الخطوة المنقوصة لاستكمال الاتفاق بين تونس وصندوق النقد الدولي: التزام أعلى هرم السلطة

لم تخل فعاليات اجتماعات الربيع لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي،

من تصريحات تطرقت لملف المفاوضات بين تونس وصندوق النقد الدولي والمستجدات التي شهدها بعد تعثر المشاورات بين الطرفين منذ ديسمبر 2022.

واصبحت لدينا اليوم صورة أكثر وضوحا، تستخلص من مضمون حوار مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا لقناة العربيّة يوم السبت الفارط والذي تطرق إلى ملف المفاوضات بين الصندوق وتونس، ابرز ما جاء فيه الإقرار الصريح من الصندوق بان المفاوضات في مرحلتها الأخيرة وأنها رهينة إقدام السلطات التونسية على خطوة أخيرة.

وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا، فان الجزء المتعلق بتونس في حوار المديرة جاء فيه تأكيد على ان المحادثات بين الجانبين متواصلة للوصول إلى برنامج موثوق قادر على أن يؤدي إلى الاستقرار في البلاد، وان البرنامج برنامج تونس وليس برنامج الصندوق وقد شددت مديرته على انه لا يسعى الى تقويض الاستقرار الاجتماعي في البلاد، وقالت في الختام مصير الاتفاق سيحدد قدرة الطرفين على تجاوز النقطة الخلافية والتي عبرت عنها جورجيفا بـ«الخطوة المتبقية»، والتي تتمثل وفق تمليحاتها في التزام تونس بتطبيق البرنامج.

اذا تم تجاوز جل العقبات السابقة، وهي بالاساس عقبة تمويل عجز المزانية بعد ان قدم من أسمتهم كريستالينا «أصدقاء تونس» ضمانات بتمويل العجز اذا وقع الوصول الى اتفاق بين تونس والصندوق، وهذا يعنى ان مصير الاتفاق اليوم بيد السلطة التونسية التي تناشدها مديرة الصندوق بأن تقطع الخطوة الوحيدة المتبقية.

خطوة هي المحددة لا فقط لمصير الاتفاق بل كذلك لتوازنات البلاد المالية وقدرتها على الخروج من مرحلة الخطر المحدق الذي وقعت فيه، جراء تأخر الوصل إلى الاتفاق نتيجة رفض الجانب التونسي ما اعتبره «إملاءات» لا تخدم مصلحة تونس وتهدد سلمها الأهلي. انتقادات الجانب التونسي أجابت عنها المديرة بشكل مباشر حينما توجهت بما أسمته رسالة الى السلطات التونسية قالت فيها «نريد ما يصبّ في مصلحة تونس ولا نريد منكم وضع برنامج يؤدّي لتهديد أو تقويض الاستقرار في البلاد».

هذه التطورات تكشف أن العقبة ليست في الجانب الإجرائي أو في بنود خطة الإصلاحات ومضمونها وجدولها الزمني، فهذا تم التوافق بشأنه، وفق تلميحات مديرة الصندوق و أيضا وفق ما لمح إليه وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد الذي ما فتئ يشدد على ان الاتفاق بين تونس والصندوق مصيري وان الحكومة متمسكة به.

وهو الخطاب الذي تسعى من خلاله الحكومة الى احتواء تداعيات تصريح الرئيس القائلة برفض الاتفاق والذهاب الى التعويل على الذات.

تداعيات يبدو انه تم احتواءها بخطاب حكومة عبر عنه سمير سعيد في تصريحاته ومفاده حرص تونس على الوصول الى اتفاق مع الصندوق، دون إغفال الدور الايطالي الذي كشف كبار مسؤولييها عن تحركاتهم لفائدة تونس لدى الصندوق. والنتيجة ان الملف شهد دفعة نحو الامام لكنها تظل رهينة توفر العنصر المفقود، او الخطوة المتبقية التي تطالب السلطات التونسية اليوم بان تقطعها.

خطوة لا يعلن اي جانب عن مضمونها، ولكن هذا لا يحول دون معرفتها بالعودة إلى المفاوضات وتفاصيلها التي تتضمن تحديدا لطبيعة الخطوة المنقوصة، وهي التزام أعلى هرم السلطة التونسية بالإصلاحات وبجدول تنفيذها. فهذه هي الضمانة التي ينتظرها الصندوق للانتقال إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الإمضاء من قبل مجلس الإدارة.

مرحلة ما يحول دون الوصول اليها هو غياب الالتزام السياسي، وهنا الحكومة ليس بمقدورها ان توفره أو ان تضمنه، مما يعنى ان الكرة اليوم في ملعب رئيس الجمهورية الذي سيحدد مصير الاتفاق.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115