في اشكاليات البقاء أو الخروج: من الحجر الصحي

دخلت البلاد الاسبوع الرابع من الحجر الصحي الشامل ويبدو ان الحالات المؤكدة للاصابة بفيروس كورونا المستجد تؤكد سلامة

هذا التمشي رغم عدم تطبيقه والالتزام به بالكامل اذ لم نشهد ـ الى حد الان ـ هذا التفاقم الجنوني في ارقام الاصابات ولاسيما الخطيرة منها وما ينجر عن ذلك من من عشرات الاف الموتى كما هو الحال في اوروبا الجنوبية والولايات المتحدة الامريكية.

إذن ـ مع كل الحذر الواجب ـ لقد نجحنا فيالحد من سرعة انتشار العدوى والسؤال اليوم الملح هل نواصل على هذا النسق لاسبوعين اضافيين، او اكثر، ام نبدأ في التخفيف التدريجي من الحجر الصحي حتي لا نعرض نسيجنا الاقتصادي والاجتماعي الى ضربات قوية قد لا نكون مستعدين للنهوض منها وذلك ايا كانت نوايا الحكومة وسياساتها العمومية المعتمدة.
لاشك أن صحة التونسيات والتونسيين لا ثمن لها ولكن من السذاجة الاعتقاد بانه لا كلفة لها. فكلفة الحجر الصحي الشامل لو تواصل كثيرا سيكون لها وقع كبير على حياة المواطنين وعلى صحتهم ايضا.

نحن أمام معادلات معقدة للغاية ونعلم جميعا انه لا يمكننا مواصلة الحجر الصحي الشامل الى حين اكتشاف لقاح او دواء يكون في متناول كل التونسين، والسؤال المنطقي اليوم ليس في الابقاء على الحجر الصحي الشامل او الخروج منه بل في توقيت المراحل الضرورية الانتقالية القادمة وفي حسن استعداد لها على مستوى الصحة العمومية حتى نتوقى باقصى الطاقة من كل الضربات الارتدادية للعدوى.

السؤال إذن هو في نسب عودة النشاط الاقتصادي والاجتماعي دون ان يسهم ذلك في مزيد انتشار العدوى، ونحن هنا نتحرك في مناطق رمادية ولا احد بامكانه التنبؤ بدقة بكل ما سيحدث ولا بحقيقة المخاطر الحافة بنا.

قلنا منذ إعلان التمديد الاول بأسبوعين في الحجر الصحي الشامل انه سيقع تمديد اخر باسبوعين بعد ذلك اي اننا لا نتوقع البته الخروج ـ ولو التدريجي ـ من الحجر الصحي الشامل قبل يوم الاحد 3 ماي القادم في احسن الاحوال ولكن هذا يفترض ان يكون للسلط العمومية في الايام القليلة القادمة خطة واضحة لشهري ماي وجوان القادمين وعلى تنظيم حذر للخروج من الحجر الصحي دون خسارة ما انجزناه من التحكم النسبي في وتيرة انتشار العدوى.
هناك أسئلة حارقة على السلط العمومية أن تقدم لنا حولها اجابات واضحة منذ الآن :

• هل ستتم العودة الى مقاعد الدراسة من السنة التحضيرية الى الدراسات العليا؟ ومتي وكيف تنجز الامتحانات الضرورية خاصة في الباكلوريا وفي كل مستويات التعليم العالي؟ افلا يمكن، مثلا، ان نقول منذ الآن بان العودة المدرسية والجامعية لن تكون قبل شهر سبتمر مع امتحانات وطنية خلال شهر اكتوبر وبداية محتملة للسنة الدراسية والجامعية القادمة مع شهر نوفمبر، وهنا يمكن اقحام امتحانات « السيزيام » و « النوفيام » نظرا لاهميتها في توجيه التلاميذ النجباء للاعداديات والمعاهد النموذجية اذ من غير المعقول حرمان الالاف ممن راهنوا على التمييز والتفوق الدراسيين من حقهم في تحقيق ما راهنوا عليه، ومع ذلك يعفى بقية التلاميذ من امتحانات الثلاثي الثالث لتكون عودة حوالي مليوني تلميذ مع شهر نوفمبر القادم.

• كيف نستعيد نسقا معقولا للنشاط الاقتصادي دون الدفع بملايين دفعة واحدة الى الاكتظاظ المروري وخاصة في وسائل النقل الجماعي؟ الا يمكن ان نواصل الاعتماد بالتداول على العمل عن بعد كلما كان ذلك ممكنا؟ كما انه بالامكان ايضا ان تعيد كل المؤسسات الاقتصادية تنظيم فرق العمل بغاية حترام شروط الصحة الصارمة لا فقط داخل المصانع والمؤسسات والمكاتب ولكن كذلك في وسائل نقل العملة والموظفين.

ومع كل هذا ينبغي ان نستبطن جميعا ان الاشهر القادمة وربما السنة او السنتين القادمتين ستكون حاملة لمخاطر صحية جسيمة وان « حربنا » ضد الكورونا لن تربح الا مع وجود الدواء واللقاح المناسبين صحيا والمتوفرين للجميع، وفي الانتظار ينبغي تنظيم حياتنا العامة في الشرواع والاحياء والمتاجر ووسائل النقل وكذلك الادارات والمؤسسات والمصانع بل وفي المنازل ايضا وفق مقتضايات التوقي الاقصى من هذا الخطر ولكن ايضا وفق مقتضيات خلق الفرص الجديدة للابتكار والابداع والاستثمار وان نجعل من هذا التحدي المفروض على البشرية قاطبة فرصة للقيام بالاصلاحات الضرورية في كل الاتجاهات..

دون رؤية شاملة للتصرف زمن مختلف حقبات ازمة الكورونا ودون قيادة صارمة للتخفيف من الكلفة البشرية والصحية والمادية لهذه الجائحة يصبح التمديد الجديد (الضروري) في فترة الحجر الصحي بمثابة « دزان بيدق » اي عمل لا أفق له ولا طائل من ورائه.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115