بعد الطعن فيه من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. فإلى حد الآن لم يتمكن مجلس نواب الشعب من الحسم في الطعون وتعديل الفصول بالرغم من تمريره في مناسبة سابقة إلى الجلسة العامة، ليكون الحل الوحيد أمام لجنة التشريع العام إحالته برمته من جديد إلى الجلسة العامة رفقة مقترحات التعديل.
بعد تصويت الجلسة العامة المنعقدة الأسبوع الفارط، بإرجاع مشروع القانون الأساسي المتعلق بالأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة إلى اللجنة بطلب من رئيس لجنة التشريع العام الطيب المدني من أجل مزيد دراسة الفصول محل الطعن من قبل الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين، والاستماع إلى المحكمة الإدارية بطلب منه، قررت لجنة
التشريع العام خلال اجتماعها يوم أمس بمقر مجلس نواب الشعب ترحيل الفصول 33 و11 و24 من المشروع إلى الجلسة العامة للبت فيها بعد تعذر التوصل إلى صيغة معدلة في ظل غياب التوافق بين أعضاء اللجنة وتضارب الآراء بشأن الفصول المذكورة.
وبالرغم من مصادقة مجلس نواب الشعب على مشروع القانون المتعلق بالهيئات الدستورية منذ 5 جويلية 2017، إلا أنه لا يزال محل طعن منذ صدور قرار الهيئة الوقتية يوم 8 أوت 2017، التي اعتبرت أن هذه الفصول غير دستورية. لجنة التشريع العام حاولت تعديل الفصول بما يتماشى مع قرار الهيئة الوقتية، إلا أن الفصل 33 بقي محل خلاف إلى حد هذه اللحظة والذي ينص أساسا على أنه في حالة إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء مجلس الهيئة في الصّور المنصوص عليها بالفصلين 2 و9 ، فإنه بإمكان ثلت النواب اقتراح إلغاء عضوية أحد أعضاء مجلس الهيئة أو أكثر شريطة توجيه مطلب معلل في الغرض لرئيس مجلس نواب الشعب. وصرح رئيس اللجنة الطيب المدني، بأن الأعضاء الحاضرين لم يتوصلوا إلى صياغة نهائية بخصوص الفصل 33 من مشروع القانون المذكور، مما أجبر اللجنة على إعادته على حالته مع المقترحات الواردة في شأنه إلى الجلسة العامة للحسم فيه.
انسحاب نذير بن عمو من اللجنة
وبالعودة إلى أشغال اللجنة، فإنه كان من المنتظر أن يتم الاستماع إلى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية الذي كان سببا في إرجاع مشروع القانون من الجلسة العامة إلى اللجنة من أجل الاستماع اليه، إلا أنه لم يحضر نتيجة لما اعتبره رئيس اللجنة الطيب المدني سوء تنظيم من إدارة المجلس باعتبار أن جلسة الاستماع كان من المفروض أن تكون يوم الاربعاء الماضي غير أن تنظيم جلسة عامة يومها حال دون ذلك. لكن في المقابل، فإن النقاش العام بين أعضاء اللجنة بخصوص مضمون الفصول المطعون فيها شهد جدلا واسعا، بلغ إلى حد انسحاب النائب نذير بن عمو عن أشغال اللجنة، نتيجة رفضه النقاش بخصوص الفصول 33 ومطالبته بحذف هذا الفصل.
حذف الفصل 33 من عدمه
مشروع القانون يبدو أنه أخذ حجما كبيرا أكثر من اللازم بالاضافة إلى إضاعته كثيرا من الوقت على حساب مشروع قانون آخر، وهو ما يستوجب ضرورة اتخاذ القرار المناسب بشأنه في أقرب الآجال. نواب المعارضة بدورهم انتقدوا مضمون مشروع القانون، خصوصا وأنهم قاموا بالطعن فيه لدى الهيئة الوقتية، حيث اعتبروا أنه سيساهم في الحد من صلاحيات الهيئات الدستورية المستقلة والهيمنة عليها. وقالت النائبة سامية عبو أن التنصيص على المساءلة الوارد في الدستور يجب ألا يفهم على أنه من صلاحيات مجلس نواب الشعب، لاسيما في المسائل الواردة في الفصل 2 من مشروع القانون، التي في مجملها ليست من صلاحيات المجلس بل من صلاحيات هياكل أخرى كدائرة المحاسبات وهيئة الحوكمة ومكافحة الفساد. ودعت إلى حذف الفصل 33 من مشروع القانون، الذي وصفته بالخطير حتى يستقيم الأمر، معتبرة أن حذفه لن يؤثر على مجمل مشروع القانون.
في ذات السياق تواصل النقاش بخصوص الفصل 33، حيث اعتبر البعض أنه يجب الاستغناء عنه من بينهم النائبة صابرين الغوبنطيني التي استأنست في مداخلتها بالفصل 125 من الدستور الذي حدد طريقة مساءلة الهيئات الدستورية، من قبل مجلس نواب الشعب الذي يناقش سنويا تقريرا بالنسبة إلى كل هيئة في جلسة عامة مخصصة للغرض. في المقابل، أكد النائبان عن حركة النهضة فتحي العيادي وبشير الخليفي، أن الغاية من الفصل 33 من مشروع القانون تكمن في توفير الموازنة بين المساءلة والاستقلالية الواردتين في الدستور، واعتبر العيادي أن حذف الفصل يفقد مشروع القانون قيمته.
مضمون مقترحات التعديل
كما تطرقت النائبة عن كتلة آفاق تونس هاجر بالشيخ احمد، إلى مقترح تعديل للفصل 33 بإضافة فقرتين له مقترح تقدم به عدد من أعضاء اللجنة من مختلف الكتل، للتمييز بين المساءلة الجماعية والمساءلة الفردية لأعضاء الهيئات الدستورية، ولم يتم التوافق بشأنه بين أعضاء اللجنة لتتم إحالته مع مشروع القانون صحبة عدد آخر من مقترحات التعديل إلى الجلسة العامة. وقد نصت الفقرتان على فقرة 3 مكرر «إذا تعلقت المساءلة بأحد أعضاء الهيئة جراء إخلاله بالواجبات المحمولة عليه بمقتضى الفصل 9 من هذا القانون، أو بمناسبة ارتكابه لخطأ جسيم على معنى القانون الخاص بكل هيئة عليه أن يبادر وبطلب معلل من ثلث أعضائه وفي غضون 30 يوما من تاريخ تقديم الطلب إلى مجلس الهيئة بمساءلة العضو المعني مع تمكينه من حقوق الدفاع». أما المقترح الثاني في شكل فقرة 4 «وفي صورة عدم مبادرة الهيئة بمساءلة العضو المعني خلال الأجل المذكور بالفقرة الثالثة مكرر من هذا الفصل، فإنه يمكن لرئيس مجلس نواب الشعب...».