ملف الإصلاحات الاقتصادية وتمويل الميزانية : ملف الاتفاق مع صندوق النقد الدولي : هل ينقذ البرلمان الحكومة ؟

بانتهاء جلسة البرلمان الأولى يوم الاثنين الفارط وبلقاء رئيس الجمهورية قيس سعيد برئيسه ابراهيم بودربالة أول أمس الثلاثاء

لتهنئته بالفوز وتقديم تصوراته بشان مهام ودور مجلس النواب في المرحلة القادمة، يبدو ان البلاد ولو ظرفيا أمام فرصة توجيه الاهتمام والتركيز نحو الملف الاقتصادي والمالي.

بإستكمال كل المحطات والخطوات التي قدمها رئيس الجمهورية في 13 ديسمبر 2021 والتي ضبطت الرزنامة السياسية للبلاد، نظريا تتوفر لدى مؤسسات الدولة (سلطة تنفيذية او مجلس النواب( هوامش حركة واليات للدعم والاسناد السياسي والقانوني لحكومة نجلاء بودن. اذ ان الاخيرة تواجه اليوم تحديات كبرى في تعبئة موارد مالية لسد عجز ميزانية 2023 في ظل عدم وصولها الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي والذي تكمن اهميته في انه بوابة الحكومة التونسية للوصول الى موارد مالية سواء عبر الية الاقتراض الثنائي او عبر الية الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية والاقليمية.
تعثر يتجسد في ان البلاد بلغت نهاية الثلاثي الاول من سنتها المالية ولكنها لم تقترب بعد من الوصول الى الاتفاق مع الصندوق رغم انه وبحلول موعد اليوم يكون قد مضى على لقاء رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالمديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستينا جورجييفا، اكثر من شهر. وللتذكير فإن ذلك اللقاء سوقته الحكومة والسلطة على انه خطوة كبيرة في طريق الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاسيما وان الاخير وعلى لسان مديرته التنفيذية اعرب عن ارتياحه لتقدم سير الاصلاحات في تونس، كما اشار ذلك الى البلاغ الصادر يوم 14 فيفري الفارط.
اذ قدمت نجلاء بودن عرضا للمديرة التنفيذية لصنودق النقد الدولي عما انجزته حكومتها من تقدم في خطة الاصلاحات وما وفرته من ضمانات اشترطها الصندوق لابرام الاتفاق، من بينها مصادقة مجلس الوزراء، في 9 فيفري الفارط على مشروع مرسوم يتعلّق بتنقيح القانون عدد 9 لسنة 1989 المؤرّخ في أوّل فيفري 1989 والمتعلّق بالمساهمات والمنشآت والمؤسّسات العموميّة وإتمامه. وهو احد النقاط التي ظلت عالقة وأدّت الى حذف الملف التونسي من اجتماع المجلس التنفيذي للصندوق في 19 ديسمبر الفارط، اضافة الى عدم التزام الجانب التونسي بتنفيذ بنود من اتفاقه مع الصندوق من بينها الوصول الى اتفاقيات لتمويل عجز الميزانية مع اطراف اخرى.
كل هذه العقابات اعلنت عنها الحكومة في فيفري الفارط على لسان رئيستها في كلمتها لدى مشاركتها في القمة العالمية للحكومات ، الا انه لم يلح اي انفراج في الافق خاصة بعد ان تعثرت عملية نشر المراسيم في الرائد الرسمي رغم مرور اكثر من شهر على المصادقة على تنقيح القانون عدد 9. وهو ما اوحى بان للرئيس مؤاخذات على التنقيحات خاصة وانه اعلن في اكثر من مناسبة عن رفضه لعدد من عناصر خطة الاصلاحات. واليوم وبدخول مجلس النواب الجديد الى المشهد قد يتوفر لدى الحكومة مسار بديل لتمرير القانون، ولكن هذا يظل نظريا، اذ لازالت امام المجلس عدة اسابيع ليكون قادرا على النظر في مشاريع القوانين ومناقشتها ثم المصادقة عليها وتوجيهها لرئيس الجمهورية لختمها ونشرها في الرائد الرسمي. هذا اذا صادق عليها بنعم ولم يسقطها. مما يعنى ان مخاطر المحدقة بالمالية العمومية لازالت قائمة، اذ ان الوقائع اليوم تفيد بشكل مباشر ان الرئاسة غير متحمسة لان تتولى نشر القانون عدد 9 بعد تنقيحه وهي ايضا غير متحمسة لان تكون الطرف السياسي الذي سيتحمل تداعيات الاصلاحات الاجتماعية، مما يوحي بان المهمة قد يكلف بها مجلس النواب وهو بدوره غير جاهز لتوليها على الاقل في الاسابيع القادمة.
وهذا سيؤدي الى تاخر الاتفاق مع الصندوق وهو ما سيكون بمثابة كرة ثلج تتدحرج لتهدد كامل التوازنات المالية العمومية، التي بنيت في قانون مالية 2023 على فرضية مركزية وهي نجاح الحكومة في تعبئة حوالي 15 مليار دينار عبر الاقتراض الخارجي لضمان قدرتها على الايفاء بتعهداتها الداخلية والخارجية.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115