أكدنا ذلك في مرار سابقة أن تكون الأولى في 27 أكتوبر والثانية في 24 نوفمبر وحتى إن حصل تغيير في آخر لحظة فسيكون بتقديم الموعد الأول لا بتأخيره ..
إذن تفصلنا سبعة أشهر وأيام قليلة عن انتخابات ستحدد مصير البلاد ووجهتها للسنوات الخمس القادمة ولكن يبدو – إلى الآن على الأقل – أن التونسيات والتونسيين لا يعتبرون أنفسهم معنيين تماما بهذه المواعيد المفصلية ..
البعض يعتقد أن المعركة الانتخابية قد حسمت قبل بدايتها وأن معالم المشهد القادم قد تحددت منذ الآن ..
الانتخابات كالمقابلات الرياضية قد تنطلق فيها بعض الفرق بحظوظ تبدو وافرة ولكن حقيقة الميدان سفهت أحلاما كثيرة وكذلك الأمر في الانتخابات فالانتصار فيها أحيانا يلعب على بعض الجزئيات وعلى تحرك جزئي في الرأي العام ..
الأمر الهام اليوم هو العمل على اكبر مساهمة ممكنة للناخبات وللناخبين.
نحن نعلم أن حوالي ثلث التونسيين الذين يحق لهم التصويت هم غير مسجلين في القوائم الانتخابية والمهمة الأولى والرئيسية اليوم لهيئة الانتخابات وللأحزاب وللجمعيات ولكل وسائل الإعلام هي تسجيل أقصى عدد ممكن من التونسيات والتونسيين وإقناع الجميع بأن الانتخاب حق لا ينبغي التفريط فيه وأن تغيير الأوضاع لا ولن يتم إلا عبر صندوق الاقتراع وان من يحرم نفسه من هذا الحق فقد حرم نفسه من التأثير على الأوضاع العامة للبلاد وبالتالي على أوضاعه الخاصة .
ينبغي أن نعلم أن إقناع هذا الثلث الذي لم يسجل بعد بضرورة التسجيل عملية صعبة ومعقدة فنحن إزاء الشرائح الاجتماعية والعمرية الأكثر عزوفا عن المشاركة السياسية بصفة عامة والأمر يزداد عسرا مع غلبة موجة التشاؤم عند جل التونسيين .. ولكن صعوبة المهمة لا ينبغي أن تدفعنا إلى اليأس في إقناع هذا الجزء من مواطنينا في ضرورة المشاركة والانخراط في العملية السياسية وبصفة عامة والعملية الانتخابية بصفة أدق..
والتحدي هنا مزدوج إذ نخشى أيضا من عزوف نسبة هامة من المسجلين فلا بد ان نقوم جميعا بإقناع بعضنا البعض بأنه لا بديل مطلقا عن الديمقراطية وعن صندوق الاقتراع ، وأن أمر هذه البلاد لا ولن يصلح بحكم استبدادي أيا كانت يافطته ، ولا معنى لديمقراطية دون مشاركة شعبية واسعة وواعية أيضا ..
في اعتقادنا هذه هي أولى وأهم «المعارك» التي ينبغي أن يتجند لها الجميع مع العلم انه ستكون أمامنا أسابيع قليلة لربح رهان التسجيل ثم لمحاولة ربح معركة المشاركة وهي «أم المعارك» في الانتخابات القادمة ..
بعد ذلك هنالك معارك السياسيين وحسابات النجاح والإخفاق بما يعنيه من تحالفات وصراعات وطموحات ..
لا جدال في أننا إزاء مشهد عادي في كل انتخابات عامة ولكن ما نخشاه هو غلبة السياسوي على السياسي والتكتيكي على الاستراتيجي..
نحن أمام مواعيد انتخابية حاسمة تستوجب من كل من يريد ان يحصل على ثقة التونسيين ان يقدم لكل الناخبات والناخبين تصوره لمشاكل تونس وللحلول التي ينبغي تطبيقها في الخماسية القادمة ..
نحن نحتاج لرفع مستوى النقاش ولحوار فعلي حول الاختيارات الكبرى للبلاد ، نريد صراع برامج وأفكار وتصورات وحلول عملية قادرة على التنفيذ والزمن الانتخابي يتقدم بسرعة فائقة ولا نعتقد انه من الجدي أن نترك هذا النقاش إلى الحملة الانتخابية التي بينت التجربة التونسية أنها ليست الفترة الملائمة لمثل هذا النقاش ..في المحصلة نحن أمام معركتين حاسمتين تتعلق الأولى بالمشاركة الشعبية عبر التسجيل أولا والتصويت ثانيا ومعركة ثانية نريدها حول أفكار ومشاريع وحلول عملية ، هذا بالطبع لو أردنا تجسير الهوة بين التونسيين ونخبتهم السياسية وإعادة الثقة في كل العملية الديمقراطية ..
مستقبل تونس وديمقراطيتها مرتهن بربحنا لهاتين المعركتين الأساسيتين ..