الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن الإعلان عن النتائج النهائية سيكون في موفى الأسبوع القادم ، وعليه وبمقتضى الفصل 89 من الدستور سيكلف رئيس الجمهورية قبيل نهاية الأسبوع ما بعد القادم (أي يوم 15 أو 16 نوفمبر الجاري ) مرشح حركة النهضة بتشكيل الحكومة الجديدة.
ووفق نفس هذا الفصل،على رئيس الحكومة المكلف تشكيل حكومته والمرور بها أمام البرلمان لنيل الثقة في اجل أقصاه شهرا واحدا بعد التكليف «يجدد مرة واحدة» أي بما يفترض أن تكون لنا حكومة تقترح رئاستها حركة النهضة قبيل منتصف جانفي على الأقصى.
واذا اخفق(ت) مرشح(ة) لنيل الثقة على امتداد شهرين كاملين تؤول المبادرة السياسية،دائما وفق نفس الفصل الدستوري إلى رئيس الجمهورية وفي اجل عشرة أيام «بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من اجل تكوين حكومة في اجل أقصاه شهر».
بعبارة أخرى مازالت أيام قليلة جدا أمام حركة النهضة لاقتراح شخصية لرئاسة الحكومة قد تحظى بنيل ثقة المجلس وقبل ذلك برضا الشركاء المحتملين وأساسا التيار الديمقراطي وحركة الشعب وائتلاف الكرامة ،وبما أن الشريكين المفترضين الأولين قد رفضا بوضوح ترؤس شخصية نهضوية للحكومة القادمة فيمكننا الجزم،ومن الآن،بأن رئيس الحكومة القادمة لن يكون في كل الأحوال نهضويا إلا في صورة إجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها قد تقلب الموازنات السياسية بصفة جذرية لفائدة الحركة الإسلامية،وهذا مستبعد جدا في وضعية الحال .
أمام قيادة النهضة حلان لا ثالث لهما إما المجازفة بترشيح شخصية نهضوية (لن تكون في كل الأحوال راشد الغنوشي) والتعويل على ترضيات الساعة الخامسة والعشرين (على مستوى بعض الحقائب السيادية ورئاسة مجلس نواب الشعب) لكسب أغلبية تسمح للحكومة القادمة بالتشكل الفعلي أو استباق الرفض المعلن لرئاسة نهضاوية بتقديم شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة تحظى بموافقة مبدئية من شركائها المفترضين مقابل التصويت لراشد الغنوشي او لشخصية نهضوية أخرى في رئاسة مجلس نواب الشعب وهكذا تخرج النهضة من الزقاق المظلم الذي وضعت فيه وتغنم بعض المكاسب في الحكومة القادمة وفي مختلف أجهزة السلطة وتمنع أيضا وصول المبادرة السياسية إلى رئيس الجمهورية مراهنة على خوف الجميع من انتخابات تشريعية سابقة لأوانها غير مضمونة النتائج وهكذا يظهرون أكثر مرونة أمام المقترحات النهضوية الجدية وربما أيضا تحت ضغط تهديد مبطن للحركة بأنها سترفض التصويت على «حكومة الرئيس» كما يقال وبالتالي تقبر هذه الفكرة في المهد ..
في الحقيقة كل الأطراف المعنية بالحكم مع النهضة ستسعى في الأيام القليلة القادمة إلى تحسين شروط التفاوض وافتكاك ضمانات او مواقع قوية في السلطة القادمة لان حركة النهضة في وضع لا يسمح لها البتة بفرض شروطها على احد،وهنا الواضح أن لا احد سيعير كبير اهتمام لمشروع برنامج الحكم الذي أعدته حركة النهضة وان كل النقاش والصراع سيكون بداية حول شخصية رئيس الحكومة وثانيا حول رئيس البرلمان وثالثا حول وزراء السيادة ورابعا حول بقية الوزراء..
ولكن حتى في صورة نجاح النهضة ،مقابل تنازلات كبيرة، في تشكيل حكومة بواسطة شخصية مستقلة فهل نحن فعلا أمام ائتلاف قادر على الحكم ويمتلك رؤية موحدة لحل أهم مشاكل البلاد أم أننا سنكون أمام تحالف هش يتكسر على صخرة أول صعوبة أو قرار غير شعبي،ام ائتلاف همه الوحيد هو البقاء في الحكم أي عدم الإقدام على أي إصلاح يذكر ؟..
يقول المثل الفرنسي : «تجارب الآخرين لا يستفيد منها سوى الآخرون».