رمزية تعيين امرأة إيجابي للغاية وإن كانت السياقات العامة غير ملائمة من حيث الوضعية الدستورية أو من حيث مدة التكليف المجهولة المدة ضرورة مادامت مرتبطة بنهاية التدابير الاستثنائية .
تم تعيين السيد نجلاء بودن وفق مقتضيات الأمر الرئاسي عدد 117 لـ22 سبتمبر والذي يُعد تنظيمها مؤقتا للسلط العمومية والذي لا يفصح عن اسمه وينص بوضوح في فصله السادس عشر «تتكون الحكومة من رئيس ووزراء وكتاب دولة يعينهم رئيس الجمهورية» ورغم هذا يتحدث البيان الرئاسي عن تكليف السيدة نجلاء بودن بتشكيل الحكومة وفي هذا تناقض صارخ لا فقط على مستوى النصوص بل وحقيقة الميدان كذلك إذ ستتراوح مدة تشكيل الحكومة من ساعات إلى أيام معدودة بما يفيد أن الفريق جاهز وأن دور رئيسة الحكومة سيكون شكليا للغاية في هذا المستوى ..
لو تجاوزنا كل هذا – وما أكثر ما نتجاوزه في هذه الأيام – لقلنا بأن رمزية التعيين إيجابية للغاية لو سلِمَت مما يشاع عن التدخلات العائلية ولكن سيبقى الأساسي برنامج هذه الحكومة والإجراءات العاجلة التي ستتخذها لإنقاذ البلاد من الانهيار الاقتصادي وما يتبعه من أزمات اجتماعية قد تعصف بالأخضر واليابس.
المطلوب اليوم من السيدة نجلاء بودن أن تكون رئيسة حكومة وقائدة فريق بالمعنى العميق للكلمة وان تحيط نفسها بافضل كفاءات البلاد وأن تسارع إلى مصارحة التونسيين بحقيقة الأوضاع المالية والاقتصادية للبلاد وأن تفصح عن الإجراءات العاجلة التي تنوي اتخاذها وان تحتضن الحوار الاجتماعي بين أهم شركاء الإنتاج وأن تنفتح على كل القوى ولكل الأفكار وان تجعل من القصبة ورشة للحوار وللفعل أيضا حتى تتمكن من تمثيل تونس لدى الشركاء الاقتصاديين والتجاريين والماليين للبلاد وان تدافع في هذه الأوساط عن خطة وطنية للإصلاح وللإنقاذ وأن تطالب بدعمها وهذا لن يكون ممكنا إذا لم تكن حائزة على ثقة أهم الشركاء في الوطن ،ذلك أن تعيينها من قبل رئيس الدولة شرط ضروري ولكنه غير كاف بالمرة لكي تنجح في إنقاذ البلاد .
نتمنى أن تدرك السيدة نجلاء بودن منذ البداية أن منصب رئيس الحكومة منصب سياسي بالأساس وأن مهمتها لا تقف عند «تنفيذ السياسة العامة للدولة طبق التوجيهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهورية» بل يقع عليها واجب التقليص من الاحتقان السياسي الحاد الذي تعيشه البلاد وإنجاح إنهاء فترة التدابير الاستثنائية باتجاه ديمقراطية تعددية فعلية لا شكلانية انتخابية تفرغ الديمقراطية من مضمونها ..
ثم إن السياسة أولا وأخيرا رعاية مصالح الناس أي إنعاش الاقتصاد وحماية القدرة الشرائية والمحافظة على مواطن الشغل ومقاومة الفقر والبطالة ..
نحن لا نطالب السيدة نجلاء بودن بالمستحيل ولكننّا نطالبها ببذل كل الجهد لوضع البلاد على الطريق السوي،طريق الإصلاح والديمقراطية،أما اذا كان الأمر على عكس ذلك فستكون خيبة جديدة تنضاف إلى سجلنا الحافل بالخيبات .
لنقرض السيدة بودن قرضا حسنا .