الاستشارة ... الحوار الوطني ... الاستفتاء: في ضرورة أن يوضح الرئيس خطته

خصص الرئيس قيس سعيد جزءا من خطابه بمناسبة عيد الاستقلال للحديث عن «الجمهورية الجديدة» التي اعتبر انها في طور البناء وفق مخطط انطلق

تنفيذه منذ 25 جويلية الفارط مرورا باعلانه في 13 ديسمبر2021 عن خارطة طريق سياسية تعيد البلاد الى الوضع الطبيعي.
يوم الاحد الفارط وهو يتحدث عن «تونس الجديدة» انطلق الرئيس من اول محطات مساره السياسي وهي الاستشارة التي اعتبر أنها «نجحت» رغم كل العقبات والصعاب التي واجهتها، من اعتقالات وطعن وتغيير للمفتاح الدولي لخطوط الهاتف وتفاصيل اخرى كشف من خلالها عن ما اعتبره محاولات فاشلة لضرب الاستشارة.

استشارة انتهت آجالها بحلول يوم امس الاثنين 21 مارس الجاري ومعها اعلن عن نهاية مرحلة اولى لمسار سياسي رسمه الرئيس بمفرده وبداية مرحلة جديدة. مرحلة المح الرئيس في كلمته إلى انها متصلة بالاستشارة التي وصفها ضمنيا بأنها من «عناصر الحوار الوطني».
حوار وطني اشار الرئيس الى انه انطلق بانطلاق الاستشارة وانه سيستمر بعد انتهائها. وذلك دون تحديد لكيفية ادارة هذا الحوار ولا من هم المشاركون فيه وما هي محاوره ومضامينه، وما الذي تعرضه السلطة التنفيذية وبالأحرى رئيس الجمهورية هو حوار على غير الصيغ السابقة.
فالرئيس حينما توجه للتونسيين ليخبرهم عن الحوار الوطني اشار الى ان اللجنة المكلفة بصياغة مسودة الدستور الجديد ستكون منفتحة على مخرجات الحوار الوطني بشقيه. الاستشارة وما تقدمه من توجهات. والحوار مع كل الاطراف الذين قال عنهم الرئيس سعيد انه بمقدورهم ان يتقدموا بمقترحاتهم عن «النظام السياسي الجديد « وهذه المقترحات ستوجه الى لجنة الصياغة.

لجنة لم يقدم الرئيس عنها اية معلومة او تفصيل يكشف عن طبيعتها ولا صلاحيتها كما لم يكشف عن تاريخ انطلاق اعمالها التأليفية ولا عن كيفية تلقيها المقترحات التي اشار الى انها ستفرز من الحوار مع كل الاطراف دون استثناء. والاهم انه لم يحدد متى يجب على هذه اللجنة ان تقدم مسودة الدستور الجديد.
اجال مهمة طالما ان الرئيس تحدث عن ان موعد الاستفتاء سيكون في 25 من جويلية القادم وموضوعه هو الدستور الجديد، استفتاء هو الاخر لم يكشف إلا عن موعده دون شرح او توضيح عن القانون الذي سيعتمد في اجرائه هل هو القانون الساري ام مرسوم جديد؟ او الجهة التي ستتولى الاشراف عليه هل ستكون هيئة الانتخابات او هيئة جديدة او وزارة الداخلية ؟.

هذه العناصر تظل مجهولة لا يعلن عنها لا من قبل الرئيس ولا انصاره الذين يدافعون عن مشروع البناء الجديد ويعتبرون كما قال الرئيس قد حقق اول نجاحاته بمشاركة اكثر من نصف مليون تونسي في الاستشارة الشعبية. وهو في طريقه لمواصلة النجاح في باقي المراحل التي سيمر عليها.
عناصر دونها لا تتضح الصورة الكاملة الى النهاية المنتظرة من مسار سياسي انطلق متعثرا بسبب منهجية عمل قامت على فرض الامر الواقع وعلى قواعد تنظم العملية اضافة الى انها لم تكن محل اجماع او نقاش، مجهولة لا يعرف إلا من وضعها وهو هنا رئيس الجمهورية.
وهنا يصبح لزاما على رئيس الجمهورية انطلاقا من تعهداته وخطاباته التي شدد فيها على انه يقود عملية اصلاح وفق القانون والاهم وفق النزاهة والوضوح ان يكشف عن عناصر خطته باكملها، اي ان يقدم كل التفاصيل المتعلقة باختيار اعضاء اللجنة ومهامها، وتفاصيل الحوار الوطني المرتقب وصفته اي هل سيكون تقريريا ام استشاريا؟ واخير كل تفاصيل الاستفتاء.

استفتاء تفصلنا عن يومه اربعة اشهر ويومين، وهي فترة لا تسمح بان يقع انتظار حلول اللحظة المناسبة من وجهة نظر الرئيس ليعلن عن كيفية اجراء هذا الاستفتاء ووفق اي قانون، فعدم الكشف سيفرض على تونس ان تكون رهينة للمجهول الذي سيعمق الازمة السياسية اكثر مما هي عليه خاصة وان الامر اليوم يتعلق باستفتاء ستبنى عليه مشروعية ما انجز وما سيقع إنجازه في اطار المسار السياسي الراهن.

مشروعية لا يمكن ان تصمد إذا استمرت حالة الجهل بكل عناصر المرحلة القادمة، وهنا على الرئيس ان يكون اكثر وضوحا وشفافية في الاعلان للتونسيين بشكل صريح عن كل عناصر خارطته السياسية التي لم يعد ممكنا ان تكون «مجهولة» لدى التونسيين .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115