بين الكتل بخصوص مشاريع القوانين من الحجم الثقيل.
مرت سنتين كاملتين على عمل مجلس نواب الشعب منذ الانتخابات التشريعية، ليدخل المجلس السنة النيابية الثالثة محملا بعبء ثقيل، أو تركة قديمة من مشاريع القوانين تزامنت مع عديد مشاريع القوانين الجديدة في علاقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية. عديد التحديات تنتظر المؤسسة التشريعية على مستوى العمل التشريعي من جهة، والعمل الرقابي من جهة أخرى، خصوصا وأن الدورة الاستثنائية لم تتمكن من وضع أسس الدورة الجديدة بل اقتصرت على بعض القوانين فقط.
«الأولوية للقوانين ذات البعد الشعبي»
لكن إلى حد الآن لم يضبط مكتب المجلس أولوياته في ما يتعلق بمشاريع القوانين، في ظل انشغاله بتوزيع الحصص بين الكتل البرلمانية على مستوى هياكل المجلس في اللجان وعضوية مكتب المجلس، مع تراكم وتعدد مشاريع القوانين الهامة. لكن البعض من النواب يرون أن مشاريع القوانين الاقتصادية والاجتماعية يجب أن تكون من الأولويات المستعجلة، حيث صرح النائب عن التيار الديمقراطي نعمان العش لـ«المغرب» أنه بعد سنتين من العمل البرلماني لابد من تطوير عمل المجلس و إعطاء الأولوية للقوانين ذات البعد الشعبي التي تهتم بحل المسائل الاجتماعية، بالإضافة إلى التشريعات التي ترفع من قيمة الحوكمة والشفافية و مقاومة الفساد. وأضاف إن أهم مشاريع القوانين التي يجب المصادقة عليها تتمثل في قانون حماية المبلغين وقانون الشفافية، مشيرا إلى أنه يجب على أعضاء الحكومة احترام النظام الداخلي للمجلس والإجابة في الآجال المضبوطة عن الأسئلة الشفوية أو الكتابية التي يتوجه بها النواب، في إطار العمل الرقابي باعتباره مرتبطا بمدى تطبيق القوانين التي تتم المصادقة عليها.
المشاكل الاقتصادية والاجتماعية
من جهة أخرى، تبقى أولويات مجلس نواب الشعب مضبوطة حسب البعض بأولويات المرحلة القادمة، حيث سيمثل مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2016 ومشروع قانون المالية لسنة 2017 أهم التحديات التي سيواجهها مجلس نواب الشعب نظرا لارتباطها بآجال دستورية. وصرح النائب عن حركة النهضة عماد الخميري لـ«المغرب» أن مشروعي قانوني المالية يجب أن يحالا على المجلس في الآجال المعقولة لتتم مناقشتها بأريحية تامة والمصادقة عليها وحيث سيمثل قانون المالية المعروض الخيارات الكبرى لحكومة الوحدة الوطنية من خلال إقامة التوازنات المالية والتشجيع على الاستثمار وتحقيق فرص التشغيل.
الأولويات كذلك لن تشمل مشاريع القوانين الجديدة فقط، حيث تنتظر لجنة المالية والتخطيط والتنمية أعمال هامة، من بينها حل الخلاف بخصوص مشروع القانون المتعلق بدفع النمو الاقتصادي. وفي هذا الإطار، تعتبر لجنة المالية أن هذا القانون مثير للجدل، حيث يجب إيجاد الإطار التشريعي المرحلي والذي من شانه أن يسرع الاستثمار ويرفع التعقيدات التشريعية والإدارية لان هناك عديد الاستثمارات قد ضاعت جراء ضبابية القوانين المتعلقة بالاقتصاد والاستثمار، مع العمل على تعزيز الشفافية والرقابة للصفقات العمومية واعتماد مبدأ الفرص المتكافئة بين جميع المستثمرين.
مراجعة الهيئات الدستورية
ومن التحديات الكبرى التي تنتظر مجلس نواب الشعب كذلك معضلة استكمال تأسيس المؤسسات الدستورية، بالإضافة إلى مشروع قانون الانتخابات والاستفتاء الذي لا يزال عالقا نتيجة النقطة الخلافية الوحيدة والمتعلقة بتشريك القوات الحاملة للسلاح من عدمها في الانتخابات البلدية والجهورية. حيث يجد مجلس نواب الشعب نفسه مجبرا على احترام الآجال وخارطة الطريق بإجراء الانتخابات في مارس 2017، بالرغم من أن الأسس الهامة لاستكمال تفعيل الباب السابع من الدستور والمتعلق بالحكم المحلي والجهوي لا يزال منقوصا، فبعد مشروع قانون الانتخابات، يجب المصادقة كذلك على مجلة الجماعات المحلية لترسيخ الحكم المحلي.
مناقشة مشاريع القوانين المذكورة يجب أن تتزامن كذلك مع مراجعة الهيئات الدستورية، كتجديد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهيئة الحقيقة والكرامة، بالإضافة إلى المصادقة على مشروع القانون المتعلق بتجسيد العلاقات بين الهيئات الدستورية.
العمل الرقابي ومحاربة الفساد
من جهة أخرى، فقد أثبتت التجربة البرلمانية خلال السنوات الفارطة العديد من الهنات والسلبيات تتعلق بالعمل التشريعي، وهو ما يقتضي ضرورة تنقيح النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب من أجل إيجاد آليات التشريع العملية المناسبة. مزيد التركيز على العمل الرقابي للسلطة التشريعية على أعمال الحكومة، بالاضافة إلى محاربة الفساد من خلال المصادقة على مشروع القانون المتعلق بحماية المبلغين عن الفساد، وتأسيس الحوار الاقتصادي واجتماعي من أجل إيجاد الحلول العملية الضرورية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس.
سنة برلمانية ستكون حافلة من ناحية مشاريع القوانين المعروضة، مشاريع قوانين ستكون من الحجم الثقيل في جميع القطاعات، لتكون المؤسسة التشريعية أمام تحديات كبرى تتمثل بالأساس في كيفية التوفيق بين العمل الرقابي من جهة والعمل التشريعي من جهة أخرى، دون الحديث عن ضرورة إيجاد التوافقات بين الكتل البرلمانية بخصوص مشاريع القوانين الخلافية.