النتائج الأولية للاقتصاد التونسي في بداية 2022: تفاقم العجز التجاري وارتفاع التضخم وتراجع كبير للاستثمار

سوف نتعرف على نسبة نمو الاقتصاد التونسي خلال الثلاثي الأول لهذه السنة بعد حوالي الشهر ولكن النتائج الأولية للتجارة الخارجية وللتضخم ولنوايا الاستثمار الصناعي

والفلاحي لا تشي بتلك الانتعاشة التي ينتظرها الجميع بل نراها تحمل في طياتها تواصل النمو الهش العاجز عن خلق قيمة مضافة فعلية ومواطن شغل مستدامة .
النتيجة الأكثر إيجابية في لوحة القيادة هذه هي نمو صادراتنا في الثلاثي الأول بالأسعار الجارية بـ%26.2 مقارنة بنفس الفترة للسنة الفارطة ولكن نسبة نمو الوردات ارتفعت بوتيرة أكبر (%29.2) بما جعل نسبة التغطية تتراجع بحوالي النقطتين لتكون في مستوى %76.6 مع عجز تجاري ب4.3 مليار دينار .

كل هذا يفيد بعودة نسبية للنشاط الاقتصادي بعد سنتين عرفت الأولى انكماشا غير مسبوق بـ8.7% من الناتج والثانية استفاقة محتشمة بـ%3.1 ولكن عودة النشاط هذه مازالت هشة ومازال رهان التصدير لم يحقق الأهداف التي رسمت له .
مقابل الانتعاشة النسبية للتجارة الخارجية شهد الثلاثي الأول لهذه السنة تواصل ارتفاع التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته منذ ثلاث سنين إذ سجلنا في شهر مارس الماضي نسبة %7.2 بينما كانت هذه النسبة دون %5 منذ سنة ..

المخيف في هذه النسبة هو اتجاهها منذ أشهر عديدة في منحى تصاعدي يُخشى أن يخرج ولو نسبيا عن دائرة السيطرة خاصة وأن الحكومة قد برمجت زيادات مهمة في الأشهر القادمة في سعر المحروقات وفاتورة الكهرباء والغاز بما سيؤثر حتما على كلفة الإنتاج الفلاحي والصناعي والخدماتي كذلك.
ولكن الأخطر في هذا المنحى التضخمي هو احتمال لجوء البنك المركزي إلى ترفيع هام في نسبة الفائدة المديرية بما سيعسر على المؤسسة الاقتصادية وعلى عامة ألمستهليكن شروط الاقتراض وهذا سينعكس سلبا على الديناميكية الاقتصادية الهشة بطبعها في هذه السنوات الأخيرة .
أما اخطر المؤشرات على الإطلاق فهي التراجع الكبير لنوايا الاستثمار الصناعي والفلاحي على حد سواء .

تراجعت نوايا الاستثمار في قطاعات الصناعات المعملية خلال الشهرين الأولين لهذه السنة بـ%36.9 مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة ولم تسلم من هذا التراجع سوى صناعة الأحذية والجلود بينما بلغت نسبة التراجع %85.9 في الصناعات الكيميائية و%55.9 في الصناعات الميكانيكية والكهربائية و%36.4 في قطاع النسيج والملابس الجاهزة أي في أهم المفاصل الصناعية في البلاد.

ولم يشذّ القطاع الفلاحي عن هذا الوضع العام إذ تراجعت الاستثمارات فيه خلال الثلاثي الأول بـ%23.3.

الخطير في هذه الأرقام هو أن الاستثمار اليوم سيترجم إلى خلق القيمة المضافة ومواطن الشغل غدا،والعكس بالعكس أي أن هذه التراجعات ستنتج حتما تراجعات في خلق القيمة المضافة وفي مواطن الشغل خاصة إذا ما أضفنا إليه التراجع الكبير للاستثمار العمومي هذه السنة،أي أننا بصدد ضرب أحد أهم محركات النمو ومن ثمة أحد أهم محركات خلق موطن الشغل ..

نستمع كثيرا في هذه الأسابيع الأخيرة إلى ترسانة من القرارات الجديدة لإنعاش الاقتصاد ولكن واقع الأرقام المسجلة في بداية هذه السنة يقول بأن أوضاعنا - في الأغلب الأعم – ازدادت سوءا وأننا لا نرى بوادر الإنتعاش ولا تلك القرارات الجريئة التي تمكنها أن تغير المعطيات.
الإنقاذ مازال ممكنا شريطة أن تفكر الدولة بعقل موحد وأن تنفتح على كل قوى الإنتاج ومكونات المجتمع المدني والسياسي من أجل خطة وطنية لإنقاذ البلاد والكف عن إهدار الوقت والطاقة في مشاريع إيديولوجية هلامية قد تأتي على الأخضر قبل اليابس.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115