علّة التمركز حول الذات تفشّت بمقدار كبير داخل مجلس الشعب فنسي بعضهم أنّ تصفية الحسابات الشخصية لا تعني عموم التونسيين، وأنّها تؤدي إلى فضح السقوط الأخلاقي والخلل السلوكي. أمّا التمركز الحزبي فقد أفضى إلى تحوّل بعض النواب إلى أبواق دعاية هذه تدعو إلى ترشيح ‹الحامدي› فتثير سخرية زملائها، وذاك يشيد بمحاسن أمين عام حزبه ويرى فيه الكفاءة المطلوبة لإنقاذ البلاد ويعتبره المخلّص...وسيّان إن تحدثنا عن نرجسية الذات أو التمركز الحزبي فالنتيجة واحدة وهي أنّ الشخصيات المعطوبة عاجزة عن البناء لا تحترف إلا الهدم والتشويه وتعجز عن إقامة علاقات سوية.
أمّا العلّة الثانية فتكمن في كيفيّة عرض الأفكار والمنطق التي يحكمها وطرق الاحتجاج وصياغة الخطاب ومدى تطابق السلوك مع الأقوال فما معنى أن تشتم فئة من النواب رئيس الحكومة وتدافع في الآن نفسه عن هيبة الدولة؟ وما معنى أن تقرّ إحداهن بأنها لا تفهم في السياسة وتسمح لنفسها بانتقاد الحكومة؟ ما معنى أن يبنى الخطاب على نزعة جهوية ونتحدث بعدها عن الروح الوطنية؟وما معنى أن نتحدث عن التراخي والإهمال والمجلس يقيم الدليل على استهانة فئة من النواب بواجب الحضور؟
ولا يمكن التغاضي عن علة ثالثة ظهرت في أداء أغلب النواب فأبانت عن الأزمة الأخلاقية المستشرية في كافة القطاعات والمؤسسات فما معنى أن يظهر بعضهم العداء للصيد› ويمارس العنف اللفظي عليه ثم يصافحه في نهاية المشهد؟ وما معنى أن يتحدث البعض عن الفساد والمحسوبية ويلوم «الصيد› على أياديه المرتعشة وهو يعلم علم اليقين أن عددا من النواب انتقلوا من حزب إلى آخر بعد عقد صفقة، وأنّ آخرين ترددوا على القصبة خدمة لمصالح الأهل والخلان، وأنّ الامتيازات المادية حفزت بعضهم على إزاحة «الصيد» ولا نعدم الأمثلة الدالة عن التورط بنسب مختلفة فكيف نزعم محاربة الفساد والحال أنّنا جزء من المنظومة؟
كلّ مشهد في هذه المسرحية أقام الدليل على...