العمل على توضيح السياسة النقدية للحكومة للرأي العام في علاقة بوضعية الدينار التونسي. في حين انتقد النائب عن كتلة الجبهة الشعبية عمار عمروسية انتهاج الحكومة سياسة التداين، مشيرا إلى أن ميزانية الدولة لم يتم المصادقة عليها من قبل المعارضة لأنها لم تضم إصلاحات اجتماعية واقتصادية. وبين أن العجز في الميزانية غير مهم لأن هناك صعوبات في المالية العمومية مع وجود حلول لتعبئة الموارد المالية من خلال التعويل على القدرات الفردية. من جهته، قال وزير المالية رضا شلغوم أن الاقتراض الخارجي مفروض، حيث يجب القيام بإصلاحات على مستوى الصناديق الاجتماعية من خلال المساهمة التضامنية ومشروع قانون في الغرض من المنتظر تقديمه إلى مجلس نواب الشعب في أقرب الآجال. هذا وقدت تمت المصادقة على مشروع بـرمته بـ 95 نعم 3 احتفاظ و14 رفض
جدل حول مشروع قانون الطوارئ
من جهة أخرى، عقدت لجنة الحقوق والحريّات والعلاقات الخارجية يوم أمس اجتماعا صادقت خلاله على تقرير مشروع القانون المتعلق بالموافقة على اتفاقية انضمام الجمهورية التونسية لعضوية السوق المشتركة للشرق والجنوب الإفريقي بما بعرف «الكوميسا». وتمت تلاوة التقرير، إلا أن النائب عن غير المنتمين ياسين العياري طالب بتقديم بنصّ الاتفاقية قبل التصويت. في حين قال النائب عن كتلة حركة النهضة نوفل الجمالي أن المصادقة على الاتفاقية من اختصاص الجلسة العامة وليس اللجنة. وفي الأخير، تمت المصادقة على التقرير بإجماع الحاضرين.
كما ناقشت اللجنة أيضا مشروع القانون الأساسي المتعلق بتنظيم حالة الطوارئ، حيث اعتبر أعضاء اللجنة أن رئيس الجمهورية أعلن أنه لن يمدد في حالة الطوارئ مرّة أخرى، إذا لم يصادق المجلس على مشروع القانون المذكور. في حين انتقد البعض محاولات الضغط على اللجنة، إذ انتقد النائب عن كتلة الولاء للوطن توفيق الجملي محاولات تحميل المسؤولية لمجلس نواب الشعب في تأخر المصادقة على مشروع القانون، معتبرا أنه لا يمكن المصادقة على مشروع القانون بهذه الصيغة الكارثية. في حين قالت نائبة رئيس اللجنة وفاء مخلوف أن هناك مراسلة من قبل رئاسة الجمهورية تطالب باستعجال النظر في مشروع القانون والمصادقة عليه قبل نهاية شهر مارس.
وخلال مناقشة الفصل، لم تتمكن اللجنة من تجاوز الفصل 1 « يهدف هذا القانون إلى تنظيم حالة الطوارئ وفق ما تقتضيه ضوابط حفظ الأمن والنظام العام المقررة بالدستور»، حيث اختلفت تأويلات قراءة الفصل 49 من الدستور، الأمر الذي أجبر اللجنة على تأجيل الحسم في الفصل إلى جلسة اليوم.
حول مشروع تنظيم المهن الصيدلية
وفي سياق آخر، اجتمعت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية لمواصلة النظر في مقترحي القانونين المتعلقين بتنقيح القانون عدد 55 لسنة 1973 المؤرخ في 3 اوت 1973 المنظم للمهن الصيدلية. ولدى افتتاح الجلسة ذكر رئيس اللجنة سهيل العلويني بما قامت به اللجنة في خصوص حادثة الرضع من زيارة للمستشفى وغيرها، وأشار إلى أن تواجد النواب في لجنة التحقيق من الأجدر أن يكون بصورة مراقب لنكون على دراية بما يحدث لضمان الحياد. اللجنة تحولت أعمالها إلى مناقشة حادثة الرضع، حيث تشابهت أغلب تدخلات أعضاء اللجنة بما تم التصريح أول أمس في الجلسة العامة. في المقابل، اقتصر النقاش العام حول الفصل 1 الذي يضبط نوعية المنتجات التي يستوجب بيعها في الصيدليات أو التي يستوجب استعمالها أو تسويقها وجود صيدلي أو الأنشطة التي تستلزم ذلك. ويشمل القانون المواد الأولية لصناعة الأدوية والمواد الصيدلية غير الدوائية التي تتطلب مراقبة والمنتجات النباتية المسوقة على شكل دواء إلى جانب مخابر البحوث التي تستعمل الدواء و نشاط التعقيم في المنشآت الصناعية وأنشطة السهر على معادلة الجودة بين الدواء الأصلي والجنيس. كما يضبط الفصل الأنشطة غير الصيدلانية. أما الفصل 2 فإنه يضبط المنشآت الصيدلانية ثم الفصل5 ضبط الرخص لفتح الصيدليات.
الاستماع إلى اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين
كما عقدت لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي جلسة استماع إلى اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين للتداول حول أسباب الإضراب الذي يخوضه الاتحاد والاستماع إلى مطالبه، حيث أكدوا على أنهم مستاؤون من تقليص ميزانية وزارة التعليم العالي مقارنة مع السنوات الفارطة. وأضاف أنه لم يتم تشريكهم في الإصلاح ولهذا تم إجراء إضراب إداري تخوضه 72 مؤسسة جامعية، معبرين عن استيائهم من رئيس مجلس نواب الشعب لعدم استقبالهم من أجل تبليغ أصواتهم. وأوضحوا أنهم عارضوا التنقيحات القانونية التي يقترحها رئيس الحكومة وادراج تعديلات تقضي بإمكانية الحصول على اكثر من ترخيص لاحداث مؤسسة تعليم عالي وعدم تحديد سقف لقيمة الاستثمارات الأجنبية في المجال.
كما استمعت اللجنة في الجزء الثاني من أعمالها إلى الأساتذة النواب الذين طالبوا بضرورة الترسيم الفوري باعتبار أنهم ضحايا استغلال وزارة التربية، موضحين أن وزارة التربية تشغلهم تحت التهديد خاصة وأنهم قبلوا بالعمل بمقابل زهيد أي منحة 200د تصل بعد سنة.