صمت الهيئة وهيمنة الرئاسة على مناخ حملة الاستفتاء: زعزعة المسار

تمضى البلاد في مسارها وكان لا شيء ذا ثقل يعتمل فوق ارضها كان تكون مقبلة في 25 من جويلية القادم على استفتاء يحدد فيه اكثر من 9 ملايين ناخب تونسي

مصير مشروع الدستور الذي نشره الرئيس في 30 جوان وعدله في 8 جويلية الجاري.
كل شي يمضي بنسقه الثقيل والمتباطئ الذي فرض سطوته على ايام حملة الاستفتاء فجعلها شبه خاوية الا من بعض المعلقات الاشهارية مع نشاطات ميدانية محدودة إذا تعلق الامر بتلك التي يعلن عنها وفق قانون الانتخابات او حملات دعائية في جزء كبير منها منظمة وممولة بطرق غير معلنة ولا تحترم بدورها القانون الانتخابي ولا قواعد ادارة الحملة التي اعلنتها الهئية العليا للاستفتاء.

وضع مر عليه اليوم 12 يوما بالتمام ولم يتغير منه شي الا انه كشف عن تردي مناخ الاستفتاء الناجم عن اختلال معايير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وانشغالها اليوم بصراعاتها الداخلية والصدام بين اعضائها والذي وجد طريقه الى وسائل التواصل الاجتماعي فبات مادة للتندر والمشاحنات والسباب.
هذا هو الجزء الظاهر من مشهد الحملة الخاصة بالاستفتاء على مشروع الدستور الذي سيحدد التونسيون مصيره لدى توجههم الى صناديق الاقتراع منذ 6 صباحا الى غاية العاشرة ليلا من يوم الاثنين 25 جويلية الجاري.

مشهد يحمل في طياته الكثير من التفاصيل التي تفسر ما حدث ولماذا حدث إذا تعلق الامر بحالة الفتور المهيمنة على الساحة، وانتقال الحملة من حملات منظمة ذات حضور ميداني الى حملات اغلبها عن بعد تدار عبر الوسائط الحديثة وخاصة منها شبكات التواصل الاجتماعي.

فمنذ بداية الحملة تعثر المسار نتيجة تغاضى هيئة الانتخابات عن حزمة من التجاوزات والصمت عن ادانتها او وضع حد لها وقد استمر الى غاية بداية الاسبوع الجاري حينما اصدرت الهيئة بلاغا طالبت فيه باحترام القانون الانتخابي خاصة في فصوله المتعلقة بعدم استعمال العلم الوطني في الحملات او بحياد الادارة وعدم انخراطها في المسار.
صمت كسرته الهيئة ببلاغ يتيم طلبت فيه من فروعها ان ترفع المخالفات وان تتخذ الاجراءات القانونية بشأنها. واكتفت بهذا بعد 10 ايام من انطلاق حملة سجلت فيها عدة تجاوزات شملت منع انشطة ميدانية واستعمال العلم في الملصقات الاشهارية وتورط الادارة في دعم تصور على حساب اخر.

تجاوزات يمكن للناظر ان يرصدها ولمن يستمع الى بعض من خطابات الرئيس ان يستشعر في كلماته مع من يلتقيهم ان الرئاسة الزمت اجهزة الدولة بان يكون لها موقف من مشروع الدستور تحت عنوان ضمان حسن سير «الحملة التفسيرية» الذي استخدمه الرئيس كمصطلح بديل لحملة الاستفتاء.

حملة تفسيرية يبدو انها ستكون الصفة الاقرب لحملة الاستفتاء إذا وقع اعتماد ما يجرى على الأرض فجل النشاطات الميدانية غير رسمية خاصة ان تعلق الامر بحملات المناصرة والدعم التي تستند اليوم الى ركيزتين في خطابها إذا الدستور سينهى حالة التفكك التي عاشتها البلاد وهذه خطوة اولى في اتجاه الرفاه والثانية ان فشل مرور الدستور يعنى عودة تونس الى ما قبل 25 جويلية.

سردية قدت في اللقاءات المصغرة وفي الاعلام ايضا اذ يبدو ان قسما هاما من الداعمين او المؤثرين في انصار الرئيس يسوقون لهذه المروية. ازمة تونس دستورية ولا تعالج إلا بدستور جديد وعدم مرور الدستور يؤدي الى عودة النهضة للحكم وان يكون الرئيس الجديد لتونس راشد الغنوشي وهذا ما قاله ابراهيم بودربالة عميد المحامين وفسر به سبب

دعوته للتصويت بنعم في تجاوز للنص الترتيبي الصادر عن هيئة الانتخابات الذي يمنع من لم يسجل لديها من المشاركة في الحملة.

هذه التوليفة من العناصر التي تقدم صورة سلبية عن مناخ حملة الاستفتاء يضاف اليها توزيع المشاركة والتدخلات في وسائل الاعلام السمعية والبصرية الخاصة والعمومية التي تعاني بدورها وخاصة إذا تعلق الامر بالإعلام العمومي من اختلال جلي لصالح طرف على آخر.
اخلالات قد لا تجرم ولا يقع وضع حدا لها من قبل الهيئة وهو ما يعنى ان المسار سيعاني من تعثرات قد لا تؤدي اليوم إلى ابطاء نسق او ايقافه ولكن ستكون اولى اسس التشكيك في مشروعية ما سياتي لاحقا.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115