الدستورية للانتخابات التشريعية والرئاسية في نهاية هذه السنة .
لنبدأ بالتواريخ أولا .
ينص الدستور بصريح العبارة أن الانتخابات ينبغي أن تحصل خلال الستين يوما الأخيرة من العهدة الانتخابية وبما أن رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي قد أدى القسم أمام مجلس نواب الشعب يوم 31 ديسمبر 2014 فيكون إذن موعد الدور الأول للرئاسية ما بين غرة نوفمبر و30 ديسمبر 2019 وبما أن جلسة أداء القسم للنواب المنتخبين كانت يوم 2 ديسمبر 2014 فيكون تبعا لذلك موعد الانتخابات التشريعية ما بين 3 أكتوبر و1 ديسمبر 2019 وباعتبار ضرورة أن يفصل شهر كامل على الأقل بين الموعدين فالانتخابات التشريعية ستحصل ضرورة خلال شهر نوفمبر القادم على الأقصى والمحبذ أن يحصل ذلك خلال شهر أكتوبر حتى نتمكن من إجراء دورتي الانتخابات الرئاسية قبل موفى هذه السنة ..
نذكر بهذه المواقيت التي ضبطها الدستور بصفة لا تقبل الجدل أو التأويل لكي تحزم البلاد أمرها وتستعد بالجدية الكافية لهذه الاستحقاقات الجوهرية ..
وأول الاستعداد ينبغي أن يبدأ بتسوية وضعية هيئة الانتخابات بالتجديد الثلثي لأعضائها وانتخاب رئيس جديد لها بعد استقالة رئيسها الحالي التي مر عليها حوالي نصف السنة !!
لسنا ندري هل تريد الأحزاب الممثلة في البرلمان احترام المواعيد الدستورية أم لا ؟ وهل تريد استكمال المحكمة الدستورية ام ستدعها الى ما بعد الانتخابات القادمة ؟ وهل سيتغير القانون الانتخابي بإقحام العتبة أم لا ؟
نحن أمام أيسر الأسئلة ورغم ذلك لا نجد لها إلى حد الآن الأجوبة الضرورية ولا نرى عند منظومة الحكم بمعناها الواسع عزما قويا على المضي قدما ونقصد هنا الكتل الأربع: النهضة والائتلاف الوطني والمشروع ونداء تونس ايضا رغم معارضته الشديدة للحكومة ولكنه مكون أساسي من مكونات منظومة الحكم .
ينبغي أن ندرك أن للانتخابات مناخات ضرورية مؤسساتية واجتماعية وسياسية ، فإن تعطلنا في الدائرة الأولى فكيف ننجح في البقية ؟
كل ما نخشاه ان احتداد الصراع السياسي بين رأسي السلطة التنفيذية وبامتداداتهما الحزبية : النداء ومشروع يوسف الشاهد قد يفضي إلى وضع المصالح الوطنية بين قوسين لأنه صراع قد يأتي على الاخضر واليابس وكل اللكمات فيه مباحة وكل طرف يوظف ما أمكن له من أجهزة الدولة للاستقواء بها على الآخر : النداء بالمبادرات السياسية للقصر ومشروع الشاهد بالاستناد إلى وجود زعيمه في دفة الحكم ..
توظيف أجهزة الدولة لا يقتصر فقط على استعمال وسائلها المادية بل يتجاوزه إلى الاعتماد على سلطتها المادية والمعنوية بما قد تجوزه الديمقراطية أحيانا وبما لا تجيزه مطلقا كما حصل في مسار «التوريث الديمقراطي» وخاصة أثناء سنوات 2015 و2016 و2017 وما يحصل منذ أشهر باستعمال رئيس الحكومة وأنصاره موقعه في الحكم لخدمة مشروعه السياسي وكان الأجدر به الاستقالة من منصبه والتقدم إلى الناس دون بهرجة الحكم لاسيما وانه لم يحصل على تفويض شعبي في البداية ليستمر في الحكم إلى نهاية هذه العهدة..
نحن على بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية ولا يبدو أن معضلات تونس الأساسية ستكون في محور النقاش السياسي القادم ..
بداية هذه السنة السياسية الأساسية تأرجحت بين حرب المواقع وحرب الوجود أي النفي المتبادل بين الشقين اللدودين بما يعمّق نفور التونسيين من السياسة والانتخابات باعتبارها مرتهنة بآلات ضخمة همها الوحيد الوصول إلى الحكم ثم البقاء فيه بأي ثمن ..
وفي المقابل نجد بعض التحركات والمبادرات التي مازالت محتشمة ولكن لا نرى بعد أن النخب السياسية ، إجمالا ، قد استوعبت كل دروس إخفاقاتها أو نجاحاتها الجزئية ..
ولكن الزمني السياسي الذي تحدثنا عنه متداخل في هذه السنة الحاسمة مع الزمن الاجتماعي بل متداخل بدرجة غير مسبوقة في تاريخ البلاد خاصة وان اتحاد الشغل قد أعلن في آخر مناسبة بأنه معني بالانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة بأشكال لم تتضح بعد..
ويبدو كذلك أن هذه السنة قد استدعت البعد القضائي أيضا بدءا بمسألة التنظيم السري لحركة النهضة ثم اتهام الأمين العام لنداء تونس رئيس الحكومة بتنظيم انقلاب ، ولا نعتقد أن هذا المسلسل سينتهي عند هذا الحد بل لعلنا ننزل فيه درجات إلى تحت باستعمال «ميليشيات» الفايس بوك وخلق الاشاعات لتشويه المتنافسين ..
نعود إلى نقطة البداية في كل حال : أزمة تونس الأساسية هي أزمة قيم قبل كل شيء ..