لن نيأس من بلادنا،الإصلاح مازال ممكنا !

التونسيون منقسمون اليوم،بعضهم يرى أن البلاد تسير في الطريق الصحيح وأنها بصدد تصحيح كل أخطائها وانحرافاتها، وبعضهم الآخر يخشى من حكم تسلطي

جديد يقضي على النزر اليسير من المكاسب التي حصلت بفضل الثورة والبعض الآخر فقد ثقته في السياسة والسياسيين وهبّ بلعنهم أجمعين ..
والانقسامات لا تكتفي بهذا الحدّ،بل هي داخل كل فئة وكل اتجاه وهي تعمّ نخب البلاد،وعندما نصل إلى مستوى المنخرطين الفاعلين في السياسة حكما ومعارضات نجد أن هذا الانقسام يتحول إلى تخوين متبادل والى لغة حربية لا تترك للصلح والتصالح أية نافذة والتونسيون منقسمون أيضا في حجم مسؤولية كل أطراف الأزمة السابقين واللاحقين ..

يحصل كل هذا ورئيس الدولة يدعو التونسيين إلى إحداث منعرج أساسي في قواعد العيش المشترك بالاستفتاء على دستور جديد يوم 25 جويلية القادم..دستور يعدنا بعضهم بأنه سدرة المنتهى وغاية المنى ويقول بعضهم الأخر بأنه سيغلق بصفة فعلية التعددية السياسية والفكرية في البلاد وسيرسي في مقوله وخاصة لا مقوله دعام الحكم الفردي المركزي ..

والسؤال الوحيد الجدي اليوم هو أين نحن كمواطنين من كل هذا ؟هل حكم علينا باستعداء بعضنا البعض إلى حد الاحتراب؟ وهل كثير علينا أن ننهض جميعا ببلادنا وأن ننعم بمقادير متزايدة من النمو الاقتصادي والرفاهية الاجتماعية والديمقراطية السياسية؟
لننظر إلى أوضاعنا الذهنية بالعقلانية وبالبرودة المطلوبتين : لن نتمكن من خفض هذا الاحتقان المدمر دون تدخل عناصر قوية جديدة في الفضاء العام..والعنصر الوحيد الذي نراه قادرا اليوم على إحداث هذه الرجة المطلوبة هو رئيس الجمهورية أساسا لا باعتباره حكما بين الجميع،فهو لم يكن كذلك ولا يريد أن يكون كذلك ،بل باعتباره الفاعل السياسي الرئيسي وأحد أهم مكونات هذا الاحتقان الجماعي ..

اليوم بإمكان رئيس الدولة أن يخفض في منسوب هذا الانقسام المتمادي بشكل كبير وان يضع البلاد كلها على سكة الإصلاح الحقيقي بالتصدي الجماعي لهذه الأزمة المعقدة التي تعيشها البلاد اليوم.

عندما نقول هذا الكلام فنحن لا نعني بذلك توافقا بين القوى السياسية التي تشكل المشهد اليوم ولا حتى حوارا بينها..نحن نريد أن نقول فقط انه على رئيس الدولة أن يغير من أولوياته ومن خطاباته وان يبادر – والبادئ أكرم – بتهدئة الأجواء وبإعطاء الأولوية المطلقة للازمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد والا يجبر البلاد على استفتاء قد تكون عواقبه وخيمة على قواعد عيشنا المشترك ثم ان يحصل حوار حقيقي تقوده المنظمات الوطنية حول الأولويات السياسية الضرورية للصلاح ونخالها لا تتجاوز تعديل دستور 2014 في بعض فصوله المتعلقة بالنظام السياسي ثم النظر في الإصلاحات الضرورية للمنظومة الانتخابية برمتها حتى تذهب البلاد إلى انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها ..انتخابات تجدد الشرعية ضمن مسار متكامل يحظى بموافقة الغالبية الساحقة من التونسيين ومن جل مكونات المشهد السياسي والجمعياتي والحقوقي..

تونس تحتاج لاستعادة أنفاسها وتخفيض الضغوطات النفسية على كل مواطنيها ولإرجاع الثقة في حاضرها ومستقبلها وان يستخلص جميعنا العبر من نجاحاتنا ومن إخفاقاتنا الجماعية ..
قد لا يرضي هذا التمشي جل مكونات الطيف السياسي اليوم الحالمين جميعهم – أو جلهم – بالحسم وبالفرز..ولكننا لا نرى طريقة أخرى للبلاد ولسائر المواطنين.
لن نيأس من بلادنا ،الإصلاح مازال ممكنا !

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115