النهضة وتحديات التونسة راشد الغنوشي في خطاب الافتتاح يراوغ الجميع: الانتقال من معركة الهوية إلى معركة الاقتصاد؟!

• راشد الغنوشي في ثوب زعيم الأغلبية ! • الباجي قائد السبسي: عليكم بالتونسة قلبا وقالبا
افتتحت يوم أمس حركة النهضة مؤتمرها العاشر في مشهدية أريد لها أن تكون أخاذة بقاعة رادس الرياضية وبحضور حوالي عشرة آلاف نفر بين ضيوف ومؤتمرين ومناضلي الحركة وبحضور لافت لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

المناخ الذهني الذي أعدت له الحركة الإسلامية منذ مؤتمرها التاسع في صائفة 2012 أنها ستنتقل من حزب لجماعة إلى حزب سياسي صرف بفضل الفصل بين الدعوي والسياسي ثم أصبح الشعار منذ بضعة أسابيع: التخصص.. فالنهضة ستتخصص في السياسة وتترك بقية المجالات الدينية والتربوية والخيرية للعمل الجمعياتي..

ولن نعود إلى مسألة الفصل بين الدعوي والسياسي لأننا أفضنا فيها الكلام وسعينا إلى تبيان زيف هذه المقولة لأنها لا تغير في عمق الأشياء (الفصل بين الدين والسياسة) بل فقط في الظاهر والتسويق الإعلامي...
لقد وضع رئيس الجمهورية في كلمات قليلة الرهان الأساسي أمام الحركة الإسلامية: لا بد أن تصبح حركة النهضة حركة تونسية قلبا وقالبا، شكلا ومضمونا فدستورنا، كما يؤكد على ذلك دوما رئيس الجمهورية، إنما أسس لدولة مدنية لا مرجعية دينية لها ولكن هذه الدولة

إنما هي لشعب تونسي مسلم..
وقد صفّق الحاضرون من أبناء النهضة طويلا للباجي قائد السبسي الذي أكثر – للمناسبة – من الاستشهاد بالآيات القرآنية مما زاد القاعة حماسا وتصفيقا..
فكما كانت الحفاوة بالغة براشد الغنوشي في مؤتمر سوسة للنداء كانت الحفاوة أبلغ بالباجي قائد السبسي في مؤتمر النهضة.. هذا المؤتمر الذي تردد صاحب قرطاج قبل المجيء إليه باعتباره رئيس كل التونسيين ولكن في الأخير قدم وألقى خطابا حماسيا فهو وإن كان رئيس كل التونسيين ولكنه يعطف على ذلك عناية خاصة بالحزبين الكبيرين..

عندما تقدم رئيس حركة النهضة لإلقاء خطابه الذي دام حوالي 50 دقيقة كان الجميع ينتظرون إجابة واضحة وشافية حول جوهر الفصل بين الدعوي والسياسي ولكن راشد الغنوشي راوغ الجميع وقدّم خطابا سياسيا واقتصاديا ينسبه إلى حد كبير إلى خطب رؤساء الحكومات عندما يقدمون برنامج حكومتهم لنيل ثقة البرلمان.

المشهدية كانت طاغية على جلسة الافتتاح وذكرنا الجميع – بمن فيهم رئيس النهضة – بالآلاف من المناضلين الذين بقوا خارج قاعة رادس قائلا بان الذين تخوفوا من عدم قدرة الحركة على ملء القاعة لا يعرفون الحركة جيدا...
اللافت هو أن حماس القاعة كان يتجاوب طردا مع مضامين خطاب «الشيخ» إذ كانت الهتافات قوية وصاخبة في جلّ تدخلاته إلا عندما ترحم على الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.. هنا كان التصفيق خافتا محتشما.. وكذلك عندما ذكر الحبيب بورقيبة وترحّم عليه ثم الطاهر الحداد في زمرة المصلحين.. هنا أيضا كان تجاوب الحضور متواضعا...

هذا رغم الإعداد المسرحي لخطاب الشيخ الذي عندما تحدث عن سفينة تونس استمعنا مباشرة إلى أغنية مارسال خليفة (يا بحرية) ورأينا يافطة ضخمة عليها صورة باخرة عليها علم تونس وبجانبها يافطة ضخمة أيضا عليها شعار حركة النهضة...
خطاب راشد الغنوشي كان سياسيا عاما ذكر فيه بعجالة بعراقة حركته التي تعقد مؤتمرها العاشر في غضون 37 سنة (لا ربع قرن كما قال) وبشهدائها وبانتهاجها للديمقراطية «التي هي الشورى التي جاء بها الإسلام».
ثم تحدث طويلا عن التوافق بدءا بلقاء باريس بين «الشيخين» وصولا إلى التحالف الحاكم الحالي الذي أكد رئيس الحركة على أن حزبه متمسك به كما هو متمسك بحكومة الحبيب الصيد.. دون أن ينسى الإشادة بمختلف هياكل الحركة ولا سيما مجلس الشورى الذي أحيانا ما تتوقف، كما قال، ساعة تونس في انتظار قراراته...

فكرة أساسية جاءت في خطاب الغنوشي وقبله في الكلمة الافتتاحية لعبد الفتاح مورور نائب رئيس الحركة وهي إيثار تونس على النهضة...

ثم قدم راشد الغنوشي التحول الذي ينتظره الجميع، الفصل بين الدعوي والسياسي، في سياق تاريخي لا يخلو من بعض الغرابة إذ قال بأن حركة النهضة بدأت كحركة عقدية (عقائدية إيديولوجية) وخاضت معركة من أجل الهوية وذلك لم يكن خطأ بل لأن الهوية كانت حينها مهددة حسب رأيه وهذا بالطبع في المرحلة البورقيبية ثم تحولت النهضة إلى حركة احتجاجية ضد النظام الشمولي القمعي لبن علي والآن أصبحت حزبا ديمقراطيا مسلما تنهل من مرجعية الإسلام في إطار التخصص الوظيفي في الفعل السياسي ولكن الإيجابي في كل هذا هو تأكيد رئيس النهضة بوضوح بأن الإسلاميين الديمقراطيين، أي النهضويين، هم في تمايز تام عن الحركات المتشددة التكفيرية.. فلم نعد في زمن التبشير بثقافة جديدة أو بمن يذكرونه بشبابه بل في تنديد كلي وعميق بالمتشددين التكفيريين والذين أكد زعيم الحركة الإسلامية بأن تونس ستهزمهم لا محالة...

كما شدد الغنوشي على ضرورة النأي بالدين عن المعارك السياسية وتحييد المساجد عن الدعاية الحزبية ولكن – وفي الأمر لكن ضخمة – يتعجب رئيس النهضة من.....

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115