يتأهب الإطار التدريسي لسنة جديدة ولـ«معارك» أخرى يلتبس فيها الشخصي بالعام والبيداغوجي بالسياسي والعلمي بالشعبوي وتمسرح فيها «النضالات» بحمل شعارات من قبيل «الرخ لها» وهو نضال يبدو ظاهريا من أجل «الإصلاح الهيكلي للتعليم» ولكنه في الباطن لا يعدو أن يكون نضالا من أجل الغنم قبل فوات الأوان...فهل صار المعلم/ة والأستاذ/ة عبدا لثقافة الاستهلاك يحب المال حبا جما ولا يبالي بالأخلاق والقيم والصورة المثلى التي لابد أن يحافظ عليها أمام الجميع؟
ويستعد الأولياء لتحمل أعباء كثيرة منها المادي والمعنوي:تحمل المصاريف اليومية والرضوخ لأهواء أساتذة يفرضون حصص التدارك ومكابدة أمزجة إطار تربوي يطرد تلميذا أو يعنفه لأنه ببساطة ما عاد يتحمل مشقة التدريس أو رعاية التلاميذ ومنها تحمل سلوك أستاذ/ة بات يتواكل ولا يريد التدريس ، ومنها أيضا تحمل تبعات العنف الذي استشرى في المؤسسات التعليمية حتى اختلط الأمر على المعاين بين المعتدى عليه والضحية...
أما التلاميذ الذين تجاوزوا مرحلة السرور والشعور بالزهو بعد شراء الأدوات المدرسية فآخر همهم الاستعداد المعنوي للعودة المدرسية التي لا تمثل في نظر فئات كبيرة ، سوى جولة أخرى من الكر والفر ، الشتم والضرب، السخرية والمراوغة ...
ولكن لنترك دراسة الجانب النفسي والتحسر على آداب المعلم والمتعلم التي أشرفت على الاندثار ولنتأمل في ما تقدمه المؤسسة التعليمية لأبنائنا من مضامين وحبذا لو سأل الوزير أبناءه عن رأيهم في المواد التي يتلقونها وحاور المدرسين واستمع إلى أنينهم ولوعتهم .ففي عصر يصحو فيه التلميذ/ة على نور الهاتف الجوال وموسيقى الهارد روك وأفلام 3D ويبحر من موقع إلى آخر ومن قناة إلى أخرى ويستمتع بـ«السِلْفي» والأنستغرام ويرسل رسائله عبر تويتر ...لا يزال أساتذة العربية يشرحون المعلقات العصماء ويتحدثون عن الحب العذري وعمر بن أبي ربيعة المغرم بالنساء...فهل يتفاعل التلاميذ مع هذه النصوص التي لا صلة لها بالواقع الذي يعيشونه؟ وكيف يمكن تحفيزهم على الاطلاع على نصوص من تراثهم؟ وفي عصر الصورة و«اليوتيوب« والفيديو والـ power point والإيجاز والاختزال وعدم الاجترار وسرعة....