السلط العمومية والوضعية الوبائية في تونس: صيحة فزع!

عقد يوم أمس وزيرا الصحة والداخلية ندوة صحفية مشتركة أطلقا فيها صيحة فزع –خاصة وزير الصحة – حول المؤشرات الحالية للوضعية الوبائية

نتيجة عدم احترام بعض المصابين بفيروس الكورونا المستجد لمقتضيات الحجر الصحي وعدم تعاملهم الايجابي مع السلط الصحية سوا تعلق الأمر باعطاء المعلومات الدقيقة حول كل الاشخاص الذين تواصلوا معهم بعد اصابتهم بالعدوى أو بالانضباط لقرار الحجر الصحي مما نجم عنه تفشي لعدةات افقية في بعض المناطق الساحلية وفد بلغت العدوى احيانا الدائرة الرابعة لشخص واحد وفي بعض الحالات استحال تحديد المصدر الاول للعدوى نتيجة رفض التعامل الايجابي الذي اشرنا اليه انفا.

والنتيجة اننا قد نشهد انطلاقات جديدة للعدوى رغم فرض السلط العمومية للحجر الصحي الشامل وان مواصلة هذه الممارسات ستهدد حتما كل الجهد المبذول خلال هذه الاسابيع الاخيرة.

ولو وقفنا عند الأرقام 5 افريل الجاري فسوف نجد ان حوالي ثلثي الاصابات المؤكدة (64.1 %) كانت نتيجة عدوى محلية بعد ان كانت جل الاصابات مستوردة في بداية الوباء.وهذا مؤشر هام في حدّ ذاته يكشف ان العمل الضخم للتوعية الذي شمل عموم التونسيين وخاصة من كانوا معرضين اكثر من غيرهم للعدوى لم يات اكله كما كنا نريد وان حالات التحلل العديدة التي نشاهدها منذ حوالي الاسبوع من القواعد الصارمة للحجر الصحي الشامل قد تتحول الى اخبار سيئة في الاسابيع القادمة.

لا يجادل احد في صعوبة التقيد بقواعد الحجر الصحي الشامل لجميع المواطنين وخاصة عند اولئك الذين تضرروا كثيرا بالتبعات الاقتصادية والاجتماعية للحجر الصحي ولمن لا يستطعون واقعيا العيش كامل النهار داخل منازلهم ولكن البلاد – والعالم كذلك- لا يمتلك حلاّ للتقليص من العدوى سوى هذا الاختيار، والاشكال هنا هو ان عدم نجاحنا في مرحلة الحجر الصحي سيغير بدرجة كبيرة للغاية كل استراتجيات الخروج التدريجي من الحجر الصحي الشامل وقد يضطر السلط العمومية الى تمديد ثالث مع كل ما يعنيه ذلك من وقع ثقيل على كل فئات المجتمع ولا سيما منها الفئات الهشة والتي ازدادت هشاشتها الاجتماعية والصحية بشكل لافت خلال هذه الاسابيع الاولى من الحجر الصحي الشامل.

هذه من المفارقة الاساسية التي تعيش وستعيش تونس على وقعها خلال الايام المتبقية من هذه الفترة الثانية للحجر الصحي، فإما الانضباط الكلي والصارم لكل مقتضياته في الشارع والحي والمنزل وبالتالي تكون العودة التدريجية للحياة الطبيعية ايسر واقل خطرا على صحة المواطنين أو التمادي في هذا التسيب فتمديد للحجر، فتسيب اضافي قد يجبر السلط العمومية لسياسات ردعية قوية من شأنها ان تؤجج الغضب والاحتقان في بعض مناطق الجمهورية.

لا شك ان لكل مواطن (ة) مسؤولية كبرى في هذا النجاح الجماعي ولكن في نفس الوقت لو لم تتعظ السلط العمومية من الاخلالات الجسيمة التي حصلت خلال توزيع الاعانات الاجتماعية فسنكون في وضعية مستحيلة لان النجاح في التوقى من عدوى فيروس الكورونة المستجد لن يكون فقط صحيا معتمدا على وعي المواطنين او على زجرهم بل وكذلك على حسن المرافقة الاجتماعية واستباق الازمات والاعداد الجيد لكل مراحل الاسابيع القادمة.

اننا امام اكبر تحد لنا كدولة وكشعب وكمواطنات ومواطنين...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115