فرضته الأزمات المتشعبة : من اجل هذا نحتاج الى تفاق مع صندوق النقد الدولي

لأشهر عديدة واسابيع طرح النقاش حول هل نحتاج فعلا الى اتفاق مع صندوق الدولي لنغادر مربع الازمة المالية .

والإجابة هنا لم تكن واضحة على الصعيد الرسمي اذ يوجد خطابان للسلطة يبدو وان متناقضين بين حاجتنا لهذا الاتفاق ورفضه .فنحن امام سلطة تنفيذية تعلن ان لها خياران خيار الحكومة بالمضي في الاصلاحات والاتفاق مع الصندوق و هو ما يؤكده وزير الاقتصاد والتخطيط بتصريحه منذ اسابيع عدة ان حكومته وضعت خطة وحيدة للانقاذ الاقتصادي والمالي وهي اتفاق مع الصندوق ولم تضع خطة غيرها .
وخيار الرئاسة وفق ما تكشفه خطابات الرئيس التعويل على الموارد الذاتية قبل كل شيء ورفض ان يكون الاتفاق مقابل التدخل في الشأن الداخلي وقصد الرئاسة هنا هو الافصاح عن عدم قبولها الكلي او الجزئي للشروط الثلاثة الكبرى صندوق النقد الدولي وهي التقليص في كتلة الاجور والتحكم في نفقات الدعم وخوصصة بعض المنشآت والمؤسسات العمومية . هذه الشروط الثلاثة للصندوق هي بمثابة اصلاحات غير شعبية لاي منظومة حكم في العالم وهذا ما يفسر تردد راس السلطة التنفيذية في تحقيق هذه الشروط والاستجابة اليها .
لكن بعيدا عن المقبولية الشعبية لهذه الخيارات السياسية الا ان تعثر الشروط الثلاثة موضوعيا سبيل تونس لاستعادة توازناتها المالية العمومية وبداية إنعاش اقتصادها .
فما يطالبه الصندوق النقد الدولي من الدولة التونسية هو ما طالب به عددا من وزراء الاقتصاد والمالية في تونس وغيرهم من المختصين في عالم الاقتصاد تحكم في كتلة الاجور التي ارتفعت الى أكثر من 21 مليار دينار سنة 2023 وهو ما يقارب من ثلث نفقات الدولة المنصوص عليها في قانون مالية 2023 .وهذا حجم كبير ناهيك عما ما تمثله نسبة كتلة الاجور من الناتج القومي الخام
اضافة الى نشاط الدولة في مجالات اقتصادية تنافسية ورغم ذلك تتكبد خسائر متفاقمة تضطرها الى تقديم ضمانات لفائدة هذه المؤسسات المتعثرة لدى خروجها للسوق الدولية للاقتراض مما يفاقم من نسبة المديونية العامة .
لذا فإن هذه الاصلاحات التي يطالبنا بها صندوق النقد الدولي هي ووصفتنا الناجعة والوحيدة لانقاذ المالية العمومية والاقتصاد التونسي في ظل هذا المناخ الدولي المتأزم بطبيعته والمنذر بأزمات قادمة وهو ما يجعل تونس امام حتمية انجاز هذه الاصلاحات سواء اتفقنا مع الصندوق ام لم نتفق وهنا يصبح السؤال الفعلي هل نقبل بشروط الصندوق ام لا بل لم نحتاج للاتفاق مع الصندوق بهذه الشروط او بغيرها؟ .
فحاجة الدولة التونسية اليوم هي توفير 24 مليار دينار من موارد الاقتراض 15 منها اقتراض خارجي وهذا لن يتحقق لها ما لم تصل مع الصندوق الى اتفاق أهميته لا تكمن في ورقة عبور للسوق المالية فقط بل لانه شهادة ضمان من المؤسسة المالية الابرز والاهم على المستوى الدولي على قدرة الاقتصاد التونسي على التعافي وهذه الضمانة ستحول بين تونس وبين السيناريو الكارثي لا قدر الله .
ومن السيناريوهات الخطيرة التي تهدد تونس موجة التفويت والتفريط في سنداتها الرقاعية مما سيؤثر سلبا على كامل دورة الاقتصاد والمنظومة النقدية التونسية التي ستكون مهددة بموجة من السحوبات الكبرى من الودائع من العملة الصعبة اي ان مخزون تونس من العملة سيشهد ضغطا يؤدي به الى التقلص المتسارع مما سينجر عنه ايضا عجز عن الايفاء بالتزاماتنا المالية تعثر استيراد المواد الاساسية من حبوب ونفط وأدوية كل هذا سيكون ككرة ثلج تتدحرج بسرعة لتهدم كل منظموات الانتاج في الاقتصاد التونسي وما يحول دون هذا هو حتمية الوصول الى اتفاق مع صندوق .

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115