كلمة واحدة تلخص كل ما اقترفه نواب ائتلاف الكرامة: الاعتداء على الدولة ومحاولة دوسها بتعلة التصدي لإجراء إداري يعرف تحت مسمى (S17) والذي منعت بموجبه امرأة تونسية من السفر ..
وتحت الغطاء الكاذب للدور الرقابي للنائب -والذي لا يمارس إلا داخل قبة البرلمان- وفق مقتضيات النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب فقط لا غير ..
هنالك من أراد أن يقدم لنا «ائتلاف الكرامة» كتيار سياسي ينتمي للخط الثوري بينما كانت النخبة السياسية ،الحاكمة والمعارضة اليوم، التي تعاملت مع هذه الكتلة ورموزها منذ محاولة تكوين حكومة الحبيب الجملي تعلم علم اليقين أننا أمام تجمع هلامي يضم في صفوفه بقايا روابط حماية الثورة المنحلة قانونا والسلفية التكفيرية والاسلاموية الراديكالية العنيفة مع عناصر من «الثقافة» المحلية كلما تعلق الأمر بالبلطجة وبمختلف أنواع العنف اللفظي والتهديد بالعنف البدني ..
إن كل الأحزاب والمؤسسات والشخصيات التي تعاملت مع هذا السديم الاسلاموي التكفيري العنيف باعتباره تيارا سياسيا كبقية مكونات المشهد العام تتحمل جزءا من المسؤولية السياسية والأخلاقية في هذه البلطجة المتعاظمة والتي تستهدف رأسا مؤسسات الدولة السيادية والمقومات الحديثة للمجتمع التونسي (المساواة الجندرية والدور الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل).
لقد خاض هذا الائتلاف بالوكالة الصريحة أو الضمنية كل المعارك التي لم تعد تجرؤ حركة النهضة على القيام بها بعد عهد حكمها غير المأسوف عليه زمن الترويكا.
ويبقى السؤال الأهم : ماهي الرسائل التي حرص هذا الائتلاف على تمرير ها يوم اعتدائه على الدولة التونسية في مطار تونس قرطاج الدولي ؟
يبدو أن هذه الجماعة أرادت أن تقول لكل أصدقائها من حملة الفكر التكفيري والأنصار – أو حتى من المنتمين – للجماعات الإرهابية أننا هنا ندافع عن ذوي الشبهة منكم وبإمكان كل من لم يتعلق به حكم أو تتبع قضائي أن يعود إلى ارض الوطن أو أن يغادرها في امن، وإذا اعترضت الفرق الأمنية المختصة فلنا أصدقاؤنا في الحكومة وفي البرلمان لنستقوي بهم على أجهزة الدولة السيادية وسوف نبذل قصارى الجهد لتحجيم كل مقاومة جدية للتطرف والتكفير وما ينجر عنهما من عنف وإرهاب وتفجير ..
يمكن لهذه «الجماعة» أن تلمع صورتها كما تريد عند بعض أنصارها باعتبارها حاملة لقيم «الرجولة» و«مقاومة» منظومة الاستبداد السابقة ولكن جلّ التونسيين يقرون بالفضل للمعارضين الشجعان زمن بن علي والزعيم بورقيبة أحزابا وشخصيات ونقابات وجمعيات،أما الجماعات التكفيرية والإرهابية والتي حملت السلاح ضدّ الدولة وروّعت المواطنين فهي قد وضعت نفسها، منذ البداية، لا فقط ضدّ الدولة التونسية بل وضدّ عموم التونسيات والتونسيين قبل الثورة وبعدها أيضا ..
إن الاسلاموية الراديكالية التكفيرية العنيفة والبلطجية لا يمكن لها بأي حال من الأحوال أن تكون عنصر بناء للانتقال الديمقراطي في تونس بل هي أهم ما يهدده بالانهيار والاندثار وكل من وضع ، أو لا يزال يضع،يده في أيادي هؤلاء فهو مساهم - بمقدار وزنه وقربه ومدى عدم اتعاظه – في هذا الخطر الذي يهدد البلاد ..
أزمات بلادنا اليوم لا تحصى ولا تعد،الكثير منها أضحى هيكليا عميقا ولكن الجزء الأهم فيها يعود إلى النخب التي سادت خلال هذه العشرية والى الكم الهائل من قصر النظر والانتهازية والطفولية التي تعتري جل مكوناتها ..
للانتقال الديمقراطي ثمن أخلاقي أولا وقبل كل شيء، وأهم ما في هذا الثمن ألا نضع أيادينا في أيادي من يريدون تدمير الدولة التونسية ومناعتها من اجل فتات من الأصوات والمصالح ..
وعلى مختلف أجهزة الدولة اليوم أن تلعب دورها في حماية انتقالنا الديمقراطي من كل هذه المخاطر التي تبلط مساره.
وتتواصل المخاطر على الانتقال الديمقراطي: ليلة الاعتداء على الدولة !
- بقلم زياد كريشان
- 12:17 17/03/2021
- 1560 عدد المشاهدات
بماذا يمكن أن نصف ما حصل ليلة أول أمس في مطار تونس قرطاج الدولي وتحديدا في المنطقة الممنوعة على غير المسافرين ؟