وأثبتت الأيام أن هذا الحساب قصير النظر وأن الأولى كان تشريك رئيس الحكومة الحالي في التفكير والقرار بدلا من اعتباره مجرد ورقة بين ورقات كثيرة...
وسوء التقدير هذا قد يقودنا إلى أزمة سياسية في هذه الصائفة البلاد في غنى عنها كل الغنى...
ولكن وأيّا كان المخرج السياسي لعملية ليّ الذراع الناعمة بين القصبة وقرطاج فإن في هذه الأزمة إيجابيات لا بد من الوقوف عندها ومن الاستفادة منها... إنها نصف الكأس الملأى المحببة عند الحبيب الصيد...
تكشف هذه الأزمة وبصفة هيكلية الأهمية البالغة للاختيار الذي سيقدم عليه صاحب وأصحاب مبادرة حكومة الوحدة الوطنية... ذلك أن الحبيب الصيد سوف يلقي بظلاله على رئيس الحكومة القادم كشخص بداية وكمنظومة ثانية...
ستفرض هذه الأزمة على كل التونسيين المقارنة بين رئيس حكومة مغادر لا محالة ورئيس الحكومة الجديد... والخيبة كل الخيبة أن يقول جزء من التونسيين بعد الإعلان عن رئيس الحكومة الجديد: «عيطة وشهود على ذبيحة قنفود» وألا يرون في الخلف تفوقا واضحا وفارقا عن السلف...
بعبارة أخرى بعض الأسماء التي تجول بذهن أصحاب القرار هي كارثة على مستقبل البلاد.. لا في حد ذاتها وفي أشخاصها بل لأنها لا تمثل فارقا يذكر في التمثل الشعبي والسياسي لها... وسوف تنطلق الألسن من عقالها لتقول: أمِنْ أجل هذا عطّلنا البلاد منذ شهرين (أو يزيد) ودخلنا في أزمة سياسية لنعيد تجربة بنفس المواصفات القديمة أو ربما بأسوإ منها؟!...
وهنا لا يمكن لكل الممضين اليوم على وثيقة «أولويات حكومة الوحدة الوطنية» أن يتنصّلوا من هذه المسؤولية كأن يقولوا بأنهم غير معنيين باختيار خليفة الصيد وأن مهمتهم تقتصر على رسم الأولويات فقط...
إن تعيين خليفة الحبيب الصيد هو المهمة الوطنية لكل الأحزاب والمنظمات التي أمضت على وثيقة الأولويات.. لأن نجاح المرحلة القادمة مرتهن أساسا بشخصية رئيس الحكومة الجديد وكذلك بحوكمة ما تبقى من هذه المدة النيابية وأنّ فشل هذه التجربة سيطال منظومة الحكم بأسرها وكذلك كل من ساهم في مفاوضات قصر قرطاج..
قلنا فيما مضى بأن هناك أسبابا وجيهة وأخرى شخصية وحزبوية ونفعية من وراء المطالبة بتغيير رئيس الحكومة الحالي...
والمطلوب هو أن نرى في خليفته ومنذ البداية هذه الأسباب الوجيهة لا غيرها وإلا .....