رسميا قيس سعيد ونبيل القروي في الدور الثاني: تسونامي الدور الاول للرئاسية والمخاضات السياسية القادمة

أعلنت يوم أمس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج الرسمية الأولية للدور الأول للانتخابات الرئاسية وأقرت كل النتائج

التي افرزها الصندوق معتبرة أن جملة الخروقات لا ترقى إلى أن تكون جرائم انتخابية من شأنها التأثير على نتائج الانتخابات وهكذا وبعد بعض الغموض والتشويق تأكد مبدئيا مرور قيس سعيد ونبيل القروي إلى الدور الثاني ،نقول مبدئيا لأن القرار النهائي تملكه المحكمة الإدارية في صورة حصول طعون من قبل أحد المترشحين .

لنترك الآن المسائل الإجرائية جانبا ولننظر إلى الانعكاسات المحتملة لديناميكية هذا الدور الأول على بقية الماراطون الانتخابي في التشريعية والدور الثاني للرئاسية.

ينبغي أن نفهم أن أكثر من نصف المترشحين (14 من أصل 26) قد تحصلوا على اقل من %1 من نسبة الأصوات وأن ثمانية منهم قد جمعوا حول أسمائهم اقل من عشرة آلاف صوت وهو الحد الأدنى المطلوب للتزكيات الشعبية بما يؤكد ما كررناه مرارا من عدم جدية جل هؤلاء المترشحين ومن التساؤلات المشروعة حول شفافية عملية التزكيات الشعبية .

في الديمقراطية الصندوق هو الذي يحسم لا فقط للحكم في الفائزين في مختلف الانتخابات ولكنه يقول أيضا حقيقة الأوزان الانتخابية لكل الأحزاب والشخصيات والتحالفات ،والسياسة في ما بعد تتأسس نظريا حول هذه الأحجام إما لتدعيمها أو لتغيير المعادلة من جديد.

لقد وأد الدور الأول للرئاسية أحلاما كبيرة في مختلف العائلات السياسية،وهذه الأحلام كانت مبثوثة في عدة عائلات فكرية وسياسية..

هنالك أكثر من عشرة قياديين من الصف الأول - إن لم يكونوا المسؤولين الأول- قد أخفقوا بوضوح في تحقيق الحد الأدنى الذي يمكن البناء عليه ونتحدث هنا بالخصوص عن كل قيادات اليسار من حمة الهمامي إلى منجي الرحوي الى عبيد البريكي كما نتحدث عن المهدي جمعة وعن المنصف المرزوقي ومحسن مرزوق ، رغم تنازله في الأخير لفائدة عبد الكريم الزبيدي ، والهاشمي الحامدي والياس الفخفاخ وسليم الرياحي وسلمى اللومي وسعيد العايدي .

لا يعني هذا أن كل هؤلاء قد انتهوا سياسيا ولكن يعني أنهم فشلوا بصفة هامة وحاسمة في أهم اختبار لهم واتضح أنهم (ورغم القيمة الاعتبارية لبعضهم) ليسوا في تناغم البتة مع انتظارات الناخب (ة) التونسي (ة) وانه من شبه المستحيل أن يتمكن هؤلاء والأحزاب التي يمثلونها من لعب دور يذكر في الانتخابات التشريعية القادمة وبالتالي من التأثير المؤسساتي على هذه الخماسية الجديدة..

هنالك حزبان راهنا كثيرا على هذه الانتخابات لإحداث نقلة نوعية في مسارها وهما التيار الديمقراطي والحزب الدستوري الحر ولكن نتائج قائديهما في الدورة الأولى للرئاسية تعتبر بدورها سلبية :%4.02 لعبير موسي و%3.63 لمحمد عبو ، والسؤال الوحيد الأساسي بالنسبة لهما هو حول إمكانية قيادة حزبيهما الى الإحراز على كتلة نيابية ولو كانت متواضعة العدد..

التحولات الكبرى في المشهد السياسي القادم ستلعب في ميادين أخرى لعل أولها في احتمال ظهور قوى جديدة فرضت نفسها بنسب متفاوتة في هذا الدور الأول للرئاسية والسؤال هو في مدى قدرتها على تحويل هذه النسب في الرئاسية إلى كتل وقوى فاعلة في التشريعية .

لا ندري إلى حد الآن هل سيسعى قيس سعيد ، صاحب المرتبة الأولى في هذه الدورة الأولى ، إلى توفير حزام برلماني له بواسطة قائمات مستقلة أو ائتلافية أم سيسعى فقط إلى الفوز بمقعد الرئاسة دون الاهتمام بتكوين أغلبية الحكم غدا..

الوضع بالنسبة للمترشح الثاني للدور الثاني نبيل القروي مختلف فهو سيسعى للفوز في السباقين بفضل حزبه «قلب تونس» وسيجد في طريقه بالأساس حركة النهضة في التشريعية وقيس سعيد في الرئاسية بما قد يفيد تموقعا جديدا محتملا لحركة النهضة لو ساندت بوضوح المترشح قيس سعيد..

إن وجود استقطاب ثنائي من صنف جديد مسألة واردة جدا خاصة لو سعى حزب « قلب تونس» إلى تركيز حملته على تقديم بديل عن حكم النهضة ..

ولعل أحد مفاتيح الخماسية القادمة هو الصراع القادم بين النهضة وقلب تونس وموازين القوى الانتخابية بينهما في التشريعية وقدرة كل حزب منهما على عقد التحالفات المخولة لحكم البلاد أو ربما التحالف بينهما بعد حملة استقطابية حادة ..

سؤال آخر له أهمية قصوى : كيف سيكون وزن كل الأحزاب المتفرعة عن النداء التاريخي من النداء الحالي إلى تحيا تونس فالمشروع وبني وطني؟ وهل ستتمكن كل هذه الأحزاب من الصمود ومن تكوين كتلة أو كتل نيابية مهما كان صغر حجمها أم ستندثر مؤقتا في انتظار القيادة الجديدة القادرة على تجميع كل هذه القوى المتناثرة ..

يمكن أن نقول أن أهم المنتصرين في هذا الدور الأول باستثناء قيس سعيد ونبيل القروي هم أصحاب المراتب السادسة والسابعة والثامنة وهم الصافي سعيد (%%7.11) ولطفي المرايحي (%6.56) وسيف الدين مخلوف (%4.37 ) ولهذا الثالوث فيما نعتقد دور هام

في مآلات الدور الثاني وربما بصفة اقل في المشهد البرلماني القادم ، ويمكن أن نضيف الى ذلك كل القائمات المستقلة والائتلافية والتي يمكن أن تستفيد من تراجع الإقبال على العروض الحزبية اذ لا يستبعد وجود العشرات من النواب المستقلين أو المنتمين إلى ائتلافات جديدة ..

مشهد مغاير تماما لكل ما تعودنا عليه منذ 2011 ولكن يخطئ من يعتقد بأن وجه السياسة وعمقها سيتغير فقط لأننا غيرنا جزءا هاما من اللاعبين ..

اللاعبون يتغيرون ولكن تبقى اللعبة هي هي كما كان يقول المناطقة ..

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115