الطبقة السياسية وما بعد 25 جويلية: العودة للشارع تنطلق من اليوم

يبدو ان معارضي الرئيس قيس سعيد ومشروع دستوره في طور اعادة الصراع معه الى الشارع اذ تتالى التصريحات والإعلانات المنبئة بان المعارضة وأنصارها سيتوافدون

على الشارع خلال اليومين المتبقيين من عمر حملة الاستفتاء، والعودة هنا ليست من اجل الدستور بل من اجل ما بعد 25 جويلية.
فجل الكيانات السياسية التي اعلنت غداة 25 جويلية 2021 او بعده مع الانتقال بين المراحل عن مواقف رافضة لخيارات الرئيس قيس سعيد وتمشيه الذي افضى الى مسار الاستفتاء على مشروع الدستور يوم الاثنين القادم، لم تقدم في خطابها الاخير ما يفيد بان الصراع مع الرئيس يقف عند مسألة مشروع الدستور والاستفتاء بل على مع ما سيكون عليه المشهد لاحقا.
مشهد تقدم له الاحزاب والجبهات والتحالفات الحزبية والسياسية صورة مفادها انه سيكون منقسما بين طرفين، الاول هو الرئيس ودستوره ومن اصطف خلفهما والثاني القوى المعارضة للرئيس وخياراته وهي هنا شتات لا يمكن توحيدها لتكون كيانا موحدا، واسباب هذا معلومة وهي تناقض انتماءات هذه الاحزاب وتصوراتها وقراءتها للمشهد وطموحاتها السياسية.
غير ان هذا لم يحل دون ان تجد هذه الاحزاب على تنافرها وتناقضها الصارخ الذي يصل إلى حدّ العداء الكلي. نفسها تقف على الضفة المقابلة للرئيس او تصل الى تقسيمات متقاربة لكيفية ادارة المعركة السياسية معه، ومن ذلك اللجوء الى الشارع للاحتاج قبل الانسحاب منه منذ اشهر واسابيع.
وخيار الانسحاب اتخذته النهضة وجبهة الخلاص وتحالف الاحزاب الخمسة والدستوري الحر قبل ان تقع العودة اليه خلال الاسابيع الاخيرة بشكل محتشم تجسد في وقفات احتجاجية طالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات .
لكن التطور جد خلال الاسبوع الاخير باعلان جل هذه الفعاليات السياسية والحزبية انها ستحشد انصارها وداعميها ليكونوا في الشارع خلال اليومين الاخيرين من حلمة الاستفناء، ولكل منهم هدفه من هذا الخيار ولكنهم يتقاطعون في انهم يعتزمون جعل الشارع هو ساحة معركتهم مع الرئيس والسلطة.
والشارع هنا لن تقتصر العودة اليه في الحملة بل ما بعد يوم الاستفتاء والى اجل لا يبدو ان الاحزاب ستحدده بل ستتركه للتقيم ومعرفة ما إذا تحققت غاياتها من المعركة او استنفذت خيار الشارع مرة اخرى دون تحقيق الغاية الاساسية منه.
وهنا يلتقى الجميع تقريبا، فحركة النهضة، الدستوري الحر، التيار الديمقراطي والجمهوري وحزب امل وغيرها من احزاب وتيارات سياسية او مجتمعية، اعادة معركتها للشارع وهي مدركة ان هذا سيكون محدود التأثير على مسار التصويت وعلى نسب المشاركة، فالصورة اليوم باتت اقرب الى الاكتمال والوضوح في هذا الجانب.
انما هي تعود للشارع اولا لافتكاك مساحات في مرحلة ما بعد 25 جويلية والاعلان عن تموقعها لا في علاقة بسيّعد فقط بل في علاقة بعضها البعض، وهنا تراهن الاحزاب على انها ستكون قادرة على ان تعيد الزخم الجماهري اليها وان تؤصل نفسها كفاعل رئيسي في المعارضة واللاعب الاهم بالاستناد الى الانصار وقدرتها على الحشد والتجيش وملء الشوارع.
هذه الصورة التي تبحث عنها الاحزاب هي الهدف الاول المنتظر منه ان يعلن ان مقولة نهاية زمن الاحزاب والاجسام الوسيطة ككل لم ولن ينتهى. هنا قد تقف اهداف البعض عند اعلان انها مستمرة في المرحلة القادمة ولكن هدف غيرها يتجاوز مجرد الاستمرار بل يبحث عن ان يكون القوة المقابلة للسلطة والقادرة على احداث التوازن معها وان تكون بديلا لها.
وهذا الخيار تلتقي فيه مجموعة من الاحزاب وان كان ابرز من يتحرك لهذه الغاية هو الدستوري الحر الذي يسعى الى احياء استراتيجيته التي اعتمدها مع حركة النهضة بان جعل المشهد السياسي قائما على ثنائية، اما مع النهضة او مع الدستوري الحر، بان يجعلها ام مع الدستور الحر والدولة البورقيبية او مع سعيد والشعبوية الاسلاموية.
اما بقية الاحزاب سواء من النهضة او حتى خصومها في المعارضة فان معادلتهم لا تذهب الى هذا لاعتبارات عدة مختلفة باختلاف هوية الحزب، اذ ان معادلتهم هي ان تتاصل هذه الاحزاب في المشهد السياسي القادم ما بعد دستور 2022 وان تفتك المساحات تدرجيا لتكون الخيار الاول للتونسيين ان تعثر باقي مسار قيس سعيد.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115