أعمال بالفعل وإن لم يكن ذلك بمقتضى القانون ومنهزم في الدور الأول في الرئاسية ومغادر لدفة الحكم بعد أسابيع أو أشهر على الأقصى،والثاني رئيس منتخب بغالبية كبرى وبمنسوب ثقة مرتفع للغاية ولم يبدأ بعد في ممارسة عهدته بصفة واضحة،بل لم يعين إلى الآن ولا شخصية واحدة في ديوانه.ولكن رغم هذا ورغم أن كلا الرجلين ينحدران من مدارس فكرية وتجارب سياسية مختلفة للغاية يبدو أنهما قد وجدا لهذه المرحلة الانتقالية من خروج الأول من السلطة وولوج الثاني فيها أرضية مشتركة للتفاهم،بدأت بإشادة الأول بالثاني في روسيا بالذات وكذلك بالحرارة البادية في لقائهما الأخير وفي نبرة الاحترام والتقدير والإعجاب البادية على لسان رئيس الحكومة آنذاك ..
ويبدو أن أرضية التفاهم هذه قد وجدت مجالا سريعا للتحقق تمثل في إقالة شخصيتين لا تروقان مفترقتين أو مجتمعتين للاثنين وهما وزيرا الدفاع والخارجية .وهكذا يؤكدان،معا،وضع يديهما على وزارتين سياديتين أساسيتين خاضعتين بحكم الدستور لنوع من الشراكة بين الاثنين ..
وفي هاتين الاقالتين معنى سياسي ورمزي قوي وهو إنهاء عهد الباجي قائد السبسي والرجالات المحسوبة عليه في تسيير الدولة.
لسنا ندري هل نحن أمام اتفاق تكتيكي ظرفي أم أمام اتفاق قد يدوم خاصة إذا ما تعطل تشكيل الحكومة القادمة وبقي يوسف الشاهد في القصبة لأشهر قد تكون طويلة .
الإشكال هنا سيكون أساسا في وزارة الدفاع بعدما تولاها بالنيابة منذ يوم أمس وزير العدل خاصة لو تعثر تشكيل الحكومة القادمة .
لا يخفى على احد ان يوسف الشاهد لم يغفر لعبد الكريم الزبيدي ما اعتبره تهجماته العدائية ضده ابان الحملة الانتخابية ولا كذلك مقاطعته لاجتماعات مجلس الوزراء وكذا الأمر بالنسبة لوزير الخارجية لا بالضرورة مع رئيس الجمهورية الجديد ولكن يبدو وان العلاقة غير طيبة بينه وبين من قد يكون مدير الديوان الرئاسي السيد عبد الرؤوف بالطبيب ابن العائلة الديلوماسية مثله ، ولكن كما هو معلوم فالخلافات والصراعات واللكمات تحت «السنتورة» هي دوما من خصال كل عائلة ..
قلنا بأن بقاء وزارة الدفاع دون وزير فعلي ومباشر قد يمثل إشكالا لو طالت هذه الوضعية ولكن لسنا ندري أيضا هل سيتأقلم وزير الخارجية الجديد صبري الباشطبجي مع فلسفة رئيس الدولة وطاقمه المنتظر خاصة وان بلادنا مقبلة على مواعيد ديبلوماسية في غاية الأهمية فتونس ترأس الجامعة العربية الآن وهي ستكون عضوا غير دائم بمجلس الأمن انطلاقا من السنة القادمة..
ولكن تونس ستحتضن خاصة المؤتمر الخمسين للقمة الفرنكوفونية وهذا يستوجب إعدادا لوجستيا ضخما ويتطلب كذلك ديبلوماسية نشيطة واقتناعا بالفوائد السياسية والديبلوماسية والاقتصادية لما قد تجنيه تونس من قمة كهذه..
وهنا لا يعرف التونسيون ولا مختلف شركائنا الكثير عن الفلسفة الديبلوماسية لساكن (؟) قرطاج الجديد سوى التزامه باستمرارية الدولة وباحترامها لكل تعهداتها ..نريد أن نعرف من المسؤول الأول عن السياسة الخارجية لتونس ماهو تصوره للموقع الجيو استراتيجي لتونس وماهي أولوياتنا الديبلوماسية ؟
صحيح أن تغيير الوزراء هو من المشمولات الدستورية لرئيس الحكومة ورئيس الجمهورية كل في مجاله ولكن توضيح السياسات والاستراتيجيات أهم بكثير لو رمنا تأسيس الثقة على قواعد صلبة.