قررت إنهاء «زيجة» دامت أكثر من أربعة عقود (انتمت بريطانيا إلى المجموعة الأوروبية في غرة جانفي 1973) ولم تكن فيها، على ما يبدو، مرتاحة لقواعد العيش المشترك فلا هي دخلت في منطقة اليورو بل حافظت على عملتها، الجنيه الاسترليني، إلى اليوم ولا هي دخلت كذلك في معاهدة شانغان.. وهاهي اليوم تترجم فرادتها هذه بخروجها المدوي من الاتحاد الأوروبي...
ولكن بريطانيا العظمى منقسمة داخليا فإن صوتت انقلترا وبلاد الغال مع الخروج فإن سكوتلندا وإيرلندا الشمالية قد صوتتا مع البقاء... بل يبدو أن سكوتلندا تريد هي بدورها مغادرة «بريطانيا العظمى» للالتحاق كدولة مستقلة بالاتحاد الأوروبي... ونفس الأمر قد يحدث في إيرلندا الشمالية...
بريطانيا هي الاقتصاد الثاني في أوروبا بعد ألمانيا والخامس عالميا كما أنها تمثل القوة العسكرية الرابعة في العالم وهي إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن... فنحن هنا أمام بلد من الحجم الثقيل... بلد استفاد كثيرا من الاتحاد الأوروبي ولكن هذه الاستفادة لم تمس كل شرائح المجتمع بل استفادت منها بالخصوص الأوساط المالية والقطاعات الاقتصادية الصاعدة وأوروبا صورة مغرية وجذابة للشباب في بريطانيا ولكل الفئات التي تضررت من اندثار الصناعات الكلاسيكية والتي لم تتمكن من الاندماج الإيجابي في العولمة هذه هي التي صوتت لـ Brixit وهي التي تحتفي اليوم بانتصارها...
بالطبع ينبغي انتظار الإشعار البريطاني الرسمي بأنها تريد مغادرة الاتحاد الأوروبي وهنا ستكون مفاوضات طويلة نسبيا (سنتين على الأقل) وربما حادة أيضا إذا أصرت الدول الأخرى، وخاصة ألمانيا وفرنسا، على «معاقبة» البريطانيين بحرمانهم من جل الامتيازات التي يتمتعون بها اليوم..
كل الخبراء الاقتصاديين يتوقعون على المدى القصير تراجع نمو الاقتصاد البريطاني.. تراجع قد يشمل الاستثمار الخارجي وخاصة غير الأوروبي مع ما يمثله ضرورة من ارتفاع ولو طفيف في نسبة البطالة المنخفضة حاليا... ولكن الأساسي هو السؤال الذي ألقاه البريطانيون على البناء الأوروبي ككل...
هل بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يستمر كما هو عليه حاله الآن؟ هنالك شعور قوي عند جل شعوب أوروبا بأن الاتحاد الأوروبي.....