التونسيون .. والدستور ...

تفصلنا أيام قليلة عن نشر مشروع دستور «الجمهورية الجديدة» بعدها سيدعى التونسيون في أقل من شهر للاستفتاء عليه ..

عندما نلاحظ حجم الجدل الذي أثارته بعض التسريبات وبعض التصريحات حول مضمون بعض الفصول والمفاهيم الواردة(؟) في مسودة لجنة الصادق بلعيد لا يمكننا ألا أن نتساءل حول حقيقة النقاش الذي سيحصل خلال شهر جويلية القادم وخاصة على إمكانية تنظيم حوارات جدية لا فقط حول مسارات هذه السنة التي انطلقت منذ إعلان التدابير الاستثنائية والتي ستنتهي بيوم الاستفتاء، ولكن كذلك حول المفاهيم والتنظيمات التي سترد في هذه الوثيقة والتي يفترض فيها ان تنظم قواعد عيشنا المشترك لعقود أو سنوات قادمة ..
نحن أمام وضعية سريالية للغاية: سلطة حاكمة تقدم مشروعا لدستور جديد وسط صراع سياسي متعاظم حول شرعية ومشروعية هذا الاختيار ثم يجد المواطنون أنفسهم في هذه الصائفة أمام نص يتضمن جوهر قواعد العيش المشترك في حين أن جل الأطراف الوازنة سياسيا وخاصة اجتماعيا: حكما ومعارضات لا تقرّ بجدوى هذا العيش المشترك وذلك أيا كان المضمون الفعلي لهذا النص الذي سنستفتى حوله ..

وما يزيد الوضع سريالية أيضا أن جلّ المواقف والمواقع من مشروع الدستور هذا قد تحددت قبل نشره للعموم ..

هنالك المقاطع للمسار برمته،مع بعض التنويعات،وهنالك من ينادي للتصويت بل لإسقاط الاستفتاء ومن ورائه إجبار رئيس الدولة على الاستقالة وهنالك من يدعو إلى التصويت بـ»نعم» حتى قبل بداية صياغة هذا المشروع باعتباره تجديدا للثقة في رئيس الجمهورية فقط لا غير.
حقا انه يصعب كثيرا فصل النص عن سياقه خاصة في مناخ مشحون حيث يكون منطق «الفرز» هو الطاغي وهنا لن يصمد هذا النص الا متى صمد سياقه أي السلطة السياسية التي تسنده وتدعو إليه ..
عندما ننظر إلى الأوضاع العامة للبلاد من علٍ ندرك مدى حجم التحديات التي تواجهها بدءا بالاختلالات الهيكلية لتوازناتها المالية وصولا إلى ضرورة العمل الشاق والدؤوب لإخراجها من كل أزماتها المتفاقمة ..عندها ندرك أيضا كم نحن بارعون في إضاعة الوقت والفرص .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115