اللخبطة في أولويات التلقيح: حتى لا نفقد البوصلة مجددا

رغم التحسن الطفيف الذي طرأ على نسق التلقيح مباشرة بعد عطلة عيد الفطر إلا انه مازال بعيدا

عن الأهداف التي رسمتها الحكومة لنفسها وهي تلقيح (جرعة أولى على الأقل) ثلاثة ملايين تونسي في موفى شهر جوان .
بعد 73 يوما من بداية حملة التلقيح والتي استفاد منها أكثر من نصف مليون تونسي فقط (542349) منهم حوالي النصف (266814) قد تلقوا الجرعتين معا ..
في المقابل مازالت الجائحة في مستوى مرتفع وذلك رغم التراجع النسبي لنسبة المصابين ولعدد الموتى وخاصة للمرضى في أقسام الإنعاش والتنفس الاصطناعي بما يفيد أن المرور إلى السرعة القصوى في التلقيح هو الحلّ الوحيد للحدّ على الأقصى من الآثار الصحية والاقتصادية لهذه الجائحة .
الغريب مرة هو أخرى أن تغيب عنا الأولويات الواضحة وأن نتيه في حسابات ضيقة وفي صراعات ما أنزل الله بها من سلطان.
السؤال البسيط: لماذا نريد القيام بعملية تلقيح واسعة النقاط؟ لإنقاذ الأرواح أولا قبل شيء.ومن هي الفئات الأكثر عرضة للخطر ؟ الكبار في السن وأصحاب الأمراض المزمنة والسمنة وأصحاب الإعاقات الجسدية أو الذهنية وخاصة إذا ما تضافرت هذه الوضعيات مع الهشاشة الاجتماعية.
ولهذه الاعتبارات وضعت وزارة الصحة أولويات للتلقيح تبدأ بالإطار الصحي وتتواصل مع كبار السن ثم مع حاملي الأمراض المزمنة ثم الأجهزة الأساسية للدولة ..
ولكن اختلطت الأمور ونزلنا إلى المستوى الثالث ولم نستوف بعد المستوى الأول من الأولوية بل شاهدنا مغالطات من صنف أن الذين تجاوزوا 75 سنة قد تم تلقيح أكثر من %90 منهم والحال أن آخر أرقام وزارة الصحة في 20 ماي الجاري تقول أنه تم تلقيح %65 من الذي تجاوزوا 75 سنة كما تم تلقيح %60.5 لفئة 74-60 سنة .
ولكن منذ أيام عديدة نتحدث عن أولويات معينة جديدة كالمربين والصحفيين ..وننسى من جديد الفلسفة الأساسية وهي تلقيح كبار السن بداية وأصحاب الأمراض المزمنة أو الإعاقات الذهنية خاصة وان الأساسي اليوم هو إقناع كبار السن بالإقبال المكثف على التسجيل كذلك كل الحاملين لمرض مزمن وعددهم نحو مليوني تونسي في اضعف التقديرات ..
فلسفة التلقيح الواسع لا تهدف في البداية إلى حماية مهنية بعينها سوى المهن الطبية وشبه الطبية لانها العمود الفقري لهذه العملية ..والمقصد ليس الإذعان لهذه المهنة أو تلك بل إنقاذ ما يمكن من حياة التونسيات والتونسيين الاكثر عرضة لهذا الوباء والأكثر هشاشة صحية واجتماعية ..
كنا نتصور حملات في الأحياء والمدن والقرى يقنع فيها متطوعون كل التونسيات والتونسيين بضرورة التسجيل في منظومة ايفاكس حتى نصل إلى 7 أو 8 ملايين مسجل وحتى نتمكن من اجتناب اكبر عدد ممكن من الأعراض الخطيرة والوفايات.
الواضح أننا لن نتمكن من تلقيح ثلث (أي 4 ملايين تونسي) قبل الخريف القادم وان عدد اللقاحات المتوفرة اليوم لا يسمح لنا بالانتقال مباشرة من معدل 22.000 -25.000 تلقيح يوميا إلى مائة ألف وبالتالي تكون الأولوية للفئات الأصلية المعنية (كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة وذوي الإعاقة البدنية والذهنية) أولوية الأولويات مهما كانت الضغوطات أو السياسات الزبونية ..
البوصلة يا وزارة الصحة .. البوصلة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115